ثقافة وفن

رحيل سيدة المسرح العربي “تيتة رئيفة” بعد صراع مع المرض، وداعًا سميحة أيوب

غيب الموت صباح اليوم الثلاثاء الموافق 3 يونيو 2025، الفنانة القديرة سميحة أيوب، الملقبة بـ”سيدة المسرح العربي”، عن عمر ناهز 93 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض.

الراحلة التي أحبها الجمهور في أدوار عديدة، عرفت بشخصيتها القوية وأدائها المسرحي المميز، وخلدتها الذاكرة الشعبية مؤخرًا في دور “تيتة رئيفة” بفيلم “تيتة رهيبة” عام 2012، حيث قدمت شخصية الجدة المتسلطة بأسلوب كوميدي لاقى إعجاب الجميع.

نشأتها : 

وُلدت الفنانة سميحة أيوب في 8 مارس 1932 في حي شبرا بالقاهرة، وترعرعت في بيئة محبة للفنون. أظهرت موهبتها منذ الصغر، وبدأت مشوارها الفني في سن الخامسة عشرة عندما شاركت في فيلم “المتشردة” عام 1947، تخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1953، حيث درست على يد كبار أساتذة المسرح مثل زكي طليمات، مما أسس لها قاعدة قوية في مجال التمثيل المسرحي والدرامي .

تزوجت الفنانة سميحة أيوب من عدة رجال خلال حياتها، وكان من بينهم الفنان محسن سرحان وانجبت منه ابنًا واحدًا يُدعى محمود محسن سرحان، الذي سار على خطى والده في مجال الفن ، و أيضا تزوجت من الفنان محمود مرسي، كما تزوجت من الكاتب الصحفي سعد الدين وهبة.

رغم ارتباطها بعدة زيجات، إلا أن سميحة أيوب حافظت دائمًا على مكانتها كأيقونة فنية وأم حنونة، ولم تخلُ حياتها من التحديات التي واجهتها بحزم وقوة، مثلما عُرفت في مسيرتها الفنية.

حياتها المهنية : 

انطلقت مسيرة سميحة أيوب الفنية في أواخر الأربعينيات، حيث شاركت في فيلمها الأول “المتشردة” عام 1947 وهي في الخامسة عشرة من عمرها.

درست في المعهد العالي للفنون المسرحية وتخرجت عام 1953، وبدأت تتألق في المسرح والسينما والتلفزيون، مما جعلها واحدة من أبرز نجمات الفن في مصر والعالم العربي ، تميزت بأدوارها المتنوعة التي جمعت بين الدراما والتراجيديا والكوميديا، وشاركت في العديد من الأعمال التي تركت بصمة كبيرة امتدت مسيرتها الفنية لأكثر من 77 عامًا، قدمت خلالها أكثر من 170 عملًا مسرحيًا .

وكان من أبرز المسرحيات التي قدمتها الراحلة سميحة أيوب : مسرحية الناس اللي تحت ، سكة السلامة ، الفتي مهران ، الزيارة انتهت ، أنطونيو وكليوباترا كما لقبت بسيدة المسرح لمكانتها الكبيرة وإدارتها للمسرح القومي لسنوات طويلة ، حيث شغلت سميحة أيوب مناصب إدارية مهمة في المسرح المصري، حيث تولت إدارة المسرح الحديث من 1972 إلى 1975، ثم المسرح القومي من 1975 إلى 1989.

كما قدمت العديد من الأعمال السينمائية أبرزها : تيتة رهيبة ، أرض النفاق ، فجر الإسلام ، بين الأطلال ، كما قدمت العديد من المسلسلات أبرزها الضوء الشارد ،  أوان الورد ،  أميرة في عابدين ،  المصراوية .

تكريم من رؤساء مصر  : 

 تم إطلاق اسمها على القاعة الكبرى في المسرح القومي المصري، وأُدرجت سيرتها في المناهج الدراسية تحت عنوان “شخصيات مصرية مؤثرة في مجال المسرح” . 

قبل وفاتها، كانت سميحة أيوب لا تزال تُكرَّم في المهرجانات والمناسبات الفنية ، و حصلت على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من الرئيس جمال عبد الناصر، ثم وسام آخر من الرئيس أنور السادات، كما نالت جائزة الدولة التقديرية في الفنون ، وفي عام 2015، أُطلق اسمها على أحد مسارح دار الأوبرا المصرية تكريمًا لها، وهو مسرح سميحة أيوب في المسرح القومي.

اللحظات الأخيرة في حياة سميحة أيوب: 

في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء 3 يونيو 2025، كانت الفنانة سميحة أيوب تمضي ليلة هادئة في منزلها الكائن بمنطقة الزمالك، وسط أجواء من الراحة والسكينة بعد أيام من التعب الجسدي، حيث كانت تعاني من مضاعفات صحية متعلقة بتقدم السن، لكنها لم تكن في حالة حرجة بحسب المقربين.

في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحًا، لاحظ نجلها ومرافقوها في المنزل توقفها عن الاستجابة وعدم قدرتها على الحركة أو التنفس ، لذلك تم الاتصال الفوري بوحدة الإسعاف، التي وصلت خلال دقائق قليلة، لكن الطاقم الطبي للأسف وجدها قد فارقت الحياة، دون أن تعاني من ألم ظاهر أو صراخ، في حالة أشبه بالرحيل الهادئ.

كما صرح بعض المقربين، أن الفنانة الراحلة قد أمضت الليلة السابقة تُراجع بعض الذكريات مع أسرتها، وتشاهد بعض المسرحيات القديمة لها، وقالت جملة مؤثرة قبل نومها  “أنا عملت اللي عليا ، وسايبة الباقي لربنا.”

كما أكد المقربين أن الفنانة لم تُنقل إلى مستشفى حيث تم إعلان الوفاة رسميًا في المنزل بعد توقيع مفتش الصحة، وبدأت العائلة في إجراءات الدفن سريعًا.

الجدير بالذكر أنه تم تحديد صلاة الجنازة في مسجد الشرطة بعد صلاة العصر، وسط حضور كثيف من الفنانين، والمثقفين، ومحبيها من الجمهور، الذين توافدوا لتوديع “تيتة رئيفة” وهو الاسم الذي أحبها به جيل جديد من خلال فيلم تيتة رهيبة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights