
بقلم/ وجيه الصقار
لفت اختفاء قطعة الإسورة النادرة المصنوعة من الذهب الخالص والمزينة بنقوش فنية دقيقة وألوان من اللازورد والفلسبار، تكشف مستوى الدولة المصرية فى الأسرة 21 والتى تمتعت بقوة عسكرية تحمى البلاد. كما ارتبطت بانتشار الرخاء والفنون الفرعونية الراقية وهى شاهد على مهارة الحرفيين القدماء وثراء هذه الأسرة فى عصر الملك بسوسنس الأول.
وبرغم ندرة هذه القطعة اختفت من داخل معمل الترميم بالمتحف المصري لغيبة التأمين، برغم أنها تزن 600 جرام. كما كشفت مجموعات الملك الكنوز التى لا تقل عن مجموعة “توت عنخ آمون الذهبية ” لكنها لا تجد اهتماما كافيا فى العرض والدعاية، فهى كنوز مطعمة بالذهب والفضة، والأحجار الكريمة مثل اللازورد، والمجوهرات الثمينة كالأساور والخواتم والقلادات، وكشفت ثراء الملك وقوة نفوذه. كما احتوت تماثيل صغيرة تمثل آلهة وأواني التجميل والبخور، وأسلحة مزخرفة وعربات صغيرة تجرها الخيول، فتؤكد ثراء الحياة الملكية في ذلك العصر، فضلا عن كنوز ترتبط بالتقاليد الدينية والفنية المصرية القديمة، وتماثيل أنوبيس، ورموزا تحمي الملك في العالم الآخر، ونقوشاً دينية وتمائم للحماية. وهذه الكنوز المكتشفة تعكس قيمة تاريخية كبيرة.للتاريخ المصرى الذى يتعرض حاليا للسرقات يوميا. فالملك بسوسنس الأول مصرى فرعونى والده كان “الكاهن الأعظم” للإله آمون، ووالدته هي هنوتتاوي بنت فرعون رمسيس الحادي عشر آخر فراعنة الأسرة العشرين. وهو ثالث ملوك الأسرة 21 في مصر القديمة، وحكم مصر نحو 50 عاما، أسس لنظام حكم قوي خلال تلك الفترة من مدينة تانيس بشرق الدلتا، وركز على حماية الحدود من الهجمات الخارجية، وبنى معابد ومقابر ملكية، وخصص جزءًا من حكمه لإعادة بناء المؤسسات الدينية والاقتصادية وتحقيق الرخاء للشعب. ومن أهم إنجازاته بناء معبد لطيبة وإقامة مقبرته الملكية، التي اكتُشفت محتوياتها كاملة فى عام 1940 وأُطلق عليه لقب “الفرعون الفضي” بسبب كمية الفضة الكبيرة التي عُثر عليها في قبره، والتي كانت الأكبر لفراعين تلك الفترة. وكان قوي البنية، توفي عن 80 عامًا.
الخلاصة أن سرقة القطعة الذهبية تكشف الاستهانة بالقيمة الأثرية والتاريخية لمصر وتراخ فى حمايتها، فضلا عن ضرورة تخصيص معرض خاص بمقتنيات هذا الملك الذي فاق توت عنخ آمون بمراحل. لماذا لانبرز أعماله قائدا وبطلا ونموذجا فرعونيا ناجحا حمى بلاده من أعداء الشرق وحقق الرخاء لشعب مصر .