حضارة وتاريخ

هنري سولت… عندما تحوّل الدبلوماسي إلى تاجر آثار مصرية

(تهريب الآثار المصرية ١٥)

بقلم: دكتور قاسم زكى
أستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة المنيا،
عضو اتحاد الأثريين المصريين، وعضو اتحاد كتاب مصر

وعن منافس دروفيتي اللدود في نهب أثار مصر، المدعو هنري سولت (Henry Salt؛ 14 يونيه 1780م – 30 أكتوبر 1827م)، كان شخصية بارزة في عالم الاستكشاف الأثري المصري في القرن التاسع عشر. اشتهر بدوره في جمع الآثار المصرية القديمة وبيعها لمتاحف أوروبية مختلفة، مما أثر بشكل كبير على فهمنا للحضارة المصرية القديمة. وهنري سولت شخصية مثيرة للجدل أيضًا في تاريخ الاستكشاف الأثري المصري، فمن ناحية، يُعتبر شخصية مهمة في زيادة الاهتمام بالحضارة المصرية، ومن ناحية أخرى، يُنتقد لقيامه بتهريب الآثار المصرية. يبقى سؤاله مفتوحًا: هل كان سولت صائد آثار أم عالمًا؟

من هو هنري سولت؟

هو فنان ورحالة ودبلوماسي وعالم مصريات، لم يكن سولت مجرد جامع آثار، بل كان فنانًا موهوبًا، ورحالة شغوفًا، ودبلوماسيًا ماهرًا، وعالم مصريات متعطشًا للمعرفة. شغل منصب القنصل العام لبريطانيا في مصر في الفترة ما بين 1815م و1827م، مما منحه موقعًا متميزًا للوصول إلى الآثار المصرية. واستغل سولت موقعه وسلطته لجمع كميات هائلة من الآثار المصرية، والتي شملت تماثيل، ولوحات جدارية، وأواني فخارية، ومجوهرات، وأجزاء من المقابر. بعد جمع كل تلك الآثار، قام ببيعها لمتاحف أوروبية مختلفة، مثل المتحف البريطاني ومتحف اللوفر، مما زاد من شهرته وثروته.هنري-سولت

اقتسام تراث وآثار مصر

وكان القنصل الفرنسي “دروفيتي” عدوه اللدود ينشر أعوانه في كل القطر المصري يفتش وينبش كل شبر فيها في سباق محموم مع القنصل الإنجليزي “سولت” الذي يعمل لحسابه المغامر الإيطالي “بيلزوني”. وكما أوضحنا سابقًا أن اللص الفرنسي المتخفي خلف الحصانة الدبلوماسية المدعو “دروفيتي” ينافس خصمه اللدود سولت. ولكن نجد سولت الإنجليزي هذا يعقد معه اتفاقًا مكتوبًا لتقسيم مناطق النفوذ لنهب الآثار المصرية وينص الاتفاق أن تكون للص “دروفيتي” الفرنسي آثار الضفة الشرقية لنهر النيل، وللص “سولت” الإنجليزي آثار الضفة الغربية للنيل، ينقب كل منهما في منطقته بحثًا عن الآثار التي تُباع بالذهب.

مقارنة بين دور هنري سولت وبرناردينو دروفيتي

هنري سولت وبرناردينو دروفيتي هما شخصيتان بارزتان في تاريخ استكشاف الآثار المصرية في القرن التاسع عشر. وكلاهما ترك بصمة عميقة على فهمنا للحضارة المصرية القديمة، إلا أنهما اتبعا مسارات مختلفة في تحقيق أهدافهما. كان هناك نقاط مشتركة بينهما، فكان الهدف الرئيسي لكليهما هو جمع أكبر قدر ممكن من الآثار المصرية القديمة، وكلاهما تعرض لانتقادات واسعة بسبب تهريبهما للآثار. لكن هناك اختلافات بينهما؛ فسولت كان أكثر اهتمامًا بتوثيق الآثار التي اكتشفها من خلال الرسومات والصور، بينما كان دروفيتي أكثر تركيزًا على جمع أكبر عدد ممكن من القطع الأثرية.

النهاية

هنري سولت، تلك الشخصية البارزة في عالم الاستكشاف الأثري المصري، رحل عن عالمنا في 30 أكتوبر 1827م، عن عمر يناهز 47 عامًا. توفي في مدينة دسوق المصرية، بعد مسيرة حافلة بالإنجازات والاكتشافات، والتي تركت بصمة عميقة في تاريخ علم المصريات. دُفن هنري سولت في حديقة منزله في الإسكندرية، والتي تحولت فيما بعد إلى مقبرة أوروبية.

الدليل نيوز عشان البلد والناس

لتبقى على اطلاع دائم بآخر المستجدات والتطورات في جميع المجالات، ندعوك للانضمام إلى مجتمعنا.

انضم إلى مجتمع الدليل نيوز

استكشف أقسامنا الرئيسية:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights