تحقيقات و ملفاتسلايدر

المدارس الخاصة.. بين جودة التعليم واستنزاف أولياء الأمور

كتب : منصور عبد المنعم

في الوقت الذي يسعى فيه أولياء الأمور لتأمين تعليم أفضل لأبنائهم، تحوّل حلم المدرسة الخاصة إلى عبء ثقيل يرهق ميزانيات الأسر المصرية.
فبين وعود الجودة والانضباط، وواقع المصروفات المتزايدة عامًا بعد عام، يقف آلاف الآباء والأمهات أمام معادلة صعبة: هل يستحق التعليم الخاص كل هذا الثمن؟

  أرقام تثير الجدل

تشير تقديرات غير رسمية إلى أن مصروفات بعض المدارس الخاصة زادت بنسبة تجاوزت 25% خلال العام الدراسي الجاري، رغم التوجيهات الحكومية بعدم رفع الرسوم دون مبرر.
وفي المقابل، لا تزال مدارس أخرى تفرض رسومًا إضافية تحت مسميات مختلفة مثل “النشاط”، و“الباص”، و“الزي المدرسي”، حتى تحولت الفاتورة إلى ما يفوق قدرة كثير من الأسر المتوسطة.

  شكاوى لا تتوقف

تقول “منى أحمد”، ولية أمر لطالب في الصف الرابع الابتدائي، إن المصروفات أصبحت تفوق راتبها الشهري.

“دفعت 35 ألف جنيه في بداية العام، غير الباص والزي، وكل شهر في طلب جديد. التعليم الخاص أصبح تجارة مربحة أكثر من كونه رسالة.”

بينما يرى “أحمد عبد الرازق”، موظف وأب لطفلين، أن المدرسة توفر بالفعل مستوى تعليم جيد، لكنها لا تراعي ظروف أولياء الأمور:

“المدرسة مميزة، لكن الأسعار نار. كل سنة بيزودوا كأننا في جامعة خاصة مش ابتدائي!”

  من الجانب الآخر.. إدارة المدارس ترد

من جهتهم، يؤكد مسؤولو المدارس الخاصة أن الزيادات جاءت نتيجة ارتفاع تكاليف التشغيل، ورواتب المعلمين، والصيانة، وأسعار الخدمات.
يقول أحد مديري المدارس الكبرى بالقاهرة:

“نحن لا نسعى للربح المبالغ فيه، لكننا نحافظ على مستوى تعليمي راقٍ يستلزم نفقات مرتفعة. ولي الأمر يطلب الجودة، والجودة لها ثمن.”

  وزارة التربية والتعليم تراقب

في المقابل، شددت وزارة التربية والتعليم على متابعة المدارس الخاصة ومحاسبة المخالفين، مؤكدة أن أي زيادة في المصروفات يجب أن تحصل على موافقة رسمية مسبقة.
كما دعت أولياء الأمور إلى الإبلاغ عن أي تجاوزات من خلال الخط الساخن المخصص لشكاوى التعليم الخاص.

  بين الجودة والاستنزاف

يرى خبراء التعليم أن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب المعايير الدقيقة التي تربط بين جودة الخدمة التعليمية ومستوى المصروفات، مؤكدين أن الحل هو في وجود رقابة صارمة تضمن التوازن بين مصلحة المدرسة وحق الأسرة في تعليم ميسور.

يقول الخبير التربوي الدكتور “محمود السيد”:

“التعليم الخاص يجب أن يكون شريكًا في تطوير المنظومة، لا عبئًا على المواطن. الاستثمار في التعليم مطلوب، لكن ضمن حدود العدالة والشفافية.”

يبقى التعليم حلمًا لا يتوقف عند أبواب المدارس، بل يمتد إلى طموح الأسر في مستقبل أفضل لأبنائها.
لكن ما بين الجودة الموعودة والضغوط المالية المتزايدة، يبقى السؤال مطروحًا بإلحاح:
هل يمكن أن يجتمع التعليم المتميز مع العدالة الاجتماعية في مدرسة واحدة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights