سلايدرتحقيقات و ملفات

شهادة من قاع البحر: ناجٍ يروي كيف تبيع شبكات التهريب البشر بالرأس

تقرير : منصور عبد المنعم

في شهادة من قاع البحر، روى شاب مصري نجا من حادث غرق قارب للهجرة غير الشرعية تفاصيل صادمة تكشف كيف تبيع شبكات التهريب البشر بالرأس، وتحول أحلام الشباب الباحثين عن فرصة عمل أو حياة أفضل إلى أرقام داخل منظومة اتجار لا تعترف بالإنسان.

وقال الشاب، المنحدر من إحدى قرى الصعيد، إن رحلته بدأت داخل مصر مرورًا بالإسكندرية ثم مرسى مطروح، قبل أن يقع في قبضة شبكات تهريب بشر تولت نقله عبر طرق صحراوية غير شرعية من السلوم إلى داخل الأراضي الليبية، بعيدًا عن أي رقابة أو حماية قانونية.

وأوضح أن المهربين، رغم اختلاف جنسياتهم، تعاملوا مع المهاجرين بنفس الأسلوب، مؤكدًا أنهم كانوا يُعدّون “بالرؤوس” ويُنقلون من سيارة إلى أخرى دون أدنى اعتبار لكونهم بشرًا، مشيرًا إلى أن الطمع جعل القسوة واحدة مهما اختلفت اللهجات.

وأضاف أن المرحلة الأصعب كانت في مدينة طبرق الليبية، حيث تم احتجازهم داخل معسكرات غير آدمية، تعرضوا خلالها للضرب والتعذيب والإهانة، مع نقص شديد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية، لأسابيع وأحيانًا لأشهر، في انتظار تحديد مصيرهم.

وأشار إلى أن شبكات التهريب أجبرت نحو 200 شخص على ركوب قارب مطاطي لا تتجاوز سعته 50 شخصًا، دون توفير سترات نجاة أو أي وسائل أمان، لافتًا إلى أن القارب غرق في عرض البحر، ما أسفر عن وفاة العشرات من المهاجرين.

وأكد الناجي أن خمسة أشخاص فقط تمكنوا من النجاة، جرى ترحيل اثنين منهم إلى مصر، بينما لا يزال هو واثنان آخران محتجزين منذ قرابة عامين داخل أحد مراكز الاحتجاز، في انتظار البت في طلبات اللجوء، دون عمل قانوني أو إقامة مستقرة.

وأوضح أن المعاناة لم تنتهِ بالوصول إلى أوروبا، قائلًا إن الناجين يعيشون أوضاعًا إنسانية صعبة، بلا مصدر دخل أو مستقبل واضح، مع عجزهم عن العودة إلى الوطن بسبب الديون التي تحملتها أسرهم لتدبير تكاليف الرحلة.

ووجّه الشاب رسالة تحذير إلى الشباب المصري، دعا فيها إلى عدم الانسياق وراء وعود المهربين، والبحث عن طرق قانونية وآمنة للهجرة أو العمل، مهما طال الطريق، مؤكدًا أن الهجرة غير الشرعية تنتهي غالبًا بالموت في البحر أو بعمر ضائع داخل معسكرات الاحتجاز.

واختتم شهادته بالتأكيد على أن “النجاة الحقيقية ليست في الهروب، بل في البقاء على قيد الحياة”، مشددًا على أن الحقيقة التي لا يعلنها تجار البشر هي أن موت المهاجر خلال الرحلة يكون، في نظرهم، أقل قيمة من ثمن التذكرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights