خلال ساعات .. ماذا سيحدث للجنيه بعد حصول البلاد على قرض صندوق النقد؟
يستعد المجلس التنسيقي لصندوق النقد الدولي للموافقة خلال الساعات المقبلة على طلب الحكومة المصرية الحصول على قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار.
ووفقا للباحث الاقتصادي مصطفى عبد السلام: “بات من نافلة القول إن الصندوق تلقى وعودا رسمية سواء من الحكومة أو البنك المركزي أو وزارة المالية بتنفيذ عدد من الشروط المجحفة بحق المواطن والاقتصاد مقابل تمرير القرض الذي يرفع ديون مصر للصندوق إلى 20 مليار دولار في حال الموافقة عليه”.
وقال الباحث “الحكومة من جانبها لم تفصح عن تلك الشروط، وعما إذا كانت هي نفسها شروط قرض عام 2016، ومنها تعويم الجنيه ورفع الأسعار وخفض الدعم الحكومي وزيادة الضرائب”. موضحا : “أم أن هناك شروطا إضافية وجديدة تتعلق بالتحرير الكامل لسعر الصرف، وإلغاء الدعم المقدم لرغيف الخبز، وتحرير أسعار الوقود بالكامل، وبالتالي إزالة الدعم عن البنزين والسولار وربما غاز المنازل، وبيع الخدمات بسعر السوق والتكلفة، مثل الكهرباء والمياه والمواصلات العامة وغيرها”.
وتابع: “على كل حال، فإنه في ظل قلة المعلومات المتاحة فإننا نحاول رسم سيناريوهات عدة للساعات المقبلة تحاول التعرف إلى الخطوات المتوقعة المصاحبة لقرض صندوق النقد، وانعكاس ذلك على حياة المواطن والأسعار والعملة المحلية والموازنة العامة والدين الخارجي ومناخ الاستثمار والأنشطة الاقتصادية وغيرها”.
ونوه بأن أول السيناريوهات المتوقعة هو حدوث اجتماع استثنائي للبنك المركزي المصري يقرر خلاله رفع سعر الفائدة على الجنيه المصري بنسبة كبيرة قبيل اجتماع الصندوق بعد الغد، والسماح بخفض جديد في قيمة العملة المحلية، وهذا الخفض ربما لن يصل إلى التحرير والتعويم الكامل كما يردد البعض، لكنه مرن وبشكل كبير وفق طلب الصندوق، أي أن الجنيه مرشح لمزيد من التراجع في ظل هذا السيناريو، موضحا أن هاتان خطوتان، التعويم ورفع الفائدة، يطالب بهما صندوق النقد بزعم مساعدة السلطات المسؤولة على مواجهة التضخم الجامح والحد من تأثيراته الخطرة على الأسواق والأسعار وأصحاب المدخرات.
وأشار إلى أنه يصاحب خطوة رفع الفائدة مباشرة طرح البنوك الحكومية والخاصة شهادات ادخار بسعر فائدة قد يبلغ 20% وربما أكثر في محاولة لامتصاص ما تبقى من سيولة في الأسواق والحد من المضاربة على الدولار وزيادة الطلب عليه، وفي كل الأحوال، فإنه قد يصاحب هذا السيناريو ضخ البنك المركزي سيولة دولارية ضخمة في الأسواق لتلبية احتياجات المستوردين والمتعاملين مع البنوك، وذلك لإعطاء انطباع ورسالة طمأنة للأسواق بتوافر النقد الأجنبي.
وتوقع عبد السلام أنه يصاحب سيناريو خفض قيمة الجنيه وزيادة سعر الفائدة حدوث قفزات في أسعار السلع، وخاصة أن السوق المصري يعتمد على الخارج في تلبية ما يزيد عن 60% من احتياجاته، وهو ما يعني موجة جديدة من غلاء الأسعار وزيادة التضخم تصاحبها موجة أخرى من الركود والكساد وإغلاق مزيد من المصانع مع زيادة كلفة الإنتاج.
وقال إنه على مستوى السيناريوهات المتوقعة من الحكومة، فإنه قد يصاحب موافقة صندوق النقد على القرض الجديد إجراء زيادات جديدة في أسعار السلع والخدمات، السلع الغذائية والتموينية، مترو الأنفاق والمواصلات العامة، المشتقات البترولية، زيادة الرسوم الحكومية، توسيع دائرة الضرائب وإدخال فئات وممولين جدد، إضافة إلى الاسراع في خطط بيع أصول الدولة وخصخصة البنوك والشركات.
وأشار في النهاية إلى أنه في كل الأحوال، فإن الحكومة مطالبة بالتحرك سريعا لمواجهة تبعات القرارات المرتقبة على المواطن والأسعار جراء قرض صندوق النقد، لأن الحصول على رضا الصندوق وتنفيذ شروطه المجحفة على حساب المواطن يحمل مخاطر اجتماعية وسياسية وربما اقتصادية ومالية، ليس فقط على المديين المتوسط والبعيد، ولكن على المدى القريب جدا.