
كتب: منصور عبدالمنعم
نصر أكتوبر.. نقطة تحول في التاريخ العربي الحديث
لقد كانت حرب أكتوبر نقطة تحول كبرى في التاريخ العربي الحديث، حيث لم تكن مجرد معركة بين جيشين، بل كانت مواجهة بين الإرادة والإحباط، بين الكرامة والاستسلام، بين الإيمان بالقضية والتخاذل. خرجت مصر من نكسة 1967 وهي تحمل في قلبها جرحًا غائرًا، لكن الشعب العظيم رفض الهزيمة، وأقسم أن يسترد الأرض والعزة. ومنذ ذلك اليوم، بدأت ملحمة الإعداد: بناء الجيش، وتدريب الأبطال، وتخطيط المعركة بدقة وحكمة، حتى جاء يوم النصر المنتظر.
العبور العظيم وتحطيم أسطورة خط بارليف
في تمام الثانية ظهرًا من يوم السادس من أكتوبر، انطلقت صيحات “الله أكبر” من حناجر الجنود المصريين، تهز القلوب قبل أن تهز الأرض، وكان العبور العظيم إلى الضفة الشرقية من قناة السويس بداية نهاية أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”. وفي ساعات قليلة، تحطمت أسطورة خط بارليف، أحد أقوى التحصينات العسكرية في التاريخ، بعدما تمكن أبطال سلاح المهندسين من فتح ثغرات في الساتر الترابي باستخدام خراطيم المياه، في ابتكار عبقري أبهر العالم وأثبت أن العقل المصري لا يعرف المستحيل.
روح الوحدة والتلاحم وراء تحقيق نصر أكتوبر
كان ذلك النصر ثمرة تخطيط دقيق وإرادة صلبة وتلاحم لا مثيل له بين الجيش والشعب. خلف خطوط القتال، كانت مصر كلها جبهة واحدة: الأم تدعو، والعامل ينتج، والفلاح يزرع، والطلاب يخرجون في حملات التطوع، والإعلام يخوض معركة الوعي بكل صدق ووعي وإيمان. تلك الروح الجماعية التي صنعت النصر ما زالت حتى اليوم رمزًا للوحدة الوطنية وقوة الإرادة المصرية.
- الأم تدعو والعمال ينتجون والفلاحون يزرعون.
- الطلاب يشاركون في حملات التطوع.
- الإعلام يخوض معركة الوعي بصدق وإيمان.
قيادة السادات الملهمة ومعركة السلام
ولم يكن القائد الراحل محمد أنور السادات مجرد زعيم يقود حربًا لاسترداد الأرض، بل كان قائدًا ملهمًا أدرك أن الحرب لا تُكسب بالقوة وحدها، بل بالعقل والإيمان والقدرة على اتخاذ القرار في اللحظة المناسبة. فكان قراره الجريء ببدء الحرب في رمضان — شهر الصبر والإيمان — تعبيرًا عن روح مصر التي لا تعرف إلا طريق النصر.
وبعد أن تحقق النصر العسكري، خاضت مصر معركة أخرى لا تقل أهمية، هي معركة السلام، لتثبت للعالم أنها لا تسعى للدمار، بل للعدل والاستقرار واستعادة الحقوق. فكان نصر أكتوبر بداية لمرحلة جديدة في تاريخ الأمة، مرحلة البناء والتنمية، والانطلاق نحو مستقبل مشرق يليق بعظمة هذا الوطن.
جيش مصر اليوم.. امتداد لروح أكتوبر الخالدة
واليوم، ونحن نحتفل بمرور أكثر من نصف قرن على ذلك النصر الخالد، يظل جيش مصر هو الدرع والسيف، رمز التضحية والوفاء، وحامي الأرض والعرض، يواصل مسيرته في الدفاع عن الوطن، وفي الوقت نفسه يشارك في مشروعات التنمية والبناء، ليؤكد أن روح أكتوبر ما زالت نابضة في كل شبر من أرض مصر.
تجديد العهد مع الوطن وقيم نصر أكتوبر
إن احتفالنا بذكرى نصر أكتوبر ليس مجرد مناسبة وطنية تمر كل عام، بل هو تجديد للعهد مع الوطن، واستحضار لقيم البطولة والعزيمة والوحدة التي صنعت النصر، ودعوة للأجيال الجديدة لتتعلم أن الوطن لا يُبنى بالكلام، بل بالعمل والإخلاص والتفاني.
إجلالاً للشهداء والأبطال.. وروح التحدي
في هذا اليوم العظيم، نقف إجلالًا لأرواح الشهداء الذين كتبوا بدمائهم تاريخ العزة، ونوجه التحية لكل بطل شارك في تلك الحرب المجيدة، ولكل مصري حافظ على هذه الأرض وصانها. ستظل ذكرى السادس من أكتوبر شعلة نور تُضيء طريق الأجيال القادمة، وتذكيرًا بأن مصر قادرة دائمًا — بإرادة أبنائها — على مواجهة التحديات والانتصار عليها.
الدليل نيوز عشان البلد والناس
لتبقى على اطلاع دائم بآخر المستجدات والتطورات في جميع المجالات، ندعوك للانضمام إلى مجتمعنا.