«التنين الطائر» يفضح المستور.. كيف حوّل الذكاء الاصطناعي الدعاية الانتخابية إلى مهزلة سياسية؟

في سابقة هي الأولى من نوعها، غزت تقنيات الذكاء الاصطناعي الدعاية الانتخابية لمجلس النواب في مصر، لكن ما كان يُنتظر أن يكون أداة للتطوير، تحول إلى ظاهرة أنتجت محتوى متشابهًا، ووعودًا باهتة، بل وصل الأمر إلى فيديوهات خيالية حوّلت مرشحين إلى أبطال خارقين يطيرون على تنانين، مما يطرح سؤالًا خطيرًا: هل نشهد بداية “مهزلة سياسية” تهدد وعي الناخب وتفرغ العملية الديمقراطية من مضمونها؟
فقدان البصمة السياسية: حينما يتحدث كل المرشحين بصوت واحد
أصبحت صفحات المرشحين على مواقع التواصل الاجتماعي نسخًا مكررة من بعضها البعض. وعود عامة، وعبارات رنانة، وتصاميم متشابهة، كلها نتاج الاعتماد الكلي على خوارزميات الذكاء الاصطناعي. يقول أحد الناخبين: “أجد صعوبة بالغة في التمييز بين المرشحين، فالجميع يقدم نفس الرسائل بنفس الطريقة”. هذا التشابه لا يفقِد الحملات هويتها فحسب، بل يقتل جوهر السياسة القائم على الأفكار والرؤى المتباينة، ويجعل الخطاب “مصطنعًا” وخاليًا من أي روح.
من التنانين الطائرة إلى الأبطال الخارقين: السخرية التي تقتل المصداقية
حذرت الدكتورة سارة فوزي، مُدرِّسة الإعلام بجامعة القاهرة، من الاستخدام المفرط وغير الممنهج للذكاء الاصطناعي. وأشارت إلى أن بعض المرشحين، خاصة في الصعيد، لجأوا لإنتاج فيديوهات “كوميدية” تظهرهم وهم يطيرون على تنانين أو يقفون كأبطال خارقين فوق ناطحات السحاب. وأكدت أن هذا الأسلوب، وإن كان بهدف جذب الانتباه، فإنه يأتي بنتائج عكسية، حيث يحوّل العملية الانتخابية إلى مادة للسخرية ويُفقد المرشح أي مصداقية، ويشكل خطرًا تضليليًا على الفئات الأقل وعيًا التي قد تصدق هذا المحتوى.
المرشح خلف الآلة: حينما تكتب الخوارزميات البرنامج الانتخابي
تطرقت الصحفية سامية علام، المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، إلى الخطر الأعمق، وهو لجوء البعض إلى الذكاء الاصطناعي لكتابة برامجهم الانتخابية بالكامل. وتساءلت: “إذا كان المرشح عاجزًا عن كتابة برنامجه بنفسه، فكيف سيتمكن من تنفيذه؟”. وأضافت أن هذا لا يكشف ضعفًا تقنيًا فحسب، بل “أزمة سياسية وأخلاقية عميقة”، فالمرشح الذي يستعين بآلة لصياغة رؤيته، يثير شكوكًا جدية حول أهليته لتمثيل الناس والدفاع عن مصالحهم.
تحذيرات دولية وخطر التزييف العميق
الأزمة ليست محلية فقط، فالأمم المتحدة واليونسكو تحذران باستمرار من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي في الانتخابات. فتقنيات “التزييف العميق” (Deepfake) يمكنها إنتاج مقاطع فيديو مزيفة يصعب تمييزها عن الحقيقة، مما يفتح الباب أمام حملات تشويه ممنهجة ونشر شائعات قادرة على تقويض العملية الديمقراطية بأكملها. هذه المخاوف دفعت الأمم المتحدة لتبني قرار دولي يدعو إلى تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي “موثوقة” تتفق مع حقوق الإنسان وتمنع الاستخدامات المسيئة.
الدليل نيوز عشان البلد والناس
لتبقى على اطلاع دائم بآخر المستجدات والتطورات في جميع المجالات، ندعوك للانضمام إلى مجتمعنا.




