عربي وعالمي

“طوفان الشتاء” يغرق خيام النازحين.. غزة تطلق 2500 نداء استغاثة في 24 ساعة والوضع “كارثي”

منخفض جوي يضرب غزة.. غرق خيام النازحين والدفاع المدني يعلن العجز

كتب: كريم محمد

في مشهد مأساوي يضاف إلى سجل المعاناة المستمرة، استيقظ قطاع غزة اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025، على كارثة إنسانية مركبة، حيث تحالفت قسوة الطبيعة مع ويلات الحرب والحصار. فقد ضرب منخفض جوي عميق وعنيف القطاع المحاصر، مما أدى إلى غرق خيام النازحين التي تؤوي مئات الآلاف من النازحين، محولاً حياتهم إلى جحيم من البرد والمياه والوحل.

وأعلنت مديرية الدفاع المدني في غزة، في بيان عاجل ومفزع، أن طواقمها المنهكة تلقت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، ما يزيد عن 2500 نداء استغاثة من مختلف محافظات القطاع، وخاصة من المناطق الجنوبية التي تكتظ بالنازحين في العراء. وأكدت المديرية أن الوضع الميداني يفوق قدرة أي جهاز إنقاذ محلي في العالم، في ظل انعدام الإمكانيات وشلل البنية التحتية.

غرق خيام النازحين.. الخيام تنهار أمام الرياح

وكشفت التقارير الميدانية أن خيام النازحين، المصنوعة في أغلبها من أقمشة مهترئة ونايلون رقيق، لم تستطع الصمود أمام شدة الرياح وغزارة الأمطار التي صاحبت المنخفض الجوي. وأكد الدفاع المدني أن آلاف العائلات أصبحت “بلا مأوى فعلي” ليلة أمس، بعد أن تسربت مياه الأمطار إلى داخل خيامهم، مبللة الفراش والملابس القليلة التي يملكونها، بينما اقتلعت الرياح خياماً أخرى بالكامل.

وارتفع منسوب المياه في الطرقات والممرات الضيقة بين الخيام في المخيمات العشوائية، لتتحول الأرضية الرملية والطينية إلى مستنقعات من الوحل، مما جعل حركة الأطفال وكبار السن مستحيلة، وحاصرهم داخل بقعة صغيرة من البؤس والبرد القارس.

انهيار البنية التحتية.. الخطر يأتي من كل جانب

لا تقتصر الكارثة على الأمطار فقط، بل فاقمها الدمار الشامل الذي لحق بالبنية التحتية للقطاع جراء الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023. شبكات الصرف الصحي المدمرة تماماً أدت إلى طفح مياه المجاري واختلاطها بمياه الأمطار، لتسري السيول الملوثة بين خيام النازحين، مهددة بانتشار الأوبئة والأمراض الجلدية والمعوية، خاصة بين الأطفال الذين لا يملكون مناعة أو دواء.

كما أدى القصف المستمر للشوارع الرئيسية والفرعية إلى تكدس الركام، مما أعاق حركة سيارات الإسعاف والدفاع المدني، وجعل الوصول إلى مناطق الاستغاثة أمراً شبه مستحيل في الوقت المناسب، وهو ما ينذر بارتفاع أعداد الضحايا ليس بسبب القصف فقط، بل بسبب البرد والاختناق والانهيارات.

صرخات استغاثة.. “الخطر المضاعف”

حذرت منظمات الإغاثة الدولية والمحلية من أن قطاع غزة دخل رسمياً مرحلة “الخطر المضاعف”. فمن ناحية، لا يزال القصف الإسرائيلي مستمراً حاصداً للأرواح، ومن ناحية أخرى، يفتك “الموت الأبيض” (البرد والصقيع) بالأجساد الهزيلة التي أنهكها الجوع والحصار.

وسجلت المستشفيات الميدانية المتهالكة حالات اختناق نتيجة محاولة العائلات إشعال الحطب أو البلاستيك داخل الخيام المغلقة للتدفئة، بالإضافة إلى حالات “هايبوثرميا” (انخفاض حاد في درجة حرارة الجسم) بين الرضع وكبار السن، في ظل انعدام وسائل التدفئة الآمنة، ونقص الأغطية والملابس الشتوية، وانقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل.

نداء للعالم: افتحوا الممرات فوراً

وأمام هذا المشهد الكارثي، أطلق الدفاع المدني والأجهزة الصحية في غزة نداءً أخيراً للمجتمع الدولي والمؤسسات الأممية، مطالبين بالتحرك الفوري لفتح ممرات إنسانية عاجلة. الهدف ليس فقط إدخال الغذاء، بل إدخال الوقود اللازم لتشغيل مضخات سحب المياه وسيارات الإنقاذ، وإدخال المعدات الثقيلة لرفع الركام وفتح الطرق، بالإضافة إلى توفير شوادر وخيام مقاومة للمطر وملابس شتوية لإنقاذ من تبقى من المدنيين.

إن ما يحدث في غزة اليوم هو اختبار حقيقي للضمير الإنساني، حيث يواجه مليوني إنسان الموت، إما بالقنابل أو بالبرد القارس والغرق، وسط صمت دولي مطبق وعجز عن وقف المأساة.

اقرأ أيضًا

– لمتابعة التغطية الحية للأوضاع في غزة وتطورات المنخفض الجوي:
تابع قسم عربي وعالمي في الدليل نيوز

– المصدر الإخباري:
وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights