سلايدرسياسة

100 عام من الصوت الوطني.. أول انتخابات برلمانية شكلت وجه مصر الحديثة

إعداد: منصور عبد المنعم

مع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب 2025، تعود الذاكرة إلى قرنٍ مضى حين خطت مصر أولى خطواتها على طريق الديمقراطية الحديثة بتأسيس أول برلمان منتخب في تاريخها عام 1924، في عهد الملك فؤاد الأول، بعد سنوات من النضال قادتها ثورة 1919 التي طالبت بالاستقلال والدستور والحرية.

كانت الثورة نقطة التحول الكبرى في التاريخ السياسي المصري، إذ مهدت لصدور تصريح 28 فبراير 1922 الذي اعترف باستقلال مصر – وإن كان استقلالًا منقوصًا – وفتح الباب أمام إصدار دستور 1923، وهو أول دستور حقيقي في تاريخ الدولة الحديثة. نصّ هذا الدستور على أن “السلطة للأمة”، وأن الشعب هو مصدر السلطات، وأن له الحق في اختيار ممثليه عبر مجلس نيابي منتخب يمثل مختلف فئات المجتمع.

       أول انتخابات برلمانية.. وميلاد الحياة النيابية

أجريت أول انتخابات لمجلس النواب في 12 يناير 1924، وسط حماس شعبي غير مسبوق بعد سنوات طويلة من الحكم المطلق. خاض حزب الوفد المصري بقيادة الزعيم سعد زغلول المعركة الانتخابية بشعار “الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة”، واستطاع أن يحقق فوزًا كاسحًا حصد خلاله 195 مقعدًا من أصل 264، فيما نال حزب الأحرار الدستوريين بزعامة عبد الخالق ثروت عددًا محدودًا من المقاعد.

أما مجلس الشيوخ، فضم 147 عضوًا، منهم 28 بالتعيين والباقون بالانتخاب. وبذلك اكتمل أول برلمان مصري منتخب يعكس إرادة الأمة، وافتتح أعماله رسميًا في 15 مارس 1924 في أجواء احتفالية مهيبة، وسط حضور جماهيري ورسمي كبير.

 وزارة الشعب.. حين خضعت السلطة لصوت الأمة

بعد فوز الوفد، كلف الملك فؤاد الأول سعد زغلول بتشكيل الحكومة، لتُعرف باسم وزارة الشعب، في سابقة تاريخية أجبرت القصر على الرضوخ لإرادة الصندوق الانتخابي. وكان ذلك الحدث إعلانًا رسميًا عن ميلاد الحياة النيابية الحقيقية في مصر، رغم ما واجهته من عقبات وصدامات لاحقة مع القصر والاحتلال البريطاني.

ورغم قِصر عمر هذا البرلمان – الذي حُلّ بعد أشهر بسبب الأزمة الشهيرة بين سعد زغلول والقصر عقب اغتيال السير لي ستاك – إلا أن أثره ظل خالدًا في الذاكرة الوطنية، باعتباره الشرارة التي أشعلت مسيرة الديمقراطية المصرية الممتدة حتى اليوم.

 من 1924 إلى 2025.. مائة عام من التجربة الديمقراطية

اليوم، ومع العد التنازلي لانتخابات مجلس النواب الجديدة، تستعيد مصر روح تلك البدايات، بعد مائة عام من التحديات والتطورات، شهدت خلالها البلاد تغيرات سياسية واجتماعية كبرى، وانتقلت من الملكية إلى الجمهورية، ومن دستور 1923 إلى دستور 2014.

ومع استمرار الدولة في بناء مؤسساتها التشريعية الحديثة، تبقى التجربة البرلمانية المصرية واحدة من أقدم وأعرق التجارب في العالم العربي، شاهدة على نضال أمةٍ اختارت أن يكون لها صوتٌ ورأيٌ وإرادةٌ حرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights