تفاصيل جديدة في قضية سيدة الدقهلية قاتلة أطفالها تشعل مواقع التواصل الإجتماعي
موجة واسعة من الجدل على مواقع التواصل الإجتماعي أثارها حادث مأساوي قتلت فيه أم أطفالها الثلاثة ثم حاولت الانتحار في محافظة الدقهلية.
وزاد الجدل على مواقع التواصل بشأن نشر رسالة الأم الأخيرة لزوجها المغترب والتي قالت فيها إنها أرادت أن تدخل أولادها الجنة، وتريحهم من متاعب الدنيا، حيث انهالت الانتقادات على الأم ووصفها مغردون بالقاتلة مطالبين بتوقيع أقصى درجات العقوبة عليها. على الجهة الأخرى تعاطف معها آخرون ودعوا إلى تفهم التأثير السلبي الكبير الذي قد ينتج عن مرض الاكتئاب الحاد والذي قد يفضي إلى القتل النفس وقتل الآخرين أحيانا، إذا ثبت أنها مريضة بالفعل.
بدأت القصة حين كشفت تحقيقات الشرطة المصرية أن أهالي قرية “ميت تمامة” التابعة لمركز منية النصر في محافظة الدقهلية المصرية، عثروا على سيدة مصابة إصابات بالغة ملقاة على الطريق، كما عثروا على أطفالها الثلاثة مذبوحين داخل المنزل.
حيث كشفت التقارير أن السيدة تدعى حنان وهي خريجة جامعية، متزوجة من شخص يعمل بالسعودية. وقد حاولت الانتحار بإلقاء نفسها أمام جرار زراعي. في الوقت نفسه كشفت التحقيقات أن السيدة المنتحرة هي صاحبة الرسالة التي وجدتها الشرطة بجوار جثث الأبناء الثلاثة مذبوحين داخل المنزل . حيث ذبحت الأم الأطفال الثلاثة ثم حاولت إنهاء حياتها، وهي مصابة بجروح قطعية في مناطق متفرقة بجسدها.
في غضون ذلك، أصدرت النيابة العامة المصرية بيانا قالت فيه إنها أطلقت تحقيقا فى واقعة قتل سيدة أطفالها الثلاثة، وشروعها في الانتحار عقب ارتكابها الواقعة.
وبحسب بيان النيابة، فقد توصلت التحقيقات إلى إقرار المتهمة بارتكاب الجريمة على إثر إصابتها بحالة من الاكتئاب. وأمرت النيابة العامة بعرض المتهمة لاستجوابها فور تماثلها للشفاء، لاستكمال التحقيقات.
وبحسب شهود عيان، فقد استلت الأم سكينا ونحرت أبنائها الثلاثة أحمد 10 سنوات، وأنس 6 سنوات وسمية ثلاثة أشهر، وتركتهم في غرفة نومهم، قبل أن تركض خارج المنزل وتلقي بنفسها أسفل عجلات جرار زراعي محاولة الانتحار.
وتركت الزوجة رسالة مؤثرة لزوجها قالت له فيها إنها أدخلت أولاده الجنة وأنه أيضا سيدخل الجنة كونه لم يقصر معها ومع أولاده، واعتبرت نفسها مقصرة مع أولادها – كما جاء في الرسالة – طالبة منه أن يسامحها ويعوض عليه بأطفال أفضل من أطفالها.
كان رد فعل والد الأطفال الثلاثة والذى وصل من الخارج لتشييع جثامين أولاده مفاجئا، حيث قال في كلمة له قبيل أداء صلاة الجنازة على أولاده الثلاثة في مسجد القرية: “أرجو أن يمن الله علي أم أولادي بالشفاء ويغفر لها ويرحمها،” مؤكداً أنه لم يشهد منها إلا كل خير وأنها كانت أحرص الناس على أبنائها.
وعلى عكس المتوقع في مثل هذه الظروف، لم يظهر الأب المكلوم بأي مشاعر غضب أو لوم على الأم بعد قتلها للأطفال الثلاثة ومحاولة الانتحار.
وتضامن مغردون مع الزوجة وأثنوا برد فعل الزوج الداعم لها والمتفهم لحالتها، فأشاد أحمد العدوي بكلمات الزوج بشأن زوجته في مقابل حملة الهجوم عليها.
انتقدت الطبيبة النفسية رحاب العوضي أستاذ مساعد علم النفس السلوكي في تصريحات خاصة لبي بي سي وصف الأم بالقاتلة في بعض وسائل الإعلام وبعض مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكدت أن هذا الوصف ينطبق على المجرم أو الجاني الذي خطط لجريمة قتل بدافع مادي أو “عدواني أو انتقامي وهنا الأم مريضة باكتئاب ما بعد الولادة وللأسف هي حالة معروفة لأي سيدة أنجبت وتختلف الحالات بين شديدة ومتوسطة ويمتد هذا الاكتئاب منذ الولادة وحتى ستة أشهر وقد يمتد إلي عام كامل”.
وقالت العوضي إن عدم التفات الآخرين إلى هذا المرض ليس إهمالاً منهم ولكن بسبب انخفاض الوعي به، وألقت اللوم في ذلك على غياب ثقافة المعرفة بالأمراض النفسية في مصر والعالم العربي.
ولفتت العوضي في خلال اتصال هاتفي من القاهرة أنه في حالات الاكتئاب الحاد واكتئاب ما بعد الولادة للسيدات فقد يحدث اضطراب في تفكير الإنسان بحيث يعجز عن اتخاذ أي قرارات سليمة أو التفكير بشكل سليم.
وأضافت “إذا صح ما سمعنا أن الابن الأكبر كان مصاباً بالتوحد – فهذا يعني أن الأم كانت مثقلة بالأعباء منذ أعوام فهم جميعا ضحايا للمجتمع لأن طفل التوحد يعد ثقلا كبيرا على هذه العائلة في ظل غياب ثقافة التعامل مع هذا المرض وبالتالي هي تعتقد أنها اتخذت القرار السليم بإنهاء حياته أبنائها وتريحهم من الدنيا وهي كلها أفكار مغلوطة تمت تحت وطأة الاكتئاب الحاد.
وكان بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي ممن ادعى معرفته بالأسرة قد أكد أن الطفل الأكبر كان مصابا بالتوحد، غير أن بي بي سي لم تستوثق من صحة ذلك.
وقالت العوضي إن مرض الاكتئاب الحاد قد يصل بالإنسان إلى قتل نفسه وقتل الآخرين والتخلص من الأزمات التي يمر بها، مشيرة إلى تكرار هذه الحالة كل شهرين أو ثلاثة أشهر حتى نسمع عن أم قتلت رضيعها أو نفسها بسبب الاكتئاب.
ودعت العوضي إلى ضرورة أن يتم تثقيف العامة بحالات الاكتتاب التي قد يمر بها الإنسان والتي قد يكون لها تأثير خطير على نفسه وعلى من حوله دون أي إدراك منه.
وأضافت لدينا في العالم العربي تقصير شديد جداً في فهم الأمراض النفسية المختلفة من قلق وفوبيا و هوس واكتئاب نتيجة لعدم التوعية بها في المجتمع أو من خلال وسائل الإعلام مؤكد على أهمية إيضاح هذه الأمراض للناس وكيفية علاجها واكتشافها والأدوية اللازمة لكل حالة وكيفية التعامل معها لعدم حدوث هذه الحوادث مجددا.
كما لفتت الطبيبة النفسية رحاب العوضي إلى نقطة هامة وهي القصور في مراكز الطب النفسي في القرى والريف في مصر حيث يعيش ملايين الأشخاص دون رعاية نفسية ملائمة ما ينعكس سلبا على حياتهم وينتهي الحال بهذه الحوادث المأساوية.
كما نوهت إلى عدم وجود ثقافة العلاج النفسي في الريف المصري بشكل عام “قد تحتاج حالات الاكتئاب إلى علاج دوائي وجلسات سلوكية لمساعدة المريض، وهذه الثقافة غير موجودة في الريف المصري ما يفاقم معاناة أصحاب تلك الأمراض، وبالتالي نحتاج إلى حل جذري لتلك المشكلة”.
ويبلغ عدد سكان الريف في مصر نحو 54 مليونا، يقطنون أكثر من 4700 قرية، ويعتبر معظمهم زيارة الطبيب النفسي وصمة اجتماعية قد تؤثر على نظرة المجتمع له ولأقاربه.
وتحاول الحكومة المصرية تنظيم قوافل للعلاج النفسي في بعض المناطق بين الحين والآخر غير أن الإقبال عليها ضعيف للغاية