ثروت مرتضى.. “نحات الضحكة” الذي أعاد للكاريكاتير روحه الثالثة
ثروت مرتضى.. فنان مصري يحول الكاريكاتير إلى مجسمات نابضة بالحياة
كتب: رضا رفعت
في عالم الفن التشكيلي، حيث تكتفي الخطوط أحياناً ببعدين على الورق، قرر الفنان المصري ثروت مرتضى أن يكسر الإطار التقليدي ويمنح السخرية ملمساً وكياناً. لم يعد الكاريكاتير معه مجرد رسمة عابرة في جريدة، بل تحول إلى كائنات نابضة بالحياة، تتنفس من خلال فن “الكاريكاتير المجسم”، ليعيد صياغة العلاقة بين النحت والابتسامة فيما أسماه “الروح الثالثة”.

رحلة التمرد على القالب
بدأت علاقة مرتضى بالفن منذ نعومة أظفاره، حيث كان يسكنه شغف مبكر بتشكيل الوجوه. ورغم براعته في الرسم، إلا أن ذكاء فن الكاريكاتير جذبه بقوة؛ فهو الفن الذي يختصر أعقد القضايا في لمحة بصر. لكن طموح مرتضى لم يتوقف عند حدود القلم، بل دفعه للبحث عن بصمة خاصة، ليجد ضالته في دمج النحت بالدراما.
يقول مرتضى عن هذا التحول: “أحببت أن يكون لي طريقي غير المكرر، فالكاريكاتير المجسم يمنح الشخصية حياة ملموسة، والتحدي في هذا الفن الصعب هو ما يصنع الفنان.”
فلسفة “الصلصال”
خلف تلك الأعمال المدهشة تكمن خامات اختارها مرتضى بعناية، حيث يعتمد بشكل أساسي على “الصلصال الفوم” و “الصلصال الحراري”. بالنسبة له، ليست الخامة مجرد وسيلة، بل هي شريك في التعبير، فهي التي “تطيع الفكرة” وتسمح له بصياغة تلك التفاصيل الدقيقة التي تحول الكتلة الصماء إلى وجه يحكي قصة.
وعن سر اهتمامه بتفاصيل الوجوه، يوضح مرتضى: “الوجه هو مرآة الروح.. في الكاريكاتير، المبالغة المدروسة في الأنف أو العين قادرة على حكي قصة كاملة. أنا لا أصنع وجهاً فقط، بل أقدم شخصية لها تاريخ ومشاعر.”
أيقونات من الشارع والسينما
تتنوع أعمال ثروت مرتضى بين الشخصيات التاريخية والفنية والشعبية. فنراه يجسد “العندليب” عبد الحليم حافظ برهافته، كما نراه يغوص في تفاصيل “الحارة المصرية” ليخرج لنا بنماذج من الإنسان البسيط والمرأة المصرية الأصيلة. كل مجسم لديه هو عالم قائم بذاته، يحمل ملامح “الوعي الخفيف” الذي لا يهدف للضحك فحسب، بل للنقد والتأمل.
تحديات وأمنيات.. الفن الذي يترك أثراً
رغم ندرة هذا الفن وصعوبة تسويقه أمام الفنون التقليدية، إلا أن مرتضى يواجه التحديات بإيمان راسخ. هو لا يلهث وراء الشهرة السريعة، بل يحلم بأن يصبح الكاريكاتير المجسم ركناً أساسياً في المشهد الفني المصري، وأن يمهد الطريق للأجيال الشابة لتجربة هذا الفن دون خوف.
يختتم ثروت مرتضى حديثه برسالة لكل مبدع: “الفن الحقيقي لا يلهث وراء الشهرة، بل يترك أثراً. وعلى كل فنان أن يكون صادقاً مع نفسه قبل جمهوره”.



