سلايدرعربي وعالمي

تضليل الإعلام الإسرائيلي: قراءة في حرب غزة وواقع الضفة

في خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة، يلعب الإعلام الإسرائيلي دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام وتوجيه الروايات حول الصراع. لكن هذا الدور غالبًا ما يكون مصحوبًا بتضليل واضح ومحاولات لطمس الحقائق، خاصة فيما يتعلق بـ حرب غزة المستمرة، وواقع الضفة الغربية، وملف تهجير الفلسطينيين. هذا المقال يسلط الضوء على الأساليب التي يتبعها الإعلام الإسرائيلي في تغطيته للأحداث، ويكشف عن الفجوة بين ما يُعرض للجمهور وما يدور على الأرض.

صورة إعلامية مشوهة: تجاهل معاناة غزة وتشويه الوقائع

يتعرض الإعلام الإسرائيلي لانتقادات واسعة بسبب طريقة تناوله للوضع الإنساني في قطاع غزة. ففي الوقت الذي تتصاعد فيه معاناة المدنيين من مرضى وكبار سن وأطفال جراء القصف المستمر وعمليات تهجير الفلسطينيين، غالبًا ما يتم تجاهل هذه الجوانب أو التقليل من شأنها في وسائل الإعلام الإسرائيلية. نشير في مقالنا هذ إلى أن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تصف حتى عمليات النزوح القسري بأنها “كرم ولطافة إسرائيلية” تمنح الناس فرصة للابتعاد عن مناطق الخطر، وهو ما يمثل تحريفًا صارخًا للواقع. هذا التوصيف لا يعكس الحقيقة، بل هو محاولة لتبييض صورة العمليات العسكرية وتجاهل التداعيات الإنسانية الكارثية.

علاوة على ذلك، يتم تصوير التوغل الإسرائيلي المتجدد في غزة على أنه إنجاز “بطولي واحتفالي” في التقارير الإخبارية، مع عرض صور لأبراج تنهار وقوات تتقدم. هذا التضخيم لا يتناسب مع واقع أن الجيش الإسرائيلي قد دخل جميع أحياء مدينة غزة، بما في ذلك وسط المدينة، في مناسبات سابقة، حيث كانت العمليات تتضمن “احتلال واشتباك وقتل ثم انسحاب”. الفرق الجوهري هذه المرة، هو غياب “خطة خروج” واضحة، مما يعمق المأزق العسكري والإنساني في القطاع.

أسرار وخبايا: مصير الأسرى وغياب الأهداف الواضحة

قضية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة تُلقي بظلالها على المشهد. بينما كانت العمليات العسكرية السابقة تستند إلى معلومات استخباراتية دقيقة حول مواقع الأسرى لتجنب استهدافهم، فإن الوضع الحالي أكثر تعقيدًا. المعلومات القديمة لم تعد صالحة، وهناك خطر متزايد من تعرض الأسرى للإصابة جراء القصف الإسرائيلي أو الاشتباكات. هذا يطرح تساؤلات جدية حول جدوى العمليات العسكرية الجارية وأثرها على حياة الأسرى.

من جانب آخر، تعكس تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين نظرة مقلقة لمستقبل غزة. فقد ادعى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وجود خطة لتحويل غزة إلى “جوهرة عقارية”، وضرورة استعادة الأموال التي أنفقت في الحرب. هذا التصور لغزة كـ”عقار” يثير مخاوف كبيرة بشأن مصير تهجير الفلسطينيين، ويستحضر مقولة “أقتلت وورثت؟” التي تشير إلى الاستيلاء على الأراضي بعد إزاحة سكانها. هذه التصريحات تتناقض مع أي حل إنساني أو سياسي عادل، وتكشف عن نوايا توسعية.

الضفة الغربية: توغل عسكري وتصعيد مستمر

الضفة الغربية تشهد أيضًا تصعيدًا ملحوظًا. مع بدء الأعياد اليهودية، تزداد أعداد الجنود في الضفة، وتنتشر دعوات من شخصيات إسرائيلية للتوسع وضم الأراضي. الأخطر من ذلك هو التصريحات التي تدعو إلى “تسوية” مناطق فلسطينية بأكملها، و”هدم كيلومتر دائري” حول أي قذيفة يتم العثور عليها. هذه الدعوات، التي تتطابق في لهجتها مع ما يحدث في غزة، تشير إلى نية واضحة لتطبيق سياسات الهدم والتهجير الجماعي، مما يهدد بتفاقم الوضع الإنساني والأمني بشكل كبير في الضفة. البعض في الإعلام الإسرائيلي يصرح بأن “الضفة أصبحت غزة، وعلينا أن نتحرك”، وهو ما يعكس عقلية عسكرية توسعية تدعو إلى التعامل مع الضفة بنفس الطريقة التدميرية المتبعة في غزة.

تتزامن هذه التطورات مع ادعاءات أجهزة الأمن الإسرائيلية (الشاباك والجيش) عن إحباط محاولات لإطلاق صواريخ من قرى فلسطينية قرب رام الله، وعرضهم لصور عشرات الصواريخ الجاهزة (دون رؤوس حربية). هذه الأخبار تُستخدم لتبرير التحريض على الضفة الغربية والدعوة إلى مزيد من العمليات العسكرية، رغم أن الوضع في الضفة قبل هذه الأحداث كان معقدًا بالفعل، مدفوعًا بسياسات الاستيطان ودعم الدولة للمستوطنين.

عزلة دولية وتزايد الانتقادات: الفساد في إسرائيل وتأثيره

على الصعيد الدولي، تواجه إسرائيل عزلة متزايدة وانتقادات حادة. تتزايد دعوات مقاطعة إسرائيل من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك مجالات مثل المسابقات الغنائية الدولية (يوروفيجن) والبطولات الرياضية الأوروبية لكرة القدم. بعض الدول الأوروبية أعلنت أنها لن تشارك إذا شاركت إسرائيل، واعتبرت هذه الإجراءات “ضريبة كبيرة” على إسرائيل. كما تحول الأمر إلى “نقاش مركزي” في الأمم المتحدة، حيث يرى البعض أن الإدارة الأمريكية حددت خط نهاية للحرب بنهاية العام الجاري. هذا الضغط الدولي المتزايد يعكس استياءً عالميًا من السياسات الإسرائيلية في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، يلعب الفساد في إسرائيل دورًا في تآكل صورتها. تُسلط الضوء على تزايد الشبهات والتحقيقات حول وزيرة المساواة الاجتماعية ماي جولان، المتهمة بقضايا فساد وتلقي رشاوى من الذهب والأموال. هذه الفضائح تُقدم كنموذج لحكومة تعتبر “الأكثر فسادًا” في تاريخ إسرائيل. يؤكد هذا على أن الأزمات الداخلية، بما في ذلك الفساد في إسرائيل، تتفاقم جنبًا إلى جنب مع الأزمات الخارجية، مما يزيد من صعوبة موقفها على الساحة الدولية.

وفي محاولة لتأجيج صراع داخلي في غزة، تتحدث تقارير إعلامية إسرائيلية عن “خطوات وتقارير تحاول إشعال حرب أهلية” في غزة، من خلال دعم مليشيات تتعاون مع إسرائيل وتقدم لها أموالاً للإطاحة بحماس. تعرض هذه التقارير صوراً وفيديوهات لمسلحين يدعون سيطرتهم على مناطق في غزة ويحرضون ضد حماس، ويُزعم أنهم يأخذون تمويلاً من الشاباك. هذا النهج الخطير يهدف إلى تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني وزيادة الفوضى. كما أن تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بـ”أن وقتك سيأتي” عبر منصة X، بعد هجوم بطائرة مسيرة يمنية في إيلات، يبرز سعي إسرائيل لتوسيع نطاق الصراع والتهديدات في المنطقة، متجاهلة العواقب المحتملة.

تكتيكات إعلامية: تضخيم وتعتيم

يمارس الإعلام الإسرائيلي تكتيكات إعلامية متناقضة. ففي حين كان يضخم أي حدث عالمي في الماضي، أصبح الآن يتعمد التعتيم على حجم الانتقادات الدولية المتزايدة، مثل دعوات الطرد من المسابقات الرياضية والفنية، لتجنب إثارة قلق الشارع الإسرائيلي. هذا التلاعب بالمعلومات يعكس رغبة في السيطرة على السردية وتوجيه الرأي العام المحلي بعيدًا عن الحقائق المرة للأحداث الجارية. في المقابل، يُستخدم الإعلام لإثارة التحريض ضد الضفة الغربية وغزة، وتصوير الفلسطينيين على أنهم جميعًا يدعمون حماس، مما يبرر، في نظرهم، المزيد من العنف والعدوان.

خاتمة: دعوة للوعي بما وراء الإعلام الإسرائيلي

إن تحليل تغطية الإعلام الإسرائيلي يكشف عن نمط متكرر من التضليل وتشويه الحقائق، سواء كان ذلك في التعامل مع مأساة حرب غزة وتهجير الفلسطينيين، أو في تبرير التوغل العسكري في الضفة الغربية، أو حتى في محاولة إشعال صراعات داخلية. هذا التضليل لا يؤثر فقط على الرأي العام الإسرائيلي، بل يساهم في إطالة أمد الصراع وتعميق معاناة الشعوب. لذلك، من الضروري أن يمتلك الجمهور العربي والعالمي وعيًا نقديًا لما يُعرض في وسائل الإعلام، والبحث عن مصادر معلومات موثوقة وشاملة لفهم الصورة الكاملة للوضع.

كن جزءًا من مجتمع الدليل نيوز وتابع أهم المستجدات:

لتبقى على اطلاع دائم بآخر الأخبار الفنية وقضايا المشاهير، انضم إلينا عبر منصاتنا:

لا تفوت آخر الأخبار والمستجدات من “الدليل نيوز” تابع أسعار العملات العالمية:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights