مصر على موعد مع الزلازل: هل نحن على أعتاب كارثة؟

مصر على موعد مع الزلازل: هل نحن على أعتاب كارثة؟
في الآونة الأخيرة، تزايدت الأحاديث حول اقتراب مصر من منطقة النشاط الزلزالي، مما أثار قلقًا متزايدًا بين المواطنين والخبراء على حد سواء. تقارير حديثة تشير إلى أن مصر، التي كانت تُعتبر لعقود طويلة منطقة مستقرة نسبيًا من الناحية الجيولوجية، بدأت تشهد تحركات تكتونية مقلقة، مما يضعها على حافة منطقة الخطر الزلزالي. فهل نحن فعلًا على أعتاب كارثة طبيعية، أم أن الأمر لا يعدو كونه تحذيرات مبالغ فيها؟
مؤشرات الخطر: زلازل متكررة وتحذيرات علمية
خلال السنوات القليلة الماضية، شهدت مناطق متفرقة في مصر، خاصة في جنوب سيناء والبحر الأحمر، هزات أرضية متكررة، وإن كانت بسيطة في شدتها. وفقًا للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، فإن هذه الهزات قد تكون مؤشرًا على تغيرات في الصفائح التكتونية القريبة من المنطقة، خاصة مع قرب مصر من منطقة صدع البحر الأحمر وخليج العقبة، وهي مناطق معروفة بنشاطها الزلزالي.
أحد الخبراء، الدكتور محمد عبد الله، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، يحذر قائلًا: “مصر ليست بمنأى عن الزلازل الكبرى. التغيرات المناخية والنشاط التكتوني الإقليمي قد يزيدان من احتمالية وقوع زلزال مدمر خلال العقود القادمة”. هذه التصريحات أثارت جدلًا واسعًا، حيث يرى البعض أنها تهدف إلى رفع مستوى الوعي، بينما يعتبرها آخرون محاولة لإثارة الذعر بين المواطنين.
هل البنية التحتية جاهزة؟
ما يزيد من حدة الجدل هو الوضع الحالي للبنية التحتية في مصر. فمعظم المباني في المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية لم تُصمم وفقًا لمعايير مقاومة الزلازل الحديثة. في حين أن بعض المشروعات العمرانية الجديدة، مثل العاصمة الإدارية، تلتزم بمعايير صارمة، إلا أن ملايين المباني القديمة، خاصة في المناطق العشوائية، تشكل قنبلة موقوتة.
يقول المهندس أحمد مصطفى، خبير الهندسة المدنية: “إذا ضرب زلزال بقوة 6 درجات على مقياس ريختر القاهرة، فقد تكون العواقب كارثية، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية”. هذا التصريح يثير تساؤلات حول مدى استعداد الحكومة لمواجهة مثل هذه السيناريوهات.
ردود فعل متباينة: بين القلق والتشكيك
على مواقع التواصل الاجتماعي، انقسمت الآراء حول هذا الموضوع. فمن جهة، هناك من يطالب الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة، مثل تعزيز البنية التحتية ونشر حملات توعية للمواطنين حول كيفية التصرف أثناء الزلازل. ومن جهة أخرى، يرى البعض أن الحديث عن الزلازل هو مجرد “مبالغات علمية” تهدف إلى تشتيت الانتباه عن قضايا أخرى، مثل الاقتصاد أو الأزمات السياسية.
أحد المغردين على منصة إكس كتب: “كل شوية يطلعوا علينا بكلام عن زلازل وكوارث، بس محدش بيقولنا إزاي نحمي نفسنا أو إيه الخطة لو حصلت كارثة!”، بينما علق آخر بسخرية: “يعني بعد الغلاء والتضخم، جايين يقولوا لنا كمان إن الأرض هتتحرك؟ خلّونا نرتاح شوية!”.
ما الذي يجب فعله؟
وسط هذا الجدل، يتفق الخبراء على ضرورة اتخاذ خطوات استباقية. من بين التوصيات المقترحة: تعزيز أنظمة الإنذار المبكر، تحديث قوانين البناء لتتوافق مع معايير السلامة الزلزالية، وتدريب المواطنين على الاستجابة السريعة للكوارث. كما يُطالب البعض بإجراء دراسات جيولوجية شاملة لتحديد المناطق الأكثر عرضة للزلازل ووضع خطط طوارئ واضحة.
بين الحذر والاستعداد
مصر، التي عاشت لسنوات طويلة بعيدًا عن شبح الزلازل الكبرى، قد تجد نفسها الآن أمام تحدٍ جديد. سواء كانت هذه التحذيرات مبالغًا فيها أم لا، فإن الاستعداد للأسوأ يبقى خيارًا حكيمًا. السؤال الآن هو: هل ستتحرك الحكومة والمجتمع بسرعة كافية لمواجهة هذا الخطر المحتمل، أم أننا سنظل نناقش ونختلف حتى تقع الكارثة؟
الوقت وحده كفيل بالإجابة، لكن التاريخ يعلمنا أن الاستعداد خير من الندم.