اللهم إنك عفو تحب العفو:
أفضل ذكرٍ في ليلة القدر اللهم إنك عفو تحب العفو، فقد سألت السيدة عائشة -رضي الله عنها- النبيّ عن ما أفضل ما تدعو ليلة القدر، حيث ورد: «قلتُ يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علِمتُ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فيها؟ قال: قُولي اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي»، وفيه إرشادٌ من النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لأمّ المؤمنين عائشة بترديد الدعاء الوارد في الحديث، ودليلٌ على أنّ ذلك الدعاء أفضل الأقوال في ليلة القدر، إذ إنه من أجمع الأقوال وأنفعها، يخرج من المسلم دون تكلّفٍ، ويحوي جوامع الكلم، وقريبٌ من إجابة الله تعالى.
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني.. معناه:
اللهم: كلمة تستعمل في النّداء مثل يا الله، للدلالة على تيقن المجيب بالإجابة.
عفو: ورد اسم الله تعالى العفُو في القرآن الكريم خمس مرات، أربع منها مع اسمه الغفور، ومرةٌ مع اسمه القدير، ومن ذلك قوله -تعالى- « فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا »، (سورة النساء: الآية 43)، وقوله – سبحانه-: « فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا»، ( سورة النساء: الآية 99).
كريم: وردت هذه الصفة في بعض روايات الحديث، والكريم من أسماء الله تعالى وصفاته، ورد في القرآن الكريم في موضعين، في قوله -تعالى-: «وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ »، ( سورة النمل: الآية 40)، وفي قوله – سبحانه-: « يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ »، ( ورة الإنفطار : الآية 6) ، وقال ابن منظور: الكَريم من صفات الله وأَسمائه، وهو كثير الخير، الجَوادُ المُعْطِي، الذي لا يَنْفَدُ عَطاؤه، وهو الكريم المطلق، والكَريم هو الجامع لأَنواع الخير والشّرَف والفَضائل، و هو اسم جامع لكل ما يُحمَد، فالله -عز وجل- كريم، حميد الفِعال، ورب العرش الكريم العظيم.
تُحب العفو: قال الخطّابي: العفو هو الصفح عن الذّنوب وترك مجازاة المُسيء، وقيل إن العفو مأخوذ من عفت الريح الأثر إذا درسَته، فكأنالعافي عن الذنب يمحوه بصفحه عنه، و الحكمة منه تخصيص اسم الله تعالى العفُوّ تأكيدًا لمكانة هذه الليلة المباركة، التي يعفو الله تعالى فيها عن العباد، إحساس العبد بالذنب واعترافه بالخطأ والتّقصير يجعله يتضرّع إلى الله تعالى بطلب العفو.
والعفوُ أقلُّ من الصفحِ، لأن الصفح أبلغ من العفوِ، والصفحُ لا تأنيب معه، فقد أعفو عن إنسان وأُؤنِّبه، وقد يعفو إنسانٌ ولا يصفح، ومعنى العفوُّ أي الذي يمحو السيئات، ويتجاوز عن المعاصي، وهو قريبٌ من اسم الغفور ولكنّه أبلغ منه، لأنّ الغفران ينبّئ عن الستر، والعفو ينبئ عن المحو، والمحو أبلغ من الستر، فالعفو في حق الله عز وجل عبارة عن إزالة آثار الذنوب بالكلية، قال – تعالى-: «فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ»، سورة الفرقان: الآية 70).
التماس ليلة القدر:
كان دأب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- التماس ليلة القدر في العشر الأخيرة من شهر رمضان، فلقد كان يشد مئزره كما ذكرت السيدة عائشة – رضى الله عنها- ويتفرغ للعبادة ويجتهد فيها أيما اجتهادٍ، وذلك لنيل فضائل ليلة القدر العظيمة، ولقد سميت ليلة القدر بهذا الاسم لقدرها العظيم في ميزان الله تعالى، إذ إن الله -سبحانه- يُنزل على عباده الرحمات، ويأذن للملائكة أن تتنزل إلى الأرض، كما يفصل الله -تعالى- فيها أقدار البشر إلى سنتهم القادمة، فينزل أقدارهم وأرزاقهم وآجالهم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ومن أعظم فضائل ليلة القدر كذلك أنّ العبادة فيها مضاعفةٌ أضعافًا كثيرةً، فعبادة هذه الليلة خيرٌ من عبادة ألف شهرٍ كما ذكر الله -تعالى- في القرآن الكريم.
الأعمال الصالحة في ليلة القدر:
كانت وصية النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لمن أدرك ليلة القدر أن يُكثر من الدعاء المذكور آنفًا، ويجب على المسلم أن يعلم قيمة هذا الدعاء وفضله عند الله -تعالى-، فلا يستقل في قوله وكثرة ترديده طوال ليلة القدر، فمن من الله -تعالى- عليه بالعفو والعافية نال خيري الدنيا والآخرة بإذن الله، ولا شك أن هناك عباداتٌ أخرى من الخير أن يجتهد فيها العبد إن أدرك ليلة القدر، منها: القيام والصلاة، ففي ذلك فضلٌ عيظمٌ، وكذلك قراءة القرآن الكريم، وكثرة الذكر، وغير ذلك من الأعمال الصالحة.
دعاء لإدراك ليلة القدر:
« اللهم بلغنا ليلة القدر لا فاقدين ولا مفقودين ووفقنا فيها للدعاء المستجاب وفعل الطاعات».
«اللهم بلغنا ليلة القدر وأرزقنا قيامها على الوجه الذي يرضيك عنا اللهم انك عفو تحب العفو فاعفو عنا يا الله و اعتق رقابنا من النار».
« اللهم إنّا نستعينك ونستهديك، ونستغفرك ونتوب إليك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك».
« اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون، ونعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون».
« اللهم أحسن عاقبتنا بالأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض، لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض، لك الحمد أنت الحق، وقولك الحق، ودعاؤك حق، نسألك اللهم أن تغفر لنا وترحمنا رحمة من عندك تغنينا بها عن رحمة من سواك، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك».
دعاء ليلة القدر:
« اللهم أنت ربنا لا إله إلا أنت خلقتنا ونحن عبيدك، ونحن على عهدك ووعدك ما استطعنا، نعوذ بك من شر ما صنعنا، نبوء لك بنعمتك علينا، ونبوء بذنوبنا فاغفر لنا فإنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت».
« اللهم أكتبنا من عتقائك من النار، اللهم اعتق رقابنا من النار، اللهم اعتق رقابنا من النار، يا عزيز يا غفار، اللهم برحمتك وفضلك أصلح أحوال المسلمين، أصلح أحوال أمة سيد المرسلين، اللهم آمنهم في أوطانهم، أصلح أحوالهم، أرخص أسعارهم، ولّي عليهم خيارهم، اكفهم شر شرارهم، يا ذا الجلال والإكرام اغفر لنا يا إلهنا، وارحمنا فإنّك بنا راحم، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، هب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهاب، اصرف عنا عذاب جهنم، ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غرامًا، إنّها ساءت مستقرًا ومقامًا».
« اللهم إنّا نسألك باسمك الأعظم، وبوجهك الأكرم، نسألك باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، أن تجعلنا والحاضرين والسامعين من أهل الجنان، وأن تعيذنا من الجحيم والنيران، برحمتك يا أرحم الراحمين».
«اللهم لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا، في قديم أو حديث، أو خاصة أو عامة، أو سر أو علانية، لك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد على ما يسرت لنا من إتمام القرآن، والتوفيق للصيام والقيام، لك الحمد كثيرًا كما تنعم كثيرًا، ولك الشكر كثيرًا كما تجزل كثيرًا، لك الحمد على نعمك العظيمة وآلائك الجسيمة، لك الحمد بكل نعمك علينا يا رب العالمين».