المتحف الزراعي المصري.. ذاكرة الأمة وحكاية الفلاح عبر الزمن

كتبت د. شيرين الشافعى:
في قلب حي الدقي بالقاهرة، يقف المتحف الزراعي المصري شامخًا كواحد من أهم وأكبر المتاحف القومية في مصر، حاملًا بين جنباته قصة الزراعة المصرية التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من هوية الأمة. هذا المتحف، الذي أُسس عام 1938 في سراي الأميرة فاطمة إسماعيل، ليس مجرد فضاء لعرض المقتنيات الأثرية الزراعية، بل هو راوٍ لتاريخ الأرض والنهر والإنسان المصري عبر آلاف السنين.
رحلة عبر الزمن
بدأت فكرة إنشاء المتحف الزراعي عام 1927 بقرار من الملك فؤاد الأول، ليروي قصة مصر الزراعية منذ عصر المصريين القدماء وحتى اليوم. وبعد تسع سنوات من التحضيرات، افتتح الملك فاروق المتحف رسميًا عام 1936 تحت اسم “متحف فؤاد الأول الزراعي”، ليصبح ثاني متحف زراعي متخصص في العالم بعد متحف بودابست في المجر.
يمتد المتحف على مساحة 125 ألف متر مربع، تشغل مبانيه 20 ألف متر مربع، بينما تحيط به حديقة غنّاء تضم أنواعًا نادرة من الأشجار والنباتات، إلى جانب حديقتين على الطراز الفرعوني تضفيان سحرًا خاصًا على المكان.
كنوز أثرية تحكي قصة الارض
يضم المتحف أكثر من عشرة آلاف قطعة أثرية تروي قصة كفاح الإنسان المصري مع الأرض. من أدوات زراعية قديمة إلى نماذج لمحاصيل تاريخية ووثائق تسجل مراحل تطور الزراعة، يقدم المتحف “مدونة” حية للعلاقة الوثيقة بين المصريين والطبيعة. كما يحتوي على مجسمات وأعمال فنية تعكس هذا الارتباط العميق، مما يجعل الزائر يعيش تجربة ثقافية وتاريخية غامرة.
أجنحة متخصصة وتجربة شاملة
يتميز المتحف بتنوع أجنحته التي تتجاوز الزراعة لتشمل التاريخ والفن والعلاقات الدولية. يضم المتحف اليوناني الروماني، ومتحف الصداقة الصينية، والمتحف الملكي، بالإضافة إلى السينما الملكية ومكتبة تراثية تحتوي على مجموعة ضخمة من الكتب والخرائط النادرة. هذا التنوع يجعل المتحف منصة معرفية تجمع بين التعليم والترفيه، وتعزز الانتماء والهوية الزراعية للشعب المصري.
دور ثقافي وعالمي
لا يكتفي المتحف الزراعي بحفظ التراث المصري فحسب، بل يلعب دورًا محوريًا في بناء جسور ثقافية مع دول العالم. من خلال أجنحته المتخصصة، يسلط الضوء على التعاون الزراعي مع دول مثل الصين واليونان، مما يعزز مكانة مصر كمركز للتبادل الثقافي والزراعي. إعادة افتتاح المتحف ليست مجرد حدث تقليدي، بل إحياء لذكرى أمة وتأكيد على أهمية الزراعة كجزء لا يتجزأ من الهوية المصرية.
عيد الفلاح المصري
تزامنًا مع الاحتفال بعيد الفلاح المصري، قدم برنامج “هذا الصباح” على قناة النيل للأخبار تقريرًا مميزًا عن المتحف الزراعي، استعرض فيه أهمية هذا الصرح الثقافي ودوره في توثيق تاريخ الزراعة المصرية. التقرير من إعداد وإخراج سمر صلاح، وقراءة تعليق شيرين الشافعي.
خاتمة
المتحف الزراعي المصري ليس مجرد وجهة سياحية، بل هو رحلة عبر الزمن تحكي قصة شعب ارتبط بالأرض ارتباطًا وثيقًا. إنه شاهد على تفوق مصر في مجال الزراعة منذ العصور القديمة، ومنصة لتعزيز الهوية الوطنية والتواصل الثقافي مع العالم. زيارة هذا المتحف هي دعوة لاستكشاف تاريخ مصر من زاوية زراعية مدهشة، تجمع بين الماضي العريق والحاضر الطموح.
خدمات ومتابعة إضافية من الدليل نيوز
كن جزءًا من مجتمع الدليل نيوز وتابع أهم المستجدات:
لتبقى على اطلاع دائم بآخر الأخبار الفنية وقضايا المشاهير، انضم إلينا عبر منصاتنا:
لا تفوت آخر الأخبار والمستجدات من “الدليل نيوز” تابع أسعار العملات العالمية: