
كتب/ كريم محمد
في مشهد يعكس إرادة الدولة المصرية في حماية مقدراتها، شهدت القاهرة فعالية رفيعة المستوى لتسليم النيابة العامة 265 كيلوجرامًا من سبائك الذهب المضبوطة إلى خزينة البنك المركزي المصري، بقيمة سوقية تقترب من 1.65 مليار جنيه. هذا الحدث، الذي وصفه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بأنه “تجسيد عملي لنهج الدولة”، يمثل تعزيزًا للاحتياطي النقدي ويؤسس لمرحلة جديدة يتم فيها تحويل المضبوطات إلى ثروة وطنية تخدم الاقتصاد القومي.
خلفية وتفاصيل: كنز وطني في خزينة الدولة
بحضور كبار مسؤولي الدولة، أعلن رئيس الوزراء أن هذه الخطوة تأتي تنفيذًا مباشرًا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتصرف في المضبوطات بما يعزز قوة الاقتصاد الوطني. وأوضح أن الفعالية تجسد إنجازًا بالغ الأثر، حيث لم تتعامل النيابة العامة مع هذه الكمية الضخمة من الذهب بوصفها أحرازًا جامدة تنتظر نهاية القضايا، بل كـ”ثروة وطنية” قادرة على دعم الاحتياطي الذهبي للدولة وتعزيز قوة عملتها. وقد تم تحويل الجزء الأكبر من المضبوطات إلى سبائك عالية الجودة بمعايير دولية لتسليمها للبنك المركزي، مما يضمن دخولها فورًا في الدورة الاقتصادية للبلاد.
تحليل الأبعاد: من “حرز قضائي” إلى “أصل اقتصادي”
يكمن العمق الاستراتيجي لهذا الإجراء في التحول الفكري والمؤسسي في إدارة أصول الدولة. لعقود طويلة، كانت المضبوطات على ذمة القضايا تمثل قيمة مجمدة لا يمكن الاستفادة منها. أما اليوم، فنحن نشهد نموذجًا يعكس وعيًا مؤسسيًا راقيًا، حيث أصبحت النيابة العامة فاعلًا اقتصاديًا مهمًا وشريكًا رئيسيًا في تعزيز موارد الدولة. هذا التكامل بين السلطة القضائية ممثلة في النيابة العامة، والسلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة والبنك المركزي، هو ما يمكّن الدولة من تحقيق إنجازات غير مسبوقة. إن تحويل 265 كيلو جرامًا من الذهب إلى أصل سائل في خزينة البنك المركزي يبعث برسالة قوية للأسواق المحلية والدولية حول جدية مصر في تعظيم مواردها وإدارتها بكفاءة وشفافية.
سلسلة من النجاحات: نهج متكامل لإدارة الأصول
لم يكن ملف الذهب هو الإنجاز الوحيد الذي أبرزه رئيس الوزراء، بل جاء ضمن سياق أوسع من الجهود الناجحة لإدارة موارد الدولة. وأشار الدكتور مدبولي إلى النجاح الكبير في ملف إزالة التكدس بمخازن التحفظ على المركبات، وهو ما أدى إلى إخلاء ساحات ضخمة مثل ساحة 15 مايو (24 فدانًا) التي قُدرت قيمتها بنحو 2.5 مليار جنيه وتم تسليمها لوزارة الإسكان. كما تم حسم ملف “الحساب المعلق” بفرع البنك المركزي بالإسكندرية، والذي ظل عالقًا لعقود طويلة، وتم تحصيل ما يعادل نصف مليار جنيه منه للخزانة العامة. هذه الأمثلة المتعددة تؤكد أن هناك استراتيجية وطنية متكاملة تهدف إلى حصر كافة أصول الدولة المهدرة أو المجمدة وإعادة تدويرها لتحقيق أقصى منفعة مالية ممكنة، وهو ما يصب مباشرة في صالح المواطن من خلال تمويل المشروعات التنموية والخدمية.
الخلاصة والرؤية المستقبلية: الجمهورية الجديدة وتكامل المؤسسات
في الختام، فإن فعالية اليوم تتجاوز كونها مجرد رقم يُضاف للاحتياطي النقدي، لتصبح رمزًا لأسلوب عمل الجمهورية الجديدة، الذي يقوم على التنسيق الوثيق والتكامل الحقيقي بين مؤسسات الدولة. هذا العمل المشترك بين مجلس الوزراء والنيابة العامة والبنك المركزي ومختلف الوزارات هو الضمانة الحقيقية لتحقيق الإنجازات وصون مقدرات الوطن. إنها رسالة واضحة بأن كل جنيه وكل أصل مملوك للدولة هو أمانة في أعناق مسؤوليها، وأن العمل الوطني الصادق هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة التي يطمح إليها الشعب المصري، وترسيخ دعائم دولة قوية ومستقرة اقتصاديًا.
مقالات أخرى لكريم محمد:
مشروع الضبعة النووي في مصر ــــــ
إلغاء نتائج 19 دائرة انتخابات النواب



