إعلام إسرائيل واقع مرير وتناقضات

في ظل التصعيد الإقليمي عام 2025، يقدم الإعلام الإسرائيلي صورة معقدة ومتناقضة للوضع، تكشف عن تحديات أمنية وعسكرية وسياسية تواجهها إسرائيل داخلياً وخارجياً. هذا التحليل يعرض أبرز ما ورد في الصحافة ووسائل الإعلام الإسرائيلية، ملقياً الضوء على الخطاب الرسمي ومواجهته بالواقع الميداني، وتداعيات ذلك على الرأي العام الإسرائيلي والعلاقات الدولية في ظل التصعيد بالمنطقة 2025.
رسالة إلى الطيار: اتهامات بالفشل والجرائم الإنسانية
تطرقت صحيفة هآرتس، عبر مقال للكاتب أوري مزغاف، إلى رسالة موجهة لطيار إسرائيلي يشارك في قصف غزة، حيث يصفه الكاتب وزملاءه بـ”المدربين على الهجوم” وإطلاق الصواريخ والقنابل عن بعد. يطالب الكاتب الطيار بوقف إطلاق النار وإطفاء المحركات، متسائلاً عن الهدف من هذا القصف العشوائي الذي يستهدف مدن وشعوباً بتاريخ يمتد لآلاف السنين. يوجه مزغاف اتهامات مباشرة للطيار بالمشاركة في جرائم ضد الإنسانية، وحتى ضد “إسرائيل بمفهوم معين”،
لأن هذه الأعمال لا تخدم مصلحة إسرائيل بل تجر عليها الدمار والعزلة والكراهية لسنوات طويلة. يرى الكاتب أن هذه الحرب هي “حرب خاصة بنتنياهو” الذي “يحتقر الطيارين” وأن الطيارين أنفسهم كانوا في خلافات مع نتنياهو قبل السابع من أكتوبر، مشيراً إلى أن ما لم يقله المسؤولون أهم مما قالوه بكثير، وأن الطيارين “هم الأكثر ذكاءً” ويتم اختيارهم بعناية. هذا الخطاب يعكس عمق النقد الداخلي الإسرائيلي تجاه السياسات الحالية.
تزايد الخسائر البشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي
تناولت قناة 12 الإسرائيلية تقارير حول “فشل الحكومة الإسرائيلية في فرض الأمن”، معلنة عن مقتل 6 جنود إسرائيليين خلال 24 ساعة (4 في غزة و2 على الحدود الأردنية). وتُشير التقارير إلى تفجير لغم في ناقلة جند غير مصفحة في رفح، على بعد كيلومتر ونصف من محور فيلادلفيا، مما أسفر عن مقتل 4 ضباط. هذا الحادث يثير تساؤلات حول كيفية وجود اللغم في منطقة تخضع للاحتلال منذ أشهر طويلة. تصف القناة ما يحدث بأنه “احتلال وتطهير” للمكان، ويأتي التحليل ليبرر هذه الفلسفات العسكرية الجديدة التي لم تكن تُسمع علناً من قبل، والتي تشير إلى محاولة دمج الخبرة العسكرية بالحياة المدنية لإظهار تبرير التكاليف البشرية التي تدفع. يعكس هذا التطور الفشل الأمني الإسرائيلي وتحدياته المتصاعدة في قطاع غزة.
عمليات رفح: ضعف الاستخبارات واستمرار مقاومة حماس
أفادت قناة 14 الإسرائيلية بوجود “شكوك بأن عملية رفح اليوم مركبة جداً” وشملت “إطلاق نار” كثيف. يقر الإعلام الإسرائيلي بضعف المعلومات الاستخباراتية السابقة، مؤكداً أن الجيش أصبح الآن يمتلك “معلومات مخابراتية دقيقة وعينية”. وتُظهر المقاطع المرئية استمرار المقاومة من قبل مقاتلي حماس الذين يتركون الجيش يدخل المناطق المأهولة لشن كمائن عبر الأنفاق. هذا يشير إلى أن حماس في غزة لا تزال تحتفظ بقدرات قتالية كبيرة، رغم الدمار الواسع.
هناك أيضاً اتهامات بأن الجيش الإسرائيلي ما زال يدخل المساعدات إلى غزة بينما يتعرض لهجوم مستمر من قبل المقاتلين، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه السياسة. التحليلات تشير إلى أن هذه الأفكار تمهد لعملية تهجير جديدة محتملة، حيث يتم تبريرها بالقول إن “رفح كلها سويت بالأرض” ولم يتبق فيها شيء، في محاولة لشرعنة المزيد من الدمار والتهجير.
التصعيد الإقليمي2025: صواريخ يمنية وقصف إسرائيلي للبنان
شهدت المنطقة تصعيداً إقليمياً واسعاً، حيث أفادت قناة i24NEWS العبرية بتوقف البث في جميع القنوات الإسرائيلية بعد سقوط صاروخ أطلق من اليمن على فندق في إيلات. لم يسفر الهجوم عن خسائر بشرية، لكنه أظهر ضعف الدفاعات الجوية الإسرائيلية وقدرة الحوثيين على استهداف العمق الإسرائيلي. تكرار هذه الهجمات يدفع القنوات الإسرائيلية للتساؤل عن “لماذا لا يتم اعتراض المسيرات والصواريخ؟” وعن فائدة استمرار قصف اليمن إذا كانت النتائج عكسية وتزيد من كثافة ونوعية الصواريخ الموجهة نحو إسرائيل.
في سياق متصل، شنت إسرائيل غارات جوية على جنوب لبنان (الضاحية الجنوبية) استهدفت ما زعمت أنها “مخازن أسلحة لحزب الله” دون تقديم أي أدلة. هذا القصف المتكرر يعتبر إخلالاً بالاتفاق الإسرائيلي اللبناني ويساهم في تأجيج الصراع على الحدود الشمالية. كما ناقش الإعلام الإسرائيلي تقارير عن اتفاق أمني وشيك بين إسرائيل وسوريا برعاية أمريكية، لكنه لا يتضمن انسحاباً إسرائيلياً من الجولان، مما يجعله اتفاقاً غير متوافق مع المطالب السورية. هذا يعكس استمرار إسرائيل في التصعيد دون مراعاة لتداعياته على الاستقرار في المنطقة.
فشل في معبر الأردن وعزلة دولية متفاقمة
كشفت قناة 13 الإسرائيلية عن مقتل جنديين إسرائيليين في عملية مشابهة لعملية سابقة وقعت قبل عام وعشرة أيام في معبر الأردن غور الأردن، حيث قام سائق شاحنة أردني بطعنهما. هذا الحادث يبرز التحديات الأمنية المستمرة على الحدود. يطالب الإعلام الإسرائيلي السلطات الأردنية بتشديد الحراسة على الشاحنات التي تدخل قطاع غزة، ويُظهر حالة من عدم الرضا عن الرد الأردني الذي وصف بأنه “غير كافٍ” عن الواقع. هذه الحوادث المتكررة تعمق التوتر بين الأردن وإسرائيل، في ظل مساعي إسرائيل لقطع المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة عبر الأردن.
أما على الصعيد الدولي، فنتنياهو يصف إسرائيل بأنها أصبحت “معزولة” أكثر وتتحول الدول الغربية إلى “عدو جديد” بسبب “موجات الهجرة الإسلامية”. هذه التصريحات التي دحضتها صحيفة هآرتس، تؤكد أن سياسات نتنياهو المتطرفة هي السبب الرئيسي للعزلة الدولية. يهدد الاتحاد الأوروبي بإنهاء اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، مما يمثل ضربة قاسية للاقتصاد الإسرائيلي المعتمد على التصدير. هذه التحديات تعكس واقع العزلة الدولية لإسرائيل المتزايدة وتداعياتها الاقتصادية والأمنية.
نداء لإنهاء الألم: عدم الاعتياد على المشهد
في ختام التحليل، يوجه الكاتب نداءً مؤثراً للطيار الإسرائيلي وللمجتمع الإسرائيلي بشكل عام، طالباً منهم عدم الاعتياد على مشاهد القصف والدمار والقتل، ورفض المشاركة في جرائم ضد الإنسانية. يدعو إلى طرح الأسئلة حول مصلحة هذه الحرب ومن يخدمها، ويدعو لوقف إطلاق النار حقناً للدماء وإعادة النظر في هذه السياسات المدمرة. يؤكد الكاتب أن الألم في غزة والضفة الغربية كبير، وأن اليات التجويع والتهجير لا يمكن أن يصبحا مشهداً عادياً. يختتم بالتأكيد على أن “لكل ليل آخر” وأن الأمل في أخبار أفضل قائم دائماً، رافضاً الخيانة لهذا الألم الكبير الذي يعانيه الشعب الفلسطيني.
خدمات ومتابعة إضافية
خدمات ومتابعة إضافية:
كن جزءًا من مجتمعنا! انضم إلينا وكن أول من يعلم بآخر المستجدات:
لا تفوت آخر الأخبار والمستجدات من “الدليل نيوز” تابع أسعار العملات العالمية: