حضارة وتاريخ

حقيقة هدم الكعبة

 

كتبت : خلود طلعت

هدم الكعبة جاءت به أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم من كتب السنة، وهو في الأشهر أنه في آخر الزمان، وإن اختلف في تحديد هذا الزمن، والأولى عدم التعرض لتحديد الزمن، لأنه من الغيب الذي لم نكلف بالسؤال عنه، على أنه تجب الإشارة أن هذا يكون في آخر الزمان، حيث تقوم الساعة على شرار الناس.

قال الإمام ابن حجر في فتح الباري –باب هدم الكعبة: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فَيُخْسَفُ بِهِمْ: أي في آخر الزمان.

وفي رواية: يغزو جيش الكعبة، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم، ومناسبته لهذه الترجمة من جهة أن فيه إشارة إلى أن غزو الكعبة سيقع، فمرة يهلكهم الله قبل الوصول إليها وأخرى يمكنهم، والظاهر أن غزو الذين يخربونه متأخر عن الأولين.

وفي موطن آخر :

قوله: (يغزو جيش الكعبة) في رواية مسلم ” عبث النبي صلى الله عليه وسلم في منامه فقلنا له صنعت شيئا لم تكن تفعله، قال: العجب أن ناسا من أمتي يؤمون هذا البيت لرجل من قريش ” وزاد في رواية أخرى أن أم سلمة قالت ذلك زمن ابن الزبير، وفي أخرى أن عبد الله بن صفوان أحد رواة الحديث عن أم سلمة قال: والله ما هو هذا الجيش.

 

ويقول الشيخ عبدالله زقيل من علماء السعودية:

جاءت الأحاديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في بيان حال الكعبة في آخر الزمان وإليك نص الأحاديث:

‏1 – عَنْ ‏‏سَعِيدِ بْنِ سَمْعَانَ ‏‏قَالَ : سَمِعْتُ ‏‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏‏يُخْبِرُ ‏‏أَبَا قَتَادَةَ ‏‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ ‏: ‏يُبَايَعُ لِرَجُلٍ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ ‏‏وَالْمَقَامِ ،‏ ‏وَلَنْ يَسْتَحِلَّ ‏‏الْبَيْتَ ‏إِلَّا أَهْلُهُ ، فَإِذَا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا يُسْأَلُ عَنْ هَلَكَةِ ‏‏الْعَرَبِ،‏ ‏ثُمَّ تَأْتِي ‏الْحَبَشَةُ ‏‏فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَابًا لَا يَعْمُرُ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَهُمْ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَهُ .

رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك. وقال الشيخ شاكر والشيخ الألباني والشيخ الأرناؤوط: صحيح.

 

2 -و ‏عَنْ ‏‏سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ‏‏أَنَّ ‏‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏‏قَالَ ‏: ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:‏ ‏يُخَرِّبُ ‏ ‏الْكَعْبَةَ ‏ ‏ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ(لَهُ سَاقَانِ دَقِيقَانِ) ‏ ‏مِنْ ‏ ‏الْحَبَشَةِ . رواه البخاري ومسلم .

 

3 – ‏وعَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ ‏أَخْبَرَهُ ‏‏عَنْ النَّبِيِّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ ‏: ‏كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَنْقُضُهَا حَجَرًا حَجَرًا ‏. ‏يَعْنِي ‏‏الْكَعْبَةَ. رواه البخاري (1595) .

 

أفحج : قال ابن الأثير في النهاية (3/415) : الفحج تباعد ما بين الفخذين .

 

4 – ‏عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ‏قَالَ : ‏سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏يَقُولُ:‏ ‏يُخَرِّبُ ‏الْكَعْبَةَ ‏‏ذُوالسُّوَيْقَتَيْنِ ‏ ‏مِنْ ‏‏الْحَبَشَةِ،‏‏ وَيَسْلُبُهَا حِلْيَتَهَا وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا، وَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ ‏أُصَيْلِعَ ، ‏أُفَيْدِعَ ‏‏يَضْرِبُ عَلَيْهَا ‏بِمِسْحَاتِهِ ‏‏وَمِعْوَلِهِ.

 

ولكن هل هناك تعارض بين قوله تعالى: ” ‏أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ” [ العنكبوت : 67]، وبين الأحاديث الآنفة الذكر؟

قال الحافظ ابن حجر في الفتح

قِيلَ : هَذَا الْحَدِيث يُخَالِف قَوْله تَعَالَى: ” ‏أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ” [ العنكبوت : 67] ، وَلِأَنَّ اللَّه حَبَسَ عَنْ مَكَّة الْفِيل وَلَمْ يُمَكِّن أَصْحَابه مِنْ تَخْرِيب الْكَعْبَة وَلَمْ تَكُنْ إِذْ ذَاكَ قِبْلَة, فَكَيْفَ يُسَلِّط عَلَيْهَا الْحَبَشَة بَعْدَ أَنْ صَارَتْ قِبْلَة لِلْمُسْلِمِينَ ؟

 

وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ يَقَع فِي آخِر الزَّمَان قُرْب قِيَام السَّاعَة حَيْثُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْض أَحَد يَقُول اللَّهُ اللَّهُ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم ” لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الْأَرْض اللَّهُ اللَّهُ ” وَلِهَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَة سَعِيد بْن سَمْعَان ” لَا يَعْمُر بَعْده أَبَدًا ” وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ الْقِتَال وَغَزْو أَهْل الشَّامّ لَهُ فِي زَمَن يَزِيد بْن مُعَاوِيَة ثُمَّ مِنْ بَعْده فِي وَقَائِع كَثِيرَة مِنْ أَعْظَمهَا وَقْعَة الْقَرَامِطَة بَعْدَ الثَّلَاثمِائَةِ فَقَتَلُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَطَاف مَنْ لَا يُحْصَى كَثْرَة وَقَلَعُوا الْحَجَر الْأَسْوَد فَحَوَّلُوهُ إِلَى بِلَادهمْ ثُمَّ أَعَادُوهُ بَعْدَ مُدَّة طَوِيلَة , ثُمَّ غُزِيَ مِرَارًا بَعْدَ ذَلِكَ , كُلّ ذَلِكَ لَا يُعَارِض قَوْله تَعَالَى : ” ‏أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ” [ العنكبوت : 67] لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا وَقَعَ بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مُطَابِق لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” وَلَنْ يَسْتَحِلّ هَذَا الْبَيْت إِلَّا أَهْله ” , فَوَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ مِنْ عَلَامَات نُبُوَّته , وَلَيْسَ فِي الْآيَة مَا يَدُلّ عَلَى اِسْتِمْرَار الْأَمْن الْمَذْكُور فِيهَا . وَاَللَّه أَعْلَم .ا.هـ.

 

اختلافُ العلماءِ في تحديدِ زمن تخريب الكعبة:

لقد نقل المباركفوري محقق كتاب ” السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها لأبي عمر الداني ” (4/899) الخلاف بين العلماء فقال :

 

ووقع اختلاف بين العلماء في تحديد الزمن الذي يقع فيه تخريب الكعبة على عدة أقوال:

 

منها: أنه يقع في زمن عيسى عليه السلام ، وهو مروي عن كعب الأحبار، واختاره الحليمي، وذكره ابن كثير عن كعب، ثم عقب عليه بقوله: ” قلت : وتقدم في الحديث الصحيح: أن عيسى عليه السلام يحج بعد نزوله إلى الأرض.

 

وقيل: إنه يقع في زمنه، وبعد هلاك يأجوج ومأجوج، للحديث المذكور، ولما ثبت: ” لحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج “. ويمن أن يقال في الإجابة عنه: إن المراد بذلك ليحجن مكان البيت.

 

وقيل أيضا: إنه يقع قبل خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام ذكره القرطبي عن أبي حامد الغزالي.

وقيل: إنه يقع بعد خروج الدابة.

وقيل: إنه يقع بعد الآيات كلها قرب قيام الساعة حين ينقطع الحج، ولا يبقى في الأرض من يقول: الله، الله، ذكر هذا والذي قبله البرزنجي والسفاريني، وذكرا في تأييد الأخير أن زمن عيسى عليه السلام كله زمن سلم و بركة وأمان وخير، وأن البيت قبلة الإسلام، والحج إليه أحد أركان الدين، فالحكمة تقتضي بقاءه ببقاء الدين، فإذا جاءت الريح الباردة الطيبة ، وقبضت المؤمنين فبعد ذلك يهدم البين.

 

ونقل السفاريني عن الشيخ مرعي الكرمي كلاما طويلا في ذلك، خلاصته أن هدم الكعبة بعد الآيات كلها، ثم قال : وإن كان هذا لا يخلو من تأمل .

وذهب القرطبي وابن كثير إلى أن ذلك يقع بعد موت عيسى عليه السلام.

ويبدو لي أن الأنسب هو عدم التعرض لتحديد الوقت الذي يقع فيه هدم الكعبة لكون أحاديث الباب مطلقة، إلا أنه من كبرى العلامات التي تعقبها الساعة، لأنه جاء في حديث أبي هريرة: فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أحدكم عدد مرات هدم الكعبة كم عدد مرات هدم الكعبة كتابة حنين حجاب

 

آخر بناء للكعبة محتويات ١ الكعبة المشرفة ٢ كم عدد مرات هدم الكعبة ٢.١ هدم قبيلة قريش للكعبة ٢.٢ هدم عبد الله بن الزبير للكعبة ٢.٣ هدم أبو الطاهر القرمطي للكعبة ٢.٤ هدم السيول للكعبة الكعبة المشرفة سُميت الكعبة المشرفة نسبةً إلى شكلها المكعب أو بيت الله الحرام نسبةً إلى أن الله حرم فيها القتال، وهي قبلة المسلمين الثانية بعد بيت المقدس، فمن قصدها حاجاً أو معتمراً رجع كيوم ولدته امه، فهي أقدس مكان على وجه الأرض حسب العقيدة الإسلامية، وتقع وسط المسجد الحرام في الجهة الغربية من مكة المكرمة. لون الكعبة أسود، وبناؤها عالٍ يصل إلى خمسة عشر متراً، ولها باب، وكسوة من حرير خُطّ عليها آيات من الذكر الحكيم، وفيما يتعلق بنظريات بنائها، فإنّ الاعتقاد الأرجح بأن الملائكة هم من بنوا الكعبة المشرفة، وأن الله سبحانه أمر إبراهيم وابنه اسماعيل أن يرفعا قواعدها كما جاء في قوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 127]. كم عدد مرات هدم الكعبة أجمعت المصادر التاريخية والاسلامية أن عدد مرات هدم الكعبة أربعة، وهي على النحو الآتي: هدم قبيلة قريش للكعبة هدمت الكعبة المشرفة أول مرة على يد زعماء وتابعي قبيلة قريش المعادية للإسلام، وكان ذلك في السنة الخامسة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، والجدير ذكره أن هدمها لم يكن من باب العداء للاسلام؛ بل بهدف ترميمها بعد اشتعال النار فيها إثر قيام قريش بتبخيرها من جهة، وتأثرها بسيول عارمة من جهة أخرى. هدم عبد الله بن الزبير للكعبة هدمت الكعبة للمرة الثانية إبان عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وذلك على يد عبد الله بن الزبير بعد حربه مع يزيد بن معاوية، فبعث الخليفة عبد الملك الحجاج بن يوسف الثقفي على رأس ستة آلاف جندي، فضربوا يزيد وجيشه بالمنجنيق، وبعد انتصار ابن الزبير أمر بهدم ما تبقى من بناء الكعبة، ليعيد بناءها من جديد لتكون على قواعد البناء القديم في عهد النبي إبراهيم عليه السلام. هدم أبو الطاهر القرمطي للكعبة هدم أبو الطاهر القرمطي الكعبة للمرة الثالثة عندما هجم على الحُجاج بجيشه، فقتل منهم ثلاثين ألفاً داخل الحرم المكي، حيث قال قولته الشهيرة: “أنا، انا أخلق الخلق، وأفنيهم أنا”، وبعد أن انتهى القتال أمر أبو الطاهر أن تردم بئر زمزم بجثث القتلى، وسرق الحجر الأسود وكسوة الكعبة أيضاً، وظل الحجر بحوزته في البيت الذي بناه أبوه ما يزيد على عقد من الزمان. هدم السيول للكعبة المرة الاخيرة كانت قبل حوالي 600 عام من الآن، وذلك بسبب سيول عنيفة صدعت جدارها، وعليه فقد رممها السلطان العثماني مراد الرابع، وهو البناء القائم حالياً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights