وما زالت أزمة فندق «وندسور» التاريخي مستمرة!!
- وصفه كاتب أمريكي بأعظم فنادق العاصمة التاريخية
- قطعة من التاريخ الحي في قلب القاهرة
- ميل 10 سم يهدد 120 عاما من التراث ويشرد 30 أسرة
مرت عدة أشهر على إغلاق فندق وندسور العريق بالقاهرة، دون تحرك أحد لإنقاذ 120 عامًا من الأصالة والتراث، وكذلك عماله الذين ينتظرون خارجه يراقبون المشهد، ومازال عدد من رجال الأمن والعمال التابعين للهيئة القومية لمترو الأنفاق جالسين في انتظار قرار استكمال أعمال الحفر أو توقفها نهائيًا، كما ينتظر أصحاب الفندق التقرير النهائي من مهندسي المركز القومي للبحوث الذي سيوضح حالة الفندق الفعلية.
بدأت القصة فى الثلاثين من سبتمبر الماضي، حينما شعر الموجودون بما يشبه الزلزال؛ فسارعوا إلى الفرار خارجه، يتملكهم الخوف والفزع ويبحثون عن تفسير لما حدث؛ حتى رأوا معدات حفر المترو التي تعمل بالخارج، تخرج من الأرض المجاورة للفندق.. وما هي إلا لحظات قليلة حتى ظهرت شروخ واضحة على جدران الفندق، وتبين حدوث ميل نحو 10 سنتيمترات في المبنى بالكامل. .. وتم نقلهم إلى فندق اللوتس التابع لإدارة الفندق.
وفي بداية ديسمبر الماضي قام مهندسون من المركز القومي للبحوث بمعاينة الفندق، ومنذ ذلك التاريخ توقفت أعمال الحفر في الجزء الخاص بالخط الثالث لمترو الأنفاق الذي يمر بتلك المنطقة، وانتهى المشهد بغلق الفندق وإجلاء النزلاء.
وكان القائمون على الفندق حرروا محضرًا بالوضع فى قسم الأزبكية، تولى محامى أصحاب الفندق نقله إلى إدارة الحى وشرطة السياحة ووزارة السياحة- وفق فيليب- ليتضح لاحقًا أن السبب فى هذه الأزمة هو إنشاءات المترو التى تسببت فى ميل نحو 10 سم بالمبنى، ثم دق ماسورة صرف المترو لاحقًا، متسببةً فى هبوط أرضى بالمنطقة المحيطة بالفندق وتأثر أساساته، وتقوم الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق بحقن حاليا أساسات الفندق لتأمينه ، وينتظر هذا التراث الآثري تقرير اللجنة الفنية تمهيدًا لأعمال الترميم.
يحكي وفيق دوس المالك الحالي لفندق وندسور: هنا في شارع الألفي خلف سينما ديانا، كانت حمامات الخديوي إسماعيل تقع مكان الفندق، ومع بداية عام 1900 اشترى الأرض مجموعة من الإيطاليين، ثم استأجرها مجموعة من الفرنسيين وقاموا بإنشاء الفندق بشكله الحالي. ثم اشتراه مدير فندق شبرد واستقر فيه فترة طويلة، وتحولت إدارة الفندق لإدارة سويسرية، والطراز الداخلي للفندق يحتفظ بالطابع السويسري حتى اللحظة، ومع بداية عام 1962 اشترته عائلة دوس المصرية بالكامل.
ويتكون الفندق من ستة طوابق بخلاف الطابق الأرضي ويضم غرف بإجمالي 51 غرفة، لكل منها ديكور خاص، ويتميز الفندق بديكور مميز للغاية، فكراسي الريسبشن عبارة عن براميل تم تقطيعها وأعيد توظيفها، أما الأسّرة الموجودة في الغرف شبيهة بالأسّرة الموجودة في المنازل لتعطي إحساسًا بالراحة والدفء.
- أعظم فنادق القاهرة التاريخية
شهد الفندق أحداثًا تاريخية، حيث أقام فيه مجموعة من الضباط الإنجليز واتخذوه ناديًا لهم خلال أحداث الحرب العالمية الثانية، وفي فترة بناء السد العالي في أسوان أقام فيه مجموعة من الخبراء الروس الذين كانوا يعملون في مشروع السد. كما أقام فيه المغني الفرنسي العالمي “جورج موستاكي”.
وشهد أيضًا تصوير أحداث العديد من الأفلام العربية والأجنبية منها أفلام “عمارة يعقوبيان”، “آيس كريم في جليم”، “كابوريا” للفنان أحمد زكي.
ووصفه الكاتب الأمريكي أندرو همفري بــ “أعظم فنادق القاهرة التاريخية” في مصر، كما اختاره ليكون مكانا لإقامة حفل توقيع كتابه الشهير الذي حمل نفس الاسم.
وهذا المكان الساحر جذب الكثير من المثقفين والشعراء من رواد منطقة وسط البلد أبرزهم الشاعر الخال عبد الرحمن الأبنودي ، هكذا أكد دنيال البارزي أحد المثقفين من خلال زيارته للفندق والتحدث للمدير.
- شخصيات عالمية
أما عن تسمية الفندق ، فـ وندسور القاهرة الوحيد من نوعه على مستوى العالم لا يقع ضمن سلسلة لنفس الاسم كما هو الحال في معظم الفنادق العالمية، ولكن يوجد عدة فنادق بالعالم بنفس الاسم تيمنا باسم وندسور بالاس قصر ملكة إنجلترا.
يذكر أن فصلًا من تاريخ الفندق ورد فى كتاب «مقتنيات وسط البلد» للأديب الراحل مكاوى سعيد، فيقول إنه كان فى السبعينيات والثمانينيات، أصبح وجهة للسينمائيين المصريين، الذى صكوا مصطلح «عضو نادى وندسور»، ومن أبرز رواده: محمود حميدة، وعاطف الطيب، والشاعر سيد حجاب، وممدوح عبدالعليم، وسعيد صالح.
ويقول وفيق دوس إن الفندق شهد وفود عدة شخصيات عالمية أشهرها المطرب الفرنسي الشهير جورج موستاكي ، والمخرج الأميركي مايكل بالين والمخرج عاطف سالم، كما تم تصوير فيلم النوم في العسل للفنان عادل إمام وكذلك فيلم الباحثات عن الحرية لمخرجته إيناس الدغيدي.
ويحكي «دوس» أن الخديوي إسماعيل كان مهتما بمنطقة وسط البلد، وأحضر معماريين من فرنسا وإيطاليا ليجعلوها طبق الأصل من الشانزلزيه في باريس، وبالطبع فندق وندسور جزء من المعمار الجميل في هذا الوقت، وكان مكانه حمامات الخديوي، ثم تحولت تلك الحمامات إلى (النادي الإنجليزي) وقت الحرب العالمية الثانية.
ويقول: ما زال الفندق يحتفظ بقيمته التاريخية، وكنا نقوم بترميم الأثاث فقط والمحافظة عليه، ونحاول الحفاظ على القيمة التاريخية للمكان قدر المستطاع.
وتتزين حوائط الفندق بالكثير من البراويز لكل من الشخصيات الشهيرة التي أقامت به أو قامت بزيارته، وقصاصات الصحف التي كتبت عنها، ومن ضمن تلك البراويز صورة لرحالة نرويجيين أقاموا في الفندق منذ أربعين عاما وقت تنقيبهم عن الآثار.