الجلابية المصرية: تحت الجلد وتحت الذاكرة

✍️ بقلم: حمدي رزق

في زمن تتسارع فيه مظاهر الحداثة، يطفو الجدل حول ما يُعتبر “لائقًا” أو “غير لائق” في المناسبات الوطنية الكبرى. وبينما احتفل المصريون بافتتاح المتحف المصري الكبير، ظهرت أصوات تنتقد ظهور الجلابية المصرية في هذا السياق الحضاري، وكأنها لا تنتمي إلى مشهد الفخر الوطني. الكاتب الصحفي حمدي رزق يرد في هذا المقال، لا دفاعًا عن قطعة قماش، بل عن ذاكرة وهوية.

🔹 الجلابية تحت الجلد

أنا شخصيًا أعتز بالجلابية، وأرتديها بفخر، بل إن صورتي على تطبيق واتساب تظهرني مرتديًا الجلابية والطاقية، في تعبير واضح عن انتمائي لهذا الزي الشعبي الأصيل. والدي، رحمه الله، كان يرتديها في المناسبات الوطنية، كأنها زي رسمي للانتماء، لا مجرد لباس يومي.

🔹 جلابية الانتخابات

أتذكر جيدًا “جلابية الانتخابات”، تلك الجلابية الخاصة التي كان يحتفظ بها والدي ولا يرتديها إلا في يوم الانتخابات. كان يخرج بها ليُدلي بصوته، وكأنها إعلان صامت عن الجدية والانتماء. لم تكن مجرد قطعة قماش، بل طقس وطني، وموقف، ورسالة. واليوم، أحتفظ بها كأثمن ما ورثت عنه، لا لأنها جميلة، بل لأنها تحمل ذاكرة وطنية وعائلية لا تُقدّر بثمن.

صحيح أن الجلابية لم تعد اللباس اليومي للمصريين، لكنها ما زالت حاضرة في المناسبات، وفي “حفلات الجلابية” التي تُقام كنوع من الحنين إلى الماضي. هذا الحنين ليس مجرد عاطفة، بل هو تمسك بالجذور في وجه موجات التغريب. المصريون يرتدون جلابيبهم تحت الجلد، حتى لو تغيرت مظاهرهم الخارجية. الجلابية هنا تتحول إلى رمز داخلي، لا يُقاس بالمظهر بل بالانتماء.

🟠 اعتذار مقبول

واعتذرت سمر فرج فودة لعموم الشعب المصري عن المساس بالجلابية في المتحف الكبير، والاعتذار مقبول لأجل عضم التربة. وكان طيب الذكر الدكتور فرج فودة يرتدي الجلباب في المناسبات اعتزازًا، مما يُعيد الاعتبار للرمز الشعبي في سياق حضاري.

🟣 الجلابية المصرية والمتحف الكبير

افتتاح المتحف المصري الكبير لم يكن فقط احتفاءً بالحضارة الفرعونية، بل أيضًا احتفاءً بالهوية المصرية المتعددة، التي تشمل الريف والصعيد والجلابية والطاقية والعباءة. تمسك المصريين بهويتهم، سواء الفرعونية أو الريفية، هو سر تفردهم. الجلابية لا تُنافي الحضارة، بل تُكملها.

✅ الخاتمة

المقال لا يرد فقط على تصريح، بل يُعيد تعريف الجلابية كرمز للانتماء والذاكرة والهوية. في زمن تتغير فيه الأزياء، تبقى الجلابية تحت الجلد، وتحت الذاكرة، وتحت راية الفخر الوطني.

🗂️ استكشف أقسامنا الرئيسية:

🥇 أخبار الرياضة
💰 أخبار الاقتصاد
📰 الأخبار العاجلة
🧑‍🎤 ثقافة وفن
💵 سعر الدولار الآن