تحقيق : منصور عبد المنعم – إلهام حبيشي
باعة جائلين يفترشون قضبان السكك الحديدية مشهد إعتدنا أن نراه يومياً فى مركز فاقوس بمحافظة الشرقية ، أصبح هذا المشهد مألوف لأهالى المركز والمراكز والقرى المجاورة له ، تحت سمع وبصر المسئولين دون أن يحركوا ساكناً لمنع هذا ، ولكن مع حدوث أى حادثة تتعالى الأصوات برفض هذا المشهد الإعتيادى والمطالبة بمنعه وإخلاء القضبان من الباعة الجائلين وتتسارع الإقتراحات بإيجاد سوق بديل لهم ولكن سرعان ما تهدأ الأمور وتعود الأمور إلى ماكانت عليه من قبل .
صافرة قدوم القطار تملأ المكان ضجيجاً والجميع يجرى فى كل إتجاه والباعة الجائلين يسارعون بحمل ما يستطيعون حمله ليتركوا مكان للقطار القادم لكى يمر عليه ، والسيارات والتوك توك يحاولون المرور سريعاً قبل قدوم القطار بدقائق بل بثوانى ” كل هذا يمر أمام عينيك فى ثوانى معدودة وانت تقف على مزلقان السكك الحديدية بفاقوس .
ولكن المشهد الأطرف والأعجب هو قيام عامل المزلقان بإغلاق المزلقان عند رؤيته للقطار قادماً من بعيد ،ليحمى الأهالى من خطر القطار هذا هو الهدف من الإغلاق ولكن الواقع مختلف كثيراً ، فعامل المزلقان يغلق المزلقان على من فيه من باعئين الخضروات والمستلزمات المنزلية الذين إتخذوا قضبان السكك الحديدية مقر
لعرض بضائعهم .
رصدت كاميرا”الدليل نيوز” المشهد المعتاد لقدوم القطار والباعة الجائلين يهرولون لترك مكان له ليمرعليه ، ” متصوروناش حرام إنتم كده هتخربوا بيتنا إحنا غلابه ودى لقمة عيشنا علشان نفتح بيوتنا ونربى عيالنا ” بهذه الجملة إستقلبت إحدى بائعات الجرجير الكاميرا ،اضافت “انتم بتصورونا علشان يجى مجلس المدينة ويشيلنا إحنا غلابه ولو عندنا مكان تانى كنا روحناه ، إنتم متعرفوش إحنا بنعمل أيه علشان نجيب المكان ده ” .
بينما قالت ” س.م ـ بائعة ليمون ” أنا عارفه إن وجودى على القضبان والقطار بيعدى من جانبى غلط وخطر بس ما باليد حيلة ، أنا أرملة وعندى 4 أبناء وزوجى متوفى من 8 سنين وسايبلى واحد منهم “لحمه حمرا” كنت أعمل أيه جبت شوية ليمون وقعدت عليهم واللى بيطلع منهم باصرف على عيالى منه وربك اللى بيرزق .
وتوقفنا أثناء تجوالنا أمام بائع طيور إحدى قدميه مبتوره ، عندما سألناه ما السبب فى بتر قدمه قال إن إحدى عجلات القطار قد داست عليها ، وتبسم قائلاً ” الحمد لله إنى لسه عايش ” ، وعندما لاحظ التعجب على وجهنا إستطرد وقال ” إنتم مستغربين إن انا رجلى القطار كلها ولسه قاعد على القضبان ، طب أروح فين وافتح بيتى أزاى عندى ناس فى رقبتى ، وبعدين العمر واحد والرب واحد ومحدش بيعيش أكثر من عمره ” .
لم يقتصر الأمر عند إحتلال الباعة الجائلين للقضبان ، فعندما يرحلون ليلاً لبيوتهم يتركون خلفهم مخلفاتهم وقمامتهم ، فإن سلمت أرواح الباعة الجائلين من أن يصطدم بها القطار ، لن تسلم أرواح راكبى القطار .
بينما قال أحد أصحاب المحلات التى إستأجرها من مجلس المدينة ” أنا وأصحاب المحلات المستأجرة من مجلس المدينة نضطر لفرش بضاعتنا فى السوق ،لأن مداخل المحلات الخاصة بنا فى شوارع جانبية بعيدة عن أعين الماره ، وأضاف معندناش طريقة غير دى لفتح بيوتنا .
“يبقى الحال كما هو عليه ” هذه العبارة توضح الحال فى مزلقان فاقوس ، فمع كل حادثة تتعالى الأصوات للمطالبة بحل ولكن سرعان ما تهدأ مرة أخرى وتخفت من جديد .
ويبقى الأمل لدى أهالى فاقوس فى أن يسمع المسئولين نداءهم ويحاولون الوصول لحل لتلك الأزمة ،ويوقفوا نزيف الدماء التى تسيل كل يوم .