” لعنة الميراث “
بقلـم : حـــاتم الخصــوصى
لا عجب من مظلوم بالأمس بات يشكوا للناس ضعفه ظل يطرق الأبواب ليل نهار كى يجد من يناصره ويرد له مظلمته وعندما حصل على حقه اطمان قلبه وهدأت نفسه بات يشعر بالرضا. وحينما دارت الأيام كبر واشتد عوده وأصبح للآخرين حقا شرعيا عنده جحد هذا الحق وأنكره ونسى ما تعرض له من مرارة الظلم. فلا عجب انها الدنيا رخيصة وغدارة ومتقلبة بطبعها فهى لا تدوم على حال. فحينما تطرق الأبواب تسمع أنين من خلفها. فالروايات مؤلمة والحكايات كثيرة وغريبة. فقد انتشرت فى نفوس البشر هذه الأيام أمراض كثيرة لعل أخطرها الطمع والجشع وقسوة القلب وموت الضمير فكل هذه الصفات الذميمة لا تعرف النفس السوية لها طريقا أبدا ولكنها حتما تسكن النفس المريضة التى تحالفت وعقدت صفقاتها مع الشيطان. وعلى الرغم من أن الأمراض العضوية قد يقتصر ألمها على فرد أو شخص بعينه لكن هذه الأمراض مداها أوسع بكثير فهى تمتد لتؤذى أعداد كبيرة من البشر بل يمكن أن تدمر أسر بأكملها. ولعل أشهرها فى هذا الزمان هو حرمان النساء من حقهن الشرعى فى الميراث فقد يطمع الأخ فى حق أخته ويحرمها من الميراث وقد يطمع الأب ويكتب كل أمواله رضاءا لابنه وقد تطمع الأم فى حق ابنتها لصالح الابن أيضا فهذا ظلم كبير يترك مرارة فى النفس لكل من وقع عليه ظلم ولم يستطع رد مظلمته ولم يجد من يسانده أو يأخذ بيده أويقف الى جواره. وقد يمتد الأمر الى أبشع من ذلك وأكثرها ضراروة وقسوة فبسبب الميراث يقتل الأخ أخاه ويقتل الابن أباه وأمه فهذه ظاهرة مرضية استعصت على الأطباء لأن علاجها ليس عضوى وإنما يكمن فى التقوى والخوف من الله والعودة الى كتابه وسنة نبيه. وليعلم كل ظالم متجبر سولت له نفسه ظلم أخيه وأكل أموال اليتامى بالباطل وامتلأت جيوبه بالمال الحرام أن الله يسمع ويري وأن الحساب آت لا محالة فعين الله لا تغفل ولا تنام. فليحاسب كل منا نفسه وليحذر كل انسان أن يظلم أخاه واياكم ودعوة المظلوم فأنها ليس بينها وبين الله حجاب. فالدنيا حقيرة وفانية ولا تستحق منا كل هذه الصراعات. فالكل سيرحل والكل سيموت وسوف ينصب الميزان ويسوف يحاسب كل منا على ما قدم إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا. فالكيس من جمح للنفس هواها وأقلع عن المعاصى ورد المظالم الى أهلها وليعلم كل انسان عاقل أن الظلم ظلمات يوم القيامة.