مقالاتسلايدر

مصر والسعودية.. أشقاء يجمعهم المصير وتوحدهم المواقف

بقلم الكاتب الصحفي / عبد العاطي محمد

لم تكن العلاقات المصرية السعودية يومًا علاقة عابرة أو مجرد تعاون سياسي واقتصادي محدود، بل هي علاقة راسخة تضرب بجذورها في عمق التاريخ الحديث والمعاصر، وتشهد على متانة الروابط بين شعبين شقيقين، وقيادتين تتكامل رؤاهما في مواجهة التحديات وصناعة مستقبل عربي مشترك.

لقد أثبتت التجارب أن القاهرة والرياض ليستا مجرد عاصمتين كبيرتين في المنطقة، وإنما جناحان للأمة العربية، وأي خلل في العلاقة بينهما ينعكس مباشرة على الأمن القومي العربي برمته.

روابط التاريخ والجغرافيا

منذ تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، كانت مصر حاضرة كداعم رئيسي، إذ حرصت على توطيد العلاقات مع المملكة الناشئة، وأدرك الطرفان مبكرًا أن التحديات المشتركة تستلزم وحدة الصف والتكامل.

وعلى مدار العقود، تبادلت القاهرة والرياض المواقف الداعمة؛ مصر سند للمملكة، والسعودية ظهر لمصر في أزماتها، ما رسخ قاعدة ذهبية عنوانها: “أمن مصر من أمن السعودية، وأمن السعودية من أمن مصر”.

الموقف الأول: حرب أكتوبر 1973

أحد أبرز الشواهد على قوة العلاقات كان في حرب أكتوبر المجيدة 1973، حينما وقفت المملكة بقيادة الملك فيصل بن عبد العزيز إلى جانب مصر وسوريا، وأعلنت استخدام سلاح البترول للضغط على القوى العالمية الداعمة لإسرائيل. هذا القرار التاريخي لم يغيّر فقط مسار الحرب، بل أعاد صياغة خريطة النفوذ الدولي في المنطقة، وأثبت أن وحدة الموقف المصري–السعودي قوة لا يُستهان بها.

الموقف الثاني: حرب الخليج 1991

تكرر المشهد في حرب تحرير الكويت عام 1991، حيث كانت مصر والسعودية في طليعة الدول العربية التي تصدت للغزو العراقي للكويت، وشاركت القوات المصرية بفعالية ضمن قوات التحالف. كان ذلك موقفًا عربيًا أصيلًا، جسّد التضامن الحقيقي بين الأشقاء، وبيّن كيف تتوحد الرؤية حين يتعلق الأمر بأمن الخليج.

الموقف الثالث: ثورة 30 يونيو 2013

لم ينسَ المصريون وقوف السعودية، بقيادة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، إلى جانب إرادتهم الشعبية في ثورة 30 يونيو 2013، حينما دعمت المملكة مصر سياسيًا واقتصاديًا في لحظة فارقة من تاريخها، مؤكدة أن أمن مصر واستقرارها خط أحمر، وأن العلاقة بين الشعبين لا يمكن أن تهزها العواصف.

تعاون استراتيجي متجدد

اليوم، تتواصل الشراكة بين القاهرة والرياض في مختلف المجالات:
اقتصاديًا: باستثمارات سعودية ضخمة في السوق المصرية، ومشروعات مشتركة مثل الربط الكهربائي وممرات النقل.
سياسيًا: بتنسيق مستمر في المحافل الدولية والإقليمية، لمواجهة التحديات من الإرهاب إلى النزاعات الإقليمية.
شعبيًا: بروابط إنسانية وثقافية ودينية راسخة، فالملايين من المصريين يعملون في المملكة ويساهمون في نهضتها، بينما تتدفق قوافل الحجيج والعمرة من مصر إلى بيت الله الحرام كل عام، في مشهد يكرّس وحدة المصير والوجدان.

الأشقاء إلى الأبد

العلاقات المصرية–السعودية ليست خيارًا تكتيكيًا، بل ضرورة استراتيجية للأمة العربية كلها. فمن قلب القاهرة والرياض يصدر قرار حماية الأمن القومي العربي، ومنهما تنبع المبادرات التي تحفظ استقرار المنطقة.

لقد علمتنا المواقف أن هذه العلاقة ليست مجرد دبلوماسية باردة، بل هي أخوة صادقة تتجلى في السراء والضراء، تؤكد أن مصر والسعودية سيظلان دائمًا وأبدًا ركيزتين للعالم العربي، وسندًا لبعضهما البعض في مواجهة كل التحديات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights