المسحراتي الحلقة الأولي عظماء الإسلام “بلال بن رباح”
كتب : أحمد عثمان عوض
عظماء الاسلام: باذن الله سوف نتكلم عن مؤذن الرسول ﷺ بلال بن رباح
كان بلال من السابقين إلى الإسلام ومن المستضعفين الذين عُذّبوا ليتركوا الإسلام حيث كان عبدًا لبني جمح من قريش، فعذبه سيده أمية بن خلف بعدما أعلن إسلامه، فاشتراه أبو بكر الصديق وأعتقه. اشتهر بلال بصبره على التعذيب، وقولته الشهيرة تحت التعذيب «أحدٌ أحد». ولما شُرع الأذان، اختاره النبي محمد ليكون مؤذنه الأول.
سيرته:
كان بلال بن رباح حبشي الأصل، قيل أنه من مولدي الحجاز،حيث كانت أمه «حمامة»أمة: لبني جُمح.
كان بلال من السابقين الأولين إلى الإسلام، وكان مستضعفًا كونه كان عبدًا لبني جُمح، فعُذّبَ بلال ليترك دين الإسلام فقد قال عبد الله بن مسعود: «أول من أظهر إسلامه سبعة رسول الله
وأبو بكر وعمار وأمه سمية وبلال وصهيب والمقداد. فأما رسول الله
، فمنعه عمه. وأما أبو بكر فمنعه قومه. وأُخذ الآخرون، فألبسوهم أدراع الحديد، ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ، فأعطوهم ما سألوا. فجاء كل رجل منهم قومه بأنطاع الأُدْم فيها الماء، فألقوهم فيه وحملوا بجوانبه إلا بلالاً. فلما كان العشي، جاء أبو جهل، فجعل يشتم سمية ويرفث. ثم طعنها، فقتلها فهي أول شهيد استشهد في الإسلام، إلا بلالاً فإنه هانت عليه نفسه في الله حتى ملّوه. فجعلوا في عنقه حبلاً، ثم أمروا صبيانهم أن يشتدوا به بين أخشبي مكة، فجعل بلال يقول: أحدٌ، أحد». وروى عامر الشعبي أن موالي بلال من بني جمح كانوا يضجعونه على بطنه، ويعصرونه، ويقولون له قُل دينك اللات والعزى، وكان الذي يعذبه أمية بن خلف، فيخرج به إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره، ثم يقول: «لا يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد»،فيأبى بلال ويقول: «ربي الله، أحدٌ أحد، ولو أعلم كلمة أحفظ لكم منها لقُلتُها»، فمر أبو بكر الصديق بهم، فاشتراه منهم لما أيسوا أن يردّوه عن دين الإسلام، فاشتراه منهم بأربعين أوقية من فضة، وقيل بسبع أواق من فضة، وقيل بخمس،وقيل بتسع أواق. ثم أعتقه، وقيل اشتراه من مولاه أمية بن خلف بعبد أسود مشرك.
هاجر بلال إلى يثرب، ونزل على سعد بن خيثمة،
وآخى النبي محمد بينه وبين عبيدة بن الحارث بن المطلب، وقيل بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح.وقد شهد بلال مع النبي محمد غزوة بدر، وقتل يومها أمية بن خلف مولاه السابق الذي كان يُعذّبه، كما شارك معه في باقي غزواته كلها،[3] وقد اتخذه النبي محمد مؤذنًا لما شُرع الأذان، فكان بلال أول من أذن، وهو أحد ثلاثة مؤذنين للنبي محمد مع أبي محذورة الجمحي وعمرو بن أم مكتوم، فكان إذا غاب بلال أذّن أبو محذورة، وإذا غاب أبو محذورة أذّن عمرو بن أم مكتوم. ويوم فتح مكة، أمر النبي محمد بلالاً بأن يعتلي الكعبة، ويؤذّن فوقها، ففعل.
لما توفي النبي محمد، أبى بلال أن يؤذن لأحد بعد النبي محمد، إلا مرة واحدة ناشدوه فيها أن يؤذّن، فأذن حتى بلغ قوله «أشهد أن محمدًا رسول الله»، فأجهش بالبكاء، وما استطاع أن يُتم الأذان.
وقد جاء بلال إلى أبي بكر الصديق يسأله أن يأذن له بالمشاركة في الفتوحات، فأبى أبو بكر، وقال له: «أنشدك بالله يا بلال، وحرمتي وحقي، فقد كبرت وضعفت، واقترب أجلي»، فأقام معه حتى وفاة أبي بكر، ثم أتى عمر بن الخطاب يستأذنه، فأبى عليه، فأصر بلال، فأذن له فخرج إلى الشام.
فنزل ومعه أبو رويحة الخولاني على بني خولان في داريا، فخطبا إليهم، فقالا: «إنا قد أتيناكم خاطبين، وقد كنا كافرين فهدانا الله، ومملوكين فأعتقنا الله، وفقيرين فأغنانا الله، فإن تزوجونا فالحمد لله، وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله»، فزوجوهما. وقيل أن النبي محمد زوّجه أخت عامر وعاقل وخالد وأياس بنو البكير الكنانية، وقيل بل تزوّج امرأة من بني زُهرة بن كلاب.
مكانته:
حظي بلال بمنزلة رفيعة عند النبي محمد، فقد روى أبو هريرة عن النبي محمد قوله لبلال عند صلاة الصبح: «حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام؛ فإني قد سمعت الليلة خشفة نعليك بين يدي في الجنة»، فقال بلال: «ما عملت عملاً أرجى من أني لم أتطهر طهورًا تامًا في ساعة من ليل ولا نهار، إلا صليت لربي ما كتب لي أن أصلي»، وروى أنس بن مالك عن النبي محمد قوله: «السُّبَّاق أربعة: أنا سابق العرب، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق الروم»، وروى عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن النبي محمد: «سادة السودان: لقمان والنجاشي وبلال ومهجع». وقال سعد بن أبي وقاص: «كنا مع رسول الله
ستة نفر، فقال المشركون: اطرد هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا، وكنت أنا وابن مسعود وبلال ورجل من هذيل وآخران، فأنزل الله
وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ
وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ».
ويروي يحيى بن سعيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب ذكر فضل أبي بكر، فجعل يصف مناقبه، ثم قال: «وهذا سيدنا بلال حسنة من حسناته»،كما كان عمر يقول: «أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا».
روايته للحديث:
لقد روي بلال بن رباح الكثير من الاحاديث عن رسول الله
ما رواه الإمام أحمد من حديث بلال -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يثوّب في الفجر.
ومنها: ما رواه أحمد أيضًا من حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفطر الحاجم والمحجوم.
وإن كان المقصود هو: هل وردت أحاديث في فضله؟
فالجواب على ذلك هو: نعم، ومنها: ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أريت الجنة، فرأيت امرأة أبي طلحة، ثم سمعت خشخشة أمامي، فإذا بلال. وفي صحيح ابن حبان عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه أن رسول الله سمع خشخشة أمامه، فقال: من هذا؟ قالوا: بلال، فأخبره، وقال: بم سبقتني إلى الجنة؟ فقال: يا رسول الله، ما أحدثت إلا توضأت، ولا توضأت إلا رأيت أن لله عليّ ركعتين أصليهما، قال صلى الله عليه وسلم: “بها”.
وقد روي عن بلال بن رباح الكثير من الاحاديث منهم:
عبد الله بن عمر وأبو عثمان النهدي والأسود بن يزيد النخعي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأسامة بن زيد وكعب بن عجرة وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي وأبو إدريس الخولاني وسعيد بن المسيب والحكم بن مينا وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام وأبو سعيد الخدري والبراء بن عازب والحارث بن معاوية وسهيل بن أبي جندل وسويد بن غفلة وشداد مولى عياض بن عامر وشهر بن حوشب وطارق بن شهاب وقبيصة بن ذؤيب ونعيم بن زياد وأبو زيادة البكري وأبو سلمة الحمصي وأبو عامر الهوزني
وفاته:
توفي بلال بالشام، ولكن اختلف في مكان وزمان وفاته، فقيل مات سنة 20ه بدمشق، ودفن بباب الصغير،وعمره بضع وستين سنة،وقيل مات سنة 21 ه_وقيل مات في طاعون عمواس سنة 17ه _ أو 18ه وقيل مات في داريا،وقيل مات بحلب،وهو ابن سبعين سنة.
ويُروى أنه لما حضرته الوفاة، قال: «غدا نلقى الأحبة محمدًا وحزبه»، فقالت امرأته: «واويلاه!»، فقال: «وافرحاه!». أما صفته، فقد كان رجلاً آدمًا شديد الأدمة، نحيفًا، طويلاً، أجنأ به حَدْب، له شعر كثير، خفيف العارضين، به شمط كثير، وكان لا يغير لون شيبته. وقد توفي بلال بن رباح دون أن يعقب.
اين نحن من هؤلاء العظماء …
شكرا للكاتب فنحن علينا أن نزيح التراب عن هؤلاء الذين لن نصل إلى واحد فى المئة من وعظمتهم