دنيا ودين

حكم الزواج العرفي للحصول على المعاش: “باطل شرعًا وجريمة قانونًا”

في قضية اجتماعية شائكة تتجدد باستمرار، حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل حول ظاهرة التحايل بالزواج العرفي من أجل استمرار الحصول على المعاش، حيث أكد الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن هذا العقد يُعد “باطلًا شرعًا”، لأنه يمثل تحايلًا على القانون وأكلًا لأموال الناس بالباطل. لكن أبعاد القضية تتجاوز الفتوى الشرعية لتصل إلى دائرة التجريم القانوني والمخاطر الاجتماعية التي تجعل المرأة هي الخاسر الأكبر.

لماذا هو “باطل شرعًا”؟.. أركان غائبة ونوايا فاسدة

أوضح الدكتور خالد عمران أن الزواج في الشريعة الإسلامية له مقاصد سامية تتجاوز مجرد إبرام العقد، فهو ميثاق غليظ يقوم على نية الدوام والاستمرارية وبناء أسرة. أما الزواج الذي يتم بهدف الحصول على المعاش، فهو يفتقد لهذا الركن الأساسي، ووصفه بأنه “عقد صوري” لا حقيقة له. فالنية هنا ليست بناء حياة زوجية، بل التحايل للحصول على مال لا يحل شرعًا. الشريعة الإسلامية لا تعترف بالعقود التي تُستخدم كغطاء لأفعال محرمة، وهذا العقد يُستخدم كغطاء للغش والتدليس على الدولة، مما يجعله باطلاً من أساسه ويفقده أي أثر شرعي.

البُعد القانوني: جريمة تزوير واحتيال يعاقب عليها القانون

بعيدًا عن الحكم الشرعي، فإن هذا الفعل يمثل جريمة مكتملة الأركان في نظر القانون المصري. فقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات واضح في أن استحقاق الأرملة أو الابنة للمعاش يسقط بالزواج الموثق. إخفاء هذا الزواج عن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وتقديم إقرارات دورية تفيد بعدم وجود زواج، يُعد جريمة “تزوير في أوراق رسمية” و”استيلاء على المال العام”. وتصل عقوبة هذا الفعل إلى الحبس والغرامة، بالإضافة إلى إلزام المتورطين برد جميع المبالغ التي تم الحصول عليها دون وجه حق. فالقانون لا يعترف بالزواج العرفي كوسيلة لإخفاء واقعة مستحقة لإيقاف المعاش، بل يعتبره أداة لارتكاب جريمة.

المرأة هي الخاسر الأكبر: ضياع الحقوق مقابل معاش زائل

في محاولة للحصول على منفعة مادية مؤقتة، تتنازل المرأة التي تقبل بهذا الوضع عن كافة حقوقها الشرعية والقانونية التي يضمنها الزواج الرسمي. فالزواج العرفي لا يضمن لها حقها في النفقة، أو الميراث، أو قائمة المنقولات بشكل رسمي. وفي حالة حدوث خلاف أو هجر من “الزوج”، تجد نفسها في موقف قانوني ضعيف للغاية لاستعادة حقوقها. وإذا نتج عن هذا الزواج أبناء، فإن إثبات نسبهم يصبح معركة قضائية شاقة. إنها مقايضة خاسرة، حيث تضحي المرأة باستقرارها وحقوقها المستقبلية مقابل مبلغ مالي مهدد بالانقطاع في أي لحظة عند انكشاف الأمر، بالإضافة إلى خطر الملاحقة القضائية.

خلاصة: دعوة للنزاهة وحفظ الحقوق

تؤكد فتوى دار الإفتاء والنصوص القانونية على أن الزواج العرفي للحصول على المعاش هو مسار محفوف بالمخاطر الدينية والقانونية والاجتماعية. فهو ليس مجرد “شطارة” أو “تحايل بسيط”، بل هو عقد باطل شرعًا، وجريمة يعاقب عليها القانون، وتفريط في حقوق المرأة الأساسية. وتبقى الدعوة موجهة إلى ضرورة التمسك بالنزاهة والبحث عن الرزق الحلال، وعدم تعريض النفس للمساءلة القانونية وضياع الحقوق من أجل مكسب مادي زائل ومحرم.

الدليل نيوز عشان البلد والناس

لتبقى على اطلاع دائم بآخر المستجدات والتطورات في جميع المجالات، ندعوك للانضمام إلى مجتمعنا.

انضم إلى مجتمع الدليل نيوز

استكشف أقسامنا الرئيسية:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights