
كتب : منصور عبد المنعم
في واقعة مأساوية هزّت أركان محافظة الشرقية، قضت محكمة جنايات الزقازيق بمعاقبة صيدلي بالسجن 3 سنوات بعد إدانته بقتل والدته خنقًا داخل منزل الأسرة بمركز أولاد صقر، مدعيًا أنها تمارس ضده أعمال السحر والحسد، في جريمة أثارت جدلًا واسعًا بين الأهالي ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد عبدالغفار أبو المجد، وعضوية المستشارين رزق السيد عبدالباقي وأحمد سويلم ومحمد عبدالله عباس، وأمانة سر أحمد غريب.
تفاصيل الجريمة
تعود وقائع القضية رقم 4440 لسنة 2025 جنايات مركز أولاد صقر، والمقيدة برقم 595 لسنة 2025 كلي شمال الزقازيق، إلى يومٍ مأساوي حين تلقى مركز شرطة أولاد صقر بلاغًا بمصرع سيدة داخل منزلها في ظروف غامضة.
وبانتقال الأجهزة الأمنية، تبين أن وراء الجريمة ابنها أحمد ع. أ. م. (28 عامًا – صيدلي)، الذي اعترف بخنق والدته رضا ع. بعد أن راودته شكوك بأنها تمارس ضده أعمال السحر والحسد.
وأوضحت تحقيقات النيابة العامة أن المتهم كان يعاني من اضطرابات نفسية وهواجس دينية وخرافية، دفعته للاعتقاد بأن والدته السبب في ما يمر به من سوء حال وتدهور نفسي، فقام بخنقها حتى فارقت الحياة.
تقرير الطب الشرعي
أثبت تقرير الصفة التشريحية أن الوفاة نتجت عن أسفكسيا الخنق، وأكد أن آثار الضغط اليدوي كانت واضحة حول العنق، ما يثبت أن الوفاة لم تكن عرضية، بل تمت عمدًا.
وقال المتهم في اعترافاته أمام النيابة إنه لم يكن يقصد القتل، بل أراد أن “يُخرج منها الجن” الذي كان يظن أنه يسيطر عليها، مضيفًا أنه كان يعيش حالة من التوتر والاضطراب في الفترة الأخيرة.
الحكم وردود الفعل
بعد جلسات متتالية، قررت المحكمة معاقبة المتهم بالسجن 3 سنوات فقط، بعدما تنازلت أسرته عن الحق المدني، وأخذت المحكمة بعين الاعتبار حالته النفسية والظروف الاجتماعية التي أحاطت بالجريمة.
إلا أن الحكم أثار موجة من الجدل في أوساط الرأي العام، حيث رأى البعض أنه حكم “رحيم أكثر من اللازم”، بينما اعتبر آخرون أنه راعى الجانب الإنساني في القضية، نظرًا لما كان يعانيه المتهم من اضطراب نفسي واضح.
ردود فعل المجتمع
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تصدرت الواقعة قوائم النقاش، حيث عبّر مئات المستخدمين عن حزنهم لما وصل إليه بعض الشباب من انزلاق وراء الخرافات والمعتقدات الباطلة، مؤكدين أن الجهل والوساوس قد يدمران البيوت ويقودان إلى الكوارث.
وطالب نشطاء بضرورة تكثيف حملات التوعية في القرى والمناطق الريفية، للتصدي لأفكار الشعوذة والخرافة التي لا تزال تتسلل إلى عقول البعض، وتؤدي إلى جرائم مأساوية مثل هذه.
النهاية المأساوية
انتهت القصة كما بدأت.. داخل بيت واحد جمع أمًا محبة وابنًا متعلمًا، فرّق بينهما وهم السحر وغلبهما الظلام النفسي.
حكم بالسجن ثلاث سنوات، لكنه لن يكفي ليُعيد حياة ضاعت، ولا قلبًا انكسر، ولا أمًا رحلت على يد أغلى الناس إليها.