“التكنولوجيا الحديثة وأثرها في الدراسات الشرعية والقانونية” بكلية الشريعة القانون جامعة الازهر
كتب علي الشرقاوي
تامر عبدالله منصور
في إطار التطوير التكنلوجيا نظمت كلبة الشريعه والقانون – جامعة الأزهر – فرع تفهنا الأشراف بالدقهلية -،مؤتمرا علميا والذي عُقد في الفترة 22 ، 23 مارس 2022 على مدار يومين في مقر الكلية، برعاية فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب -شيخ الأزهر الشريف، ود. محمد المحرصاوي- رئيس جامعة الأزهر الشريف، وبرئاسة د.رمضان عبدالله الصاوي- عميد الكلية، وإشراف د.حمدي محمد مصطفى -وكيل الكلية، ومقرر المؤتمر د.أحمد محمد لطفي -رئيس قسم الفقه المقارن بالكلية، ود. محمد الجارحي- مدير وحدة ضمان الجودة بالكلية.
وقد شارك عدد كبير من الباحثين المصريين والعرب الذين أَثْرُوا المؤتمر بأبحاثهم، وجاءت كتاباتهم متنوعة لتغطي محاور المؤتمر المتعددة: الشرعي منها والقانوني.
بدأت الجلسة الختامية للمؤتمر بتلاوة البيان الختامي المتضمن لأهم النتائج والتوصيات التي خلصت إليها البحوث المقدمة، والذي ألقاه د. حمدي محمد مصطفى- وكيل الكلية
توصل الباحثون إلى عدد من النتائج والتوصيات أبرزها:
أن تقدم الشعوب صار مرهونًا بمدى التقدم التكنولوجي الذي وصلت إليه، وصار سمة من سمات الحياة، فصار البشر يرتكزون عليها في حياتهم بشكل كبير، ومعظم الدول -التي تريد مواكبة العصر وعدم التخلف عن ركب الحضارة فيه- قد قطعت أشواطا كبيرة في التحول الرقمي والأخذ بأسباب التقدم الحضاري، ومن بينها استخدام التكنولوجيا الحديثة وأنظمة الذكاء الاصطناعي.
كما أكد البيان الختامي على أن التكنولوجيا الحديثة أسهمت في التيسير على طلاب العلم من حيث إمكان الاطلاع على جميع المستجدات، وإمكان متابعة الفاعليات العلمية والمشاركة فيها حال انعقادها لحظة بلحظة، كما أسهمت التكنولوجيا الحديثة في تيسير أداء العبادات، والحد من نشر الفكر المتطرف، والوصول إلى الأحكام الشرعية في القضايا الطبية والاقتصادية المعاصرة، والحد من قضايا إثبات النسب والأطفال مجهولي الهوية، والتعرف على هوية المجرمين في الجرائم المختلفة.
وأوضح البيان أن الشريعة الإسلامية بأحكامها ومقاصدها لا تقف حجر عثرة أمام التقدم في شتى المجالات ما دام هذا التقدم يحقق نفعاً للبشرية كلها دون النظر إلي الدين أو المعتقد، شريطة ألا يصادم هذا التقدمُ النصوصَ الشرعية.
قال البيان إن التكنولوجيا الحديثة أثرت في تغيير أسلوب صدور الفتوى من الطريقة التقليدية إلى الطريقة الإلكترونية التي تتيح وصولها إلى راغبيها عبر الوسائل التقنية المختلفة؛ مما يؤكد ضرورة الربط بين المواقع التي تُعرض عليها الفتاوى والمواقع الإلكترونية للمؤسسات الرسمية المعتمدة للإفتاء؛ للحد من تضارب الفتوى بعد توجيه المستفتين إلى ضرورة طلب الفتوى الصحيحة من المتخصصين في مجال الفتوى؛ حيث يلزم المستفتي التحري عن أهلية المفتي، والتحقق من أمانة الوسيلة التي تُبث عليها الفتوى، وأهلية القائمين عليها عملاً بقوله تعالي: “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”، مشيرا إلى أن الاختراق الإلكتروني، والتجسس، والابتزاز، والتشهير يشكل كل منها خطرًا كبيرًا على المجتمع وقيمه، ويعدّ من الذرائع التي يجب أخذها بعين الاعتبار في زماننا هذا من حيث سدها في ضوء مقاصد الشريعة وغاياتها، ومواد ونصوص القانون التي تضبط عملية استخدام التكنولوجيا الحديثة.
الاختراق الإلكتروني والابتزاز والتشهير.. خطرًا كبيرًا على المجتمع وقيمه
وأشار المؤتمر إلى أن الوسائل التكنولوجية الحديثة تلعب دورًا مؤثرًا في الحفاظ على الأمن القومي للدول ومجابهة الإرهاب على جميع الأصعدة، حيث يستخدم التقدم التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات في عملية جمع المعلومات ونقلها بين الدول؛ مما يؤدي إلى الحفاظ على كيان الدولة وبقائها، والدفاع عن مصالحها القومية، وتحقيق التوازن بين سلطاتها وأعمالها السياسية، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة تركيز الدول على مبدأ العمل المشترك على المستوى الدولي في هذا المجال؛ حفاظًا على كيانات الدول من الانهيار.
أوصى المؤتمر العمل على وضع قواعد دولية لضبط استخدام التكنولوجيا الحديثة؛ للحفاظ على كيانات الدولة من الانهيار.
كما طالب المؤتمر بتطوير الدولة لكافة أجهزتها المعلوماتية، وإعداد كوادرها البشرية؛ لمواجهة تحديات ومخاطر التكنولوجيا الحديثة.
ودعا المؤتمر إلى ضرورة إيجاد تنظيم تشريعي مستقل للحق في الخصوصية عبر وسائل التواصل الإلكترونية، مع منح القضاء سلطة تقديرية في تحديد نطاق هذا الحق، وكذا إحلال النظم الإلكترونية -بالتدرج- في الإجراءات القضائية باعتبار ذلك النواة الأساسية الإلكترونية، وإعداد البنية الأساسية للمحاكم للتوافق مع تطبيق النظم الإلكترونية في التقاضي، بما يسهم في رقمنة القضاء، وضرورة إعادة النظر في القوانين الخاصة بحماية الملكية الفكرية، وقانون حماية المستهلك بما يتلاءم مع التطور التكنولوجي الراهن.
وأوصى المؤتمر الباحثين في المجال الشرعية بمزيد العناية؛ للوقوف على خلفيات وأساسيات التكنولوجيا الحديثة وتصورها؛ لما له من علاقة أصبحت ضرورية ذات أثر بالغ لنوازل الفتوى، كما أوصي المؤتمر بالعمل على حسن استغلال وسائل التكنولوجيا الحديثة في التعريف بالهوية الإسلامية ونشرها باعتبارها ساحة جديدة يفرضها الواقع ومقتضى الحال.
وأوصى المؤتمر العلماء والمثقفين والدعاة والقائمين علي صياغة العقل الجماعي للأمة بتوجيه الشباب والأطفال والرجال والنساء نحو الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الحديثة بما يحقق النفع للفرد والأمة والمجتمع.
ودعا المؤتمر إلى نشر الوعي الفقهي وربطه بالعلوم المعاصرة والتكنولوجيا الحديثة، وإنشاء هيئات رقابية تراقب ما يُنشَر على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية على أنه من كتب الفقه ، والعمل على إنشاء المجامع الفقهية الافتراضية على وسائل التواصل الاجتماعي بشرط أن يمثل المذاهب الأربعة علي المستوى الدولي.
وتقدمت كُلِّية الشريعةِ والقانونِ بتفهنا الأشراف – دقهلية بخالص الشكر والتقدير إلى العلماء الأجلاء الذين شاركوا ببحوثهم الشرعية والقانونية، التي كان لها عظيم الأثر في إثراء الدراسات الشرعية والقانونية، كما تقدمت بأسمى آيات الشكر والعرفان لقيادات أزهرنا الشريف، ورجال المجتمع وسيِّداته، ورجال الإعلام، وكافة الحضور الكريم الذين شرفوا الكلية بحضورهم المبارك.
وتضمنت الجلسة الختامية تكريم الباحثين المشاركين في المؤتمر، وتوزيع دروع التكريم على عدد من كبار الزوار، وأسر أعضاء هيئة التدريس الراحلين؛ فكانت لمسة إنسانية من إدارة المؤتمر.
وانتهت الجلسة التي قدمها الإعلامي المتميز/ فوزي عبدالمقصود – ممثلاً لإذاعة القرآن الكريم، بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، مع توجيه خالص الشكر والتقدير لجميع المشاركين والحضور.