شباب بلا عمل.. ومصانع تبحث عن عمال!

إعداد: منصور عبد المنعم
في شوارع المدن الصناعية، لا تكاد تمرّ إلا وتجد لافتة معلّقة على باب مصنع: “مطلوب عمال فوراً”، لكن المدهش أن هذه اللافتات تبقى أسابيع دون استجابة حقيقية.
فبينما يشكو أصحاب المصانع من نقص العمالة الفنية، يشكو آلاف الشباب من البطالة وغياب الفرص.
فكيف تحوّل البلد الذي يعاني البطالة إلى بلد “يبحث عن عمال”؟
فجوة غريبة في سوق العمل
في مدينة العاشر من رمضان وحدها، تشير بيانات الغرف الصناعية إلى وجود مئات الوظائف الشاغرة في مصانع الأغذية والملابس والمواد البلاستيكية، لكنها لا تجد من يشغلها.
يقول المهندس محمود فوزي، صاحب مصنع تغليف:
“نعرض رواتب تبدأ من 4 إلى 6 آلاف جنيه، مع تأمينات ومواصلات، ومع ذلك لا نجد التزاماً من العمال. كثيرون يتركون العمل بعد يومين أو أسبوع”.
الشباب.. بين الطموح والواقع
من ناحية أخرى، يبرر الشباب عزوفهم بأسباب مختلفة.
يقول أحمد رجب (23 عاماً):
“أنا خريج تجارة، لا أقبل أن أعمل في مصنع، هذا ليس مجال دراستي.”
ويرد عليه أحد أصحاب المصانع متنهداً:
“العمل شرف، والمصنع مدرسة في الحياة. لكن بعض الشباب يريد وظيفة مريحة ومكتباً مكيفاً، لا تعب فيه ولا التزام.”
نقص التدريب.. السبب الخفي
يؤكد مسؤول بمديرية القوى العاملة أن نقص التدريب الفني هو أحد جذور الأزمة، قائلاً:
“كثير من الشباب لا يمتلك المهارات التي تحتاجها المصانع، والمدارس الفنية لم تعد تؤدي دورها كاملاً. نحتاج إلى ربط حقيقي بين التعليم وسوق العمل.”
مبادرات تبحث عن حل
في الفترة الأخيرة، أطلقت بعض الأكاديميات الصناعية ومراكز التدريب مبادرات لتأهيل الشباب وتوصيلهم بالمصانع مباشرة، مثل أكاديمية الدليل للتدريب الصناعي، التي تهدف إلى تدريب الشباب على مهارات العمل والإنتاج والانضباط المهني.
تقول مديرة الأكاديمية:
“نحن نعمل على تغيير فكر الشباب تجاه العمل اليدوي، فالمهارة اليوم هي طريق النجاح الحقيقي.”
مستقبل الصناعة في خطر
إذا استمر عزوف الشباب، فقد تواجه الصناعة المصرية أزمة حقيقية في توافر العمالة الفنية، خصوصاً مع توسع المشروعات القومية وزيادة عدد المصانع الجديدة.
فهل يراجع الشباب نظرتهم إلى العمل اليدوي؟
وهل تنجح مبادرات التدريب في سد الفجوة بين الطموح والواقع؟
البطالة لم تعد فقط “قلة فرص”، بل أصبحت في كثير من الحالات “اختياراً غير معلن” من بعض الشباب.
ويبقى الحل في التدريب، والتوعية، وتغيير ثقافة العمل نحو تقدير الجهد والمهارة، لا الشهادة والمكتب فقط.



