حضارة وتاريخ

العيدية وأصلها وكيف كانت في العصور القديمة والإسلامي وكيف كان يتم الاحتفال بالعيد

 

كتب: احمد عثمان عوض

عُرفت مصر عبر تاريخها ومنذ آلاف الأعوام بالأعياد والمناسبات ومظاهر احتفالاتها المختلفة والتي أثرت واستمرت عاداتها حتى العصر الحديث، ويهل علينا عيد الفطر المبارك وهو أحد أكبر الأعياد الإسلامية التي عرفتها مصر، والتي ارتبطت بها عدد من العادات والتقاليد التي نراها حتى اليوم، ومن هذه العادات شراء الملابس الجديدة، وتوزيع الحلوى وغير ذلك من العادات التي لها أصل عبر التاريخ

 

تعتبر “العيدية” أحد أهم طقوس الاحتفال بالعيد، وهي ذات أهمية وقيمة كبيرة وخاصة بالنسبة للأطفال، الذين يتوقون للحصول عليها من عيد إلى عيد، باعتبارها مصدراً للسعادة والبهجة وتعكس روح العيد.

 

وبالرغم من أن مظاهر الاحتفال بالأعياد قد اختلفت بعض الشئ مع مرور الوقت، إلا أن “العيدية” ظلت محتفظة ببريقها وأصالة وجودها لقرون طويلة.

 

س./لكن هل سبق وأن تساءلت عن أصل “العيدية” وتاريخ ظهورها وسر ارتباطها بالاحتفال بكل من عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك؟

 

ج./إن كلمة “عيدية” مشتقة من كلمة “عيد”، وتعني “العطاء” أو “العطف”، وهي لفظ اصطلاحى أطلقه الناس على النقود والهدايا التى كانت توزعها الدولة خلال موسمي عيد الفطر وعيد الأضحى كتوسعة على أرباب الوظائف، وقد اختلفت الأسماء التي أطلقت عليها على مدار العصور.

 

وتشير روايات تاريخية إلى أنها ظهرت في مصر في العصر الفاطمي، وكانت تعرف بأسماء عدة آنذاك، من بينها على سبيل المثال “الرسوم” و”التوسعة”، وكان الفاطميون يحرصون على توزيع النقود والثياب على المواطنين خلال فترة الأعياد.

 

وظلت تلك العادة موجودة خلال العصر المملوكي أيضاً، لكنها كانت تعرف باسم مختلف، حيث كان يطلق عليها “الجامكية”، وهي كلمة تعنى “المال المخصص لشراء الملابس”، وبعد ذلك تم تحريفها لتصبح “العيدية”.

 

وكانت قيمتها تختلف بحسب المكانة الاجتماعية، فالبعض كانت تقدم لهم العيدية على هيئة دنانير ذهبية، فيما كان البعض الآخر يحصلون على دنانير من الفضة، أما الأمراء وكبار رجال الدولة فكانت تقدم لهم العيدية على هيئة طبق مملوء بالدنانير الذهبية بالإضافة إلى الحلوى والمأكولات الفاخرة، كهدية من الحاكم.

 

أما خلال العصر العثماني، فقد اختلفت طريقة تقديم العيدية بشكل كبير، إذ أنه بدلاً من أن يتم تقديمها للأمراء على هيئة دنانير ذهبية، أصبح يتم تقديمها في صورة هدايا ونقود للأطفال.

 

واستمر ذلك التقليد حتى وقتنا الحالي، لكن أصبح يتم تقديمها بطرق مبتكرة وجذابة تخطف الأنظار

العيد زمان كانت له مظاهر مختلفة‏رصدها المؤرخون‏,‏ ولكنها كانت تعكس الفرحة للناس في كل الأزمنة بالعيد‏,‏ وكان أكثر ما يلفت النظر هي كلمة عيد نفسها‏,‏ذ أنها تعني كثرة عوائد الله علي عباده من غفران الذنوب

 

وعن أصل العيد ومظاهره قديما: كلمة عيد تعود إلي كثرة عوائد الله علي عباده من غفران للذنوب, فعيد الفطر يأتي بعد صيام شهر رمضان المبارك, وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر, وبذلك فالعيد يأتي بعد العبادة والغفران, والعيد هو يوم الجائزة للعبد المؤمن الذي صام شهر رمضان إيمانا واحتسابا لوجه الله.

ويضيف الدكتور إبراهيم العناني عضو اتحاد المؤرخين العرب أن العيدية ترتبط بالعيد, والعيدية لفظ اصطلاحي أطلقه الناس علي كل ما كانت توزعه الدولة أو الأوقاف من نقود في موسمي عيد الفطر, وعيد الأضحي كتوسعة علي أرباب الوظائف, وكانت هذه العيدية تعرف بـ الرسوم في أضابير الدواوين, ويطلق عليها التوسعة في وثائق الوقف, وإذا كنا نقدم لصغارنا عيدية العيد هذه الأيام, فإن الفاطميين قد حرصوا علي توزيع العيدية مع كسوة العيد خارجا عما كان يوزع علي الفقهاء وقراء القرآن الكريم بمناسبة ختم القرآن ليلة الفطر من الدراهم الفضية, وعندما كان الرعية يذهبون إلي قصر الخليفة صباح يوم العيد للتهنئة كان الخليفة ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من منظرته بأعلي أحد أبواب قصر الخلافة, وقد أخذت العيدية الشكل الرسمي في العصر المملوكي, وأطلقوا عليها الجامكية, وكانت تقدم العيدية علي شكل طبق تتوسطه الدنانير الذهبية, ويحيط به الكعك والحلوي, وتقدم العيدية من السلطان إلي الأمراء وكبار رجال الجيش, وتقدر العيدية حسب الرتبة التي تقدم لها.

ويضيف الدكتور إبراهيم العناني أن الفاطميين أطلقوا اسم عيد الحلل علي عيد الفطر المبارك, حيث كانوا يتولون كساء الشعب, وخصصوا لذلك16 ألف دينار لتقديم الكساء للشعب في عيد الفطر المبارك, وذلك في عام515 هـ, أما بالنسبة للكعك فقد تم تخصيص عشرين ألف دينار, وتم إنشاء دار حكومية في العصر الفاطمي تحت اسم دار الفطرة التي كانت تعمل منذ شهر رجب حتي النصف من رمضان, وتستخدم مقادير هائلة من الدقيق والعسل والفستق المقشور, وكان أكثر من مائة عامل يتولون صنع الكعك.

 

قول شعراء العرب

هذا هو العيد فلتصفُ النفوس به

 

وبذلك الخير فيه خير ما صنعا

 

أيامه موسم للبر تزرعه

 

وعند ربى يخبى المرء ما زرعا

 

فتعهدوا الناس فيه: من أضر به

 

ريب الزمان ومن كانوا لكم تبعا

 

وبددوا عن ذوى القربى شجونهم

 

دعــا الإله لهذا والرسول معا

 

واسوا البرايا وكونوا فى دياجرهم

 

ـدرًا رآه ظلام الليل فانقشعا

 

هكذا وصف الشعر العربى القديم العيد وفرحته، ووصل الأرحام ولقاء الأصدقاء والأحبة، وحول العيد ومظاهر الاحتفال به عبر العصور يدور موضوعنا اليوم، لنتعرف كيف كان يحتفل من سبقونا بأعيادهم، رغم أن موضوع مثل هذا لهو غاية فى الصعوبة، حيث تكمن صعوبة البحث فى موضوع الاحتفالات فى أنها تمتد لحقب طويلة، وتتباين من جيل إلى جيل، وتتأثر بالمتغيرات الثقافية.

 

الاحتفالات فى العصر الجاهلى:

 

كانت الاحتفالات العامة فى العصر الجاهلى تقام بمكة المكرمة، فتضرب فيها الدفوف وتعزف المزامير، وقد اشتهر المكيون بالغناء منذ وقت مبكر، وكان للمترفين بمكة مجالس سمر، ينصبون لها الأرائك، ويمدون فيها الموائد، ويتفكهون بما طاب من ثمار الطائف، وكانوا يتخذون مجالس الشراب، ويستمعون فيها للشعر والقصص والغناء. وقد حفلت العديد من مصادر الأدب بهذه الأخبار مثل «العقد الفريد» لابن عبدربه، و«الأغانى» للأصفهانى.

 

كانت هناك عدة احتفالات تقام فى الأسواق الموسمية المشهورة. ففى مكة كان هناك سوق عكاظ، وسوق مجنة، وذى المجاز، حيث يجتمع الناس من الأعيان والشعراء للمفاخرة، فكانوا يتفاخرون بالنسب أو بالشرف أو بالخصال الحميدة كالكرم والجود والنجدة والمروءة. كما كان العرب يجتمعون فى تلك الأسواق للمنافرة، أى أنهم يتحاكمون فى النسب، كما حدث بين بنى أمية وبنى هاشم من منافرات مدونة فى مصادر الشعر العربى الجاهلى.

 

وضمن احتفالات المكيين فى الجاهلية، كان الناس يخرجون إلى بعض الأماكن لمشاهدة الألعاب التى يمارسها فتيان مكة، كما أنهم كانوا يجتمعون لمشاهدة السبق، وهو ما يكون بين الأفراس فى حلبات السباق، ومنها ما يكون بين الناس كالجرى، واستمر معظم ذلك فى الإسلام. لقد كان أهل مكة والمدينة يخرجون إلى عدة أماكن، يحتفلون بالسبق.

 

وأهل المدينة كانوا فى الجاهلية يحتفلون بيومين عندهم، كما كان يوم السبت معظمًا عند يهود المدينة، وهو بمثابة عيد أسبوعى. فعن أنس رضى الله عنه قال: «قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرًا منهما: يوم الفطر والأضحى». وكذلك عندما قدم النبى المدينة وجدهم يحتفلون بيوم عاشوراء. عن ابن عباس رضى الله عنه قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، وهذا يوم نجى الله بنى إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى. قال: فأنا أحقّ بموسى منكم، فصامه، وأمر بصيامه». وهذا اليوم كان اليهود بالمدينة يجعلونه كالعيد، وكان أهل خيبر يُلبسون أبناءهم ونساءهم أحسن اللباس فى ذلك اليوم.

 

فى صدر الإسلام

 

أما فى صدر الإسلام قد تغيرت مفاهيم المسلمين نحو اللهو والاحتفالات، وأصبحت محاطة بسياج فقهى شرعى، كما ألغى الإسلام بعض الأعياد الجاهلية. فالإسلام أجاز اللهو المباح، وجعل له ضوابط، وراعى العادات والتقاليد والأعراف، فتغيرت أفكار الناس الذين أسلموا، وبقدوم الإسلام، أصبح المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوى بالمدينة المركزين الدينيين اللذين كان يجتمع فيهما المسلمون لأداء الصلوات والجمع والجماعات وإقامة الاحتفالات بالأعياد والمناسبات. فقد كان يحدث بالمسجد النبوى، تبادل القصائد والشعر والمدح والرثاء، واستقبال وفود العرب.

 

قد احتفل المسلمون ومنذ صدر الإسلام وحتى الآن بالعيدين: الفطر والأضحى. وكانت مظاهر الاحتفالات فى مكة والمدينة تظهر فى لبس أجمل الثياب، ورفع الصوت بالذكر والتهليل والتسبيح والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر الفاكهى ما كان يفعله أهل مكة من احتفالات فى عيد الأضحى وأيام الحج تحت عنوان «ذكر التكبير بمكة فى أيام العشر، وما جاء فيه والتكبير ليلة الفطر وتفسير ذلك». وذكر أن الناس كانوا يكبرون الله فى الطرقات والأسواق وبمنى. كما ذكر البخارى «باب: التكبير أيام منى» أن عمر رضى الله عنه كان يكبر فى قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى من التكبير. كما كان المسلمون يحتفلون فى عيد الأضحى بذبح الأضاحى تعبّدًا لرب العالمين، وابتهاجًا بقدوم العيد.

 

احتفل المسلمون بالمدينة فى عهد رسول الله بإقامة بعض الألعاب، والحفلات الغنائية المباحة، وتجملوا وذبحوا الذبائح. أخرج البخارى حديث عن عائشة رضى الله عنها، قالت: دخل علىّ النبى صلى الله عليه وسلم وعندى جاريتان تغنيان بغناء بُعاث، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرنى وقال: أمزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأقبل عليه صلى الله عليه وسلم فقال: «دعهما». فلما غفل غمزتهما فخرجتا. فكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب. فإما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإما قال: «تشتهين تنظرين؟» فقلت: نعم. فأقامنى وراءه، خدّى على خدّه وهو يقول: «دونكم يا بنى أرفدة». حتى إذا مللت قال: «حسبك؟» قلت: نعم، قال: «فاذهبى».

 

العصر الأموى

 

كان المسلمون فى جميع الأمصار الإسلامية فى ظل الدولة الأموية، يقيمون احتفالات كبيرة فى عيدى الفطر والأضحى ويوم المولد النبوى، حيث كانوا يتزينون فى أعيادهم بأحسن الثياب، ويتسابق فرسانهم فى هذه الأعياد على الخيل، كما حرص الفرس على الاحتفال بأعيادهم القديمة وأبرزها النيروز والمهرجان.

 

واحتفل أهل الذمة بأعيادهم فى جو من الحرية والتسامح، وكان المسلمون يشاركونهم فى أعيادهم خاصة النصارى منهم، فقد كانت هذه الأعياد فرصة طيبة لنزهة المسلمين، وخاصة أن الأديرة كانت تحفل بالحدائق الغَنَّاء، والبساتين اليانعة.

 

وكان أبرز ما يميز الأعياد مواكب الخلفاء والولاة، وكانت المواكب معروفة عند ملوك العرب فى العصر الجاهلي، فلما ظهر الإسلام كان الخلفاء الراشدون يمشون بين الناس كسائر المسلمين، لا حرس أمامهم، ولا حاجب خلفهم، وأول من اتخذ المواكب ولاة الأمصار تقليدًا لحكام الروم والفرس حتى لا يشعر الأهالى بأنه تغير شيء مما اعتادوه من أبهة، وأقام معاوية حرسًا يرفعون الحراب بين يديه، أو يقفون بالسيوف عند المقصورة التى يصلى فيها خوفًا من الاغتيال، واقتدى به ولاته، فاتخذ زياد بن أبيه فى العراق رجالًا يمشون بين يديه بالأعمدة أو الحراب، ثم أصبح المسير بالحربة تقليدًا.

 

وكما ذكرنا ان الصيد كان من بين مظاهر الاحتفال بالأعياد فى الجاهلية، ولكنه كان قاصرا على صيد غزال أو طائر بالنبل أو الفخ، فلما اختلط المسلمون بالروم والفرس بعد الفتوحات الإسلامية اقتبسوا منهم كثيرًا من طرق الصيد والقنص، فاتخذوا الجوارح من الطير، وهى الباز والشاهين والعقاب والصقر، وعلموها صيد الطير، واقتنى العرب الفهود والكلاب لصيد الغزلان وحمر الوحش.

 

وكذلك سباق الخيل أيضا أحد مظاهر هذه الاحتفالات فى الدولة الأموية، وكان السباق عادة شائعة بين الأمم المعاصرة للعرب الأقدمين، وكان العرب فى العصر الجاهلى يتسابقون بخيولهم ويتفاخرون بذلك، وأصبح سباق الخيل من أبرز وسائل التسلية فى المجتمع العربى الإسلامى، خاصة فى عهد الخليفة الأموى هشام بن عبدالملك، فقد أقام عدة حلبات للسباق، وكان يستجيد الخيل للسباق ويبذل فى اقتنائها الأموال، اشترك فى السباق فى عهده نحو أربعه آلاف من خيله وخيول الأمراء، وكان له فرس نال شهرة كبيرة اسمه «الزائد»، ومن الخلفاء الذين لم يهتموا بالسباق الخليفة الأموى عمر بن عبدالعزيز، فقد بعث إلى ولاته بالأمصار الإسلامية ينهاهم عن «ركض الخيل فى غير حق».

 

وبينما كان المسلمون فى صدر الإسلام يتوخون الخشونة فى العيش، والتعفف فى الطعام والملبس، فإنهم بعد الفتوحات الإسلامية، واستقرار الفاتحين فى الأمصار التى كانت خاضعة للفرس والروم، فقد تأثر العرب بما شاهدوه من حضارة ومدنية، وأقبلوا فى العصر الأموى على الوشى الذى كان يجلب من اليمن والكوفة، فاتخذ الناس منه جلبابًا وأردية وسراويل وعمائم وقلانس، وقد بلغ من ولع الخليفة سليمان بن عبد الملك بالوشى أنه كان لا يدخل عليه رجل من أهل بيته وعُمَّاله وأصحابه إلا فى الوشى.

 

وقد اختلفت ملابس العرب والمسلمين باختلاف مهنهم، ودرجاتهم الاجتماعية، وثرائهم.

 

وتميزت الملابس فى العصر الأموى بالطراز، فقد كان من عادة الأكاسرة أن يرسموا أسماءهم أو علامات تميزهم فى طراز أثوابهم بخيوط الذهب، وجاء الخلفاء الأمويون فاكتفوا بكتابة أسمائهم، وكان للخلفاء والولاة دُورٌ مُعدَّة لنسج أثوابهم فى قصور تُسمَّى دور الطراز، وكان الولاة والجند يرتدون زيًّا طُرز عليه اسم الخليفة، وكان إذا رفع الوالى راية العصيان أزال اسم الخليفة من ردائه.

 

العصر العباسى

 

ولأن الاحتفالات، خصوصا الاحتفال بالأعياد والمناسبات الرسمية التى ترعاها الدولة، تعبر عن مدى تمدن هذه الدولة أو تأخرها، كذلك يعبر الشكل الاحتفالى بالمناسبات المختلفة على مدى ترابط الشعب المعين أو تفككه، وهل هو نسيج واحد أم مجموعات متناحرة، فنجد أن الدولة الإسلامية سواء كانت سنية أو شيعية فى عصر الازدهار الحضارى لم تكن تفرق بين مواطنيها فى الاحتفالات الدينية، فكما تحتفل الدولة العباسية بعيد الفطر والأضحى تحتفل أيضا بعيد النوروز الفارسى، وكذلك الدولة الفاطمية، كما تحتفل برأس السنة الهجرية تحتفل بعيد المسيح وخميس العهد.

 

واهتم المسلمون منذ عهد بعيد بالاحتفال بأعيادهم خاصة عيد الفطر وعيد الأضحى بشكل كرنفالى فيه أبهة وعظمة، وكانوا يحتفلون برمضان احتفالا خاصا، ويتخذون غرة رمضان من المواسم الدينية، كما كانوا يحتفلون بالعيدين احتفالا دينيا، فيؤم خلفاء المسلمين الناس فى الصلاة ويلقون عليهم خطبة فى فضائل العيد، وما يجب على المسلمين مراعاته للمحافظة على شعائر الإسلام، ولا عجب فقد كانت مظاهر الإسلام تتجلى فى الاحتفال بالعيدين فى البلاد الإسلامية، خاصة فى بغداد وبيت المقدس ودمشق والقاهرة.

 

كانت المدن الإسلامية كبغداد فى عهد العباسيين والقاهرة فى عهد الفاطميين تسطع فى أرجائها الأنوار فى ليالى العيد، وتتجاوب أصوات المسلمين بالتكبير والتهليل، وتزدحم الأنهار بالزوارق المزينة بأبهى الزينات، وتسطع من جوانبها أنوار القناديل، وتتلألأ الأنوار الخاطفة للأبصار من قصور الخلافة، وقد لبست الجماهير فى بغداد وغيرها من المدن الإسلامية التابعة للدولة العباسية للطيالسة السود تشبها بالخلفاء العباسيين الذين اتخذوا السواد شعارا لهم، وكان بعضهم يتخذ بدل العمائم قلانس طويلة مصنوعة من القصب والورق مجللة بالسواد، ويلبسون بدل الدروع درعات كتب عليها «فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم».

 

ولم يقتصر احتفال الخلفاء العباسيين على العيدين، بل شمل الأعياد الفارسية القديمة: كالنيروز والمهرجان والرام التى أصبحت فى العصر العباسى من أهم أعيادهم الرسمية، وكانت عظمة الخلفاء العباسيين وأبهتهم تتجلى فى الاحتفال بالعيد، واتجهت سياستهم إلى اجتذاب الشعب على اختلاف طبقاته بالعطايا والأرزاق والهبات والموائد التى كانوا يمدونها فى الأعياد والمواسم، خاصة فى أول العام الهجرى، وفى مولد النبى صلى الله عليه وسلم، ومولد الخليفة الجالس على العرش، وفى غرة رمضان، وأيام النيروز والمهرجان والرام، كما اعتنوا بالاحتفال بعيد الفطر والأضحى عناية خاصة.

 

كان الخلفاء عامة والفاطميون خاصة يحتفلون بعيد الفطر الذى كانوا يتبركون به وتعم خيراتهم على الناس فيه، فمن هذه الخيرات توزيع الفطرة، والكسوة وعمل الموائد وركوب الخليفة لصلاة العيد، وكان هؤلاء الخلفاء يهتمون بالاحتفال بعيد الفطر فى العشر الأخير من شهر رمضان، واتخذ الفاطميون فى القصر بابا أطلقوا عليه «باب العيد»، لأن الخليفة كان يخرج منه فى يومى العيد إلى المصلى، شرقى القصر الكبير فى الفضاء الذى تشغله الآن قرافة باب النصر خلف حى الحسينية.

 

كذلك اهتم العباسيون بالنوروز فى أول العام والمهرجان فى آخره، كما كانوا يحتفلون بسائر الأعياد الفارسية القديمة التى أصبحت فى العصر العباسى من أهم أعياد المسلمين الرسمية، وقد جعل العباسيون النوروز عيدا قوميا يتهادون فيه ويقيمون الولائم والحفلات، كما اتخذوا من النوروز موعدا لجمع الخراج.

 

ولمصر منذ القدم نوروز خاص يسمى النوروز القبطى، وهو أول السنة القبطية، وفى مستهل شهر توت توقد النيران فى ليلة النوروز ويرش الماء فى الشوارع، وتوزع الكسوة على رجال الدولة وعلى أولادهم ونسائهم، وتوزع الرسوم التى جرت العادة بتوزيعها عليهم، كما يتبادلون الهديا فى هذا اليوم.

 

واستمر النوروز فى العهد الإسلامى إلى أن فتح الفاطميون مصر، فاهتموا بالاحتفال بهذا العيد، ويقول المقريزى فى خططه ج ١ ص ٤٩٣ «زاد اللعب بالماء ووقود النيران، وطاف أهل الأسواق، وعملوا فيلة، وخرجوا إلى القاهرة بلعبهم، ولعبوا ثلاثة أيام، وأظهروا السماجات والحلى فى الأسواق، ثم أمر المعز بالنداء وبالكف، وألا توقد نار ولا يصب ماء، وأخذ قوم فحبسوا، وأخذ قوم فطيف بهم على الجمال».

 

وفى عهد الفاطميين أيضا كانت هناك عدا مواكب الخلفاء أيام السبت والثلاثاء، وأيام الجمع ويومى العيدين، أيام دينية أخرى، فكانوا يحتفلون برأس السنة الهجرية ويوم عاشوراء والمولد النبوى ومولد على بن أبى طالب رضى الله عنه ومولد الحسين ومولد فاطمة ومولد الخليفة القائم على الأمر وليلة أول رجب وليلة نصف شعبان وغرة رمضان وجبر الخليج ويوم النوروز ويوم الغطاس ويوم ميلاد المسيح وعيد النصر وخميس العهد.

 

العصر المملوكى والعثمانى

 

ومن أهم مظاهر الاحتفال بالعيد هى «العيدية» والتى كانت تسمى فى عهد العباسيين والفاطميين «الفطرة» نسبة لعيد الفطر وكانت تعطى على هيئة طعام وحلويات، ولكنها أخذت الشكل الرسمى فى العصر المملوكى، وأطلقوا عليها «الجامكية»، وكانت تقدم العيدية على شكل طبق تتوسطه الدنانير الذهبية، ويحيط به الكعك والحلوى، وتقدم العيدية من السلطان إلى الأمراء وكبار رجال الجيش، وتقدر العيدية حسب الرتبة التى تقدم لها.

 

وفى العصر العثمانى تم استعادة بعض مظاهر احتفال العباسيين والفاطميين، فكان يبدأ الاحتفال الرسمى بعد فجر يوم العيد، حيث يصعد كبار رجال الدولة إلى القلعة ويمشون فى موكب أمام الباشا من باب السرايا «قصره» إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون فيصلون صلاة العيد ويرجعون ثم يهنئون الباشا بالعيد وينزلون إلى بيوتهم فيهنئ بعضهم بعضا.

 

وتنتشر الألعاب فى الشوارع ويخرج الناس للتنزه فى النيل والحدائق بعدما يقومون بصلاة العيد وتوجيه التحية لبعضهم البعض حيث تمتلئ الطرقات والمتنزهات فى هذا اليوم للاحتفال.

 

ولم تختلف مظاهر العيد اليوم عن سابقتها فى الدولة الإسلامية إلا فى أمور التقدم التكنولوجى وزيادة أماكن اللهو والاحتفال وتطورها، فما زالت العيدية تعطى، وما زال يوزع الكعك والبسكويت على الجيران والأقارب

 

العيد.. أهلاً بفِطْرٍ قد أضاء هلالُ

 

العيد.. أهلاً بفِطْرٍ قد أضاء هلالُه

 

حين يأزف هلال شهر رمضان على الرحيل، ينبري المؤذنون بالتوحيش لأيامه المباركة والتحسر على وداعه كونه شهر الله الذي يجزي عباده الصائمين على صيامهم وقيامهم وعباداتهم، فإنّ ثمة ترحيباً يجري من جانب آخر في هذه الأيام المباركة للترحيب واستقبال شهر شوال الذي يحمل في أيامه بشائر الفرح بعيد الفطر السعيد على الصائمين والمسلمين كافة.

وقد حفلت مظان التاريخ والأدب العربي بفيض من الإشارات والحكايات عن هلال عيد الفطر، حيث أشارت الروايات التاريخية بأنه كان من أحب الأهاليل

 

ولم تقتصر العديه علي الأطفال فقط ولكن علي الكبار وعامه الشعب

 

واخيرا ما قاله د.محمد الجزيري ((((ان محمد علي كان في ليله العيد يوزع المشروب الرسمي الدوله وهي القهوه في ميدان خلف القلعه وكان يقيم الاحتفالات وفي يوم العيد يوزع العديه وهو جالس علي الكرسي الموجود حاليا علي الوزراء))))

المصادر .

د.محمد الجزيري

كتاب تاريخ الدوله الاسلاميه

ويكيبديا

مقال عن احتفال الفاطميين في العيد

د. عبد الغني زهره

ويوجد مصادر سماعيه مقوله من بعض العلماء والباحثين الاثريين وأكثر من دكتور

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights