تعرف على بابا الفاتيكان الجديد

أعلن الفاتيكان رسميًا عن انتخاب الكاردينال الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست بابا جديدًا للكنيسة الكاثوليكية الجامعة، خلفًا للبابا فرنسيس، ليُصبح بذلك البابا رقم 267 في تاريخ الكنيسة. وقد اختار البابا الجديد اسم “لاون الرابع عشر (Leo XIV)”، في إشارة إلى رغبته في مواصلة نهج الانفتاح والتجديد الذي طبع سنوات البابا فرنسيس الأخيرة.
من هو البابا لاون الرابع عشر؟
وُلد روبرت فرنسيس بريفوست في 14 سبتمبر 1955 بمدينة شيكاغو بولاية إلينوي الأمريكية، ونشأ في كنف عائلة متعددة الخلفيات الثقافية. أظهر منذ سنواته الأولى ميلًا للدراسة والتأمل، فبدأ مسيرته الأكاديمية بدراسة الرياضيات في جامعة فيلانوفا، حيث نال درجة البكالوريوس عام 1977.
بعد تخرجه، انضم إلى رهبنة القديس أوغسطين، حيث تابع دراسته اللاهوتية وحصل على درجة الماجستير في اللاهوت من “الاتحاد اللاهوتي الكاثوليكي” في شيكاغو عام 1982. ولم تتوقف مسيرته العلمية عند هذا الحد، بل واصل دراساته العليا في روما، حيث حصل على درجة الدكتوراه في القانون الكنسي من جامعة القديس توما الأكويني الحبرية.
مسيرة رعوية دولية
في يونيو 1982، رُسم الأب بريفوست كاهنًا، وبعد ثلاث سنوات، أُرسل في مهمة رعوية إلى بيرو، حيث أمضى أكثر من عشرين عامًا في تقديم التعليم والخدمة الروحية للمجتمعات المحلية، لا سيما في المناطق الفقيرة. وقد تركت تلك التجربة أثرًا عميقًا في شخصيته، وصقلت رؤيته الاجتماعية والكنسية.
في عام 2014، عيّنه البابا فرنسيس مديرًا رسوليًا لأبرشية تشيكلايو في بيرو، ثم تم ترسيمه أسقفًا في ديسمبر من العام نفسه. وقد اعتُبر هذا التعيين تأكيدًا على الثقة المتزايدة التي يحظى بها داخل أروقة الكنيسة الكاثوليكية.
أدوار قيادية متصاعدة داخل الكنيسة
مع توسع مسؤولياته، عُيّن الأسقف بريفوست عضوًا في مجمع الأساقفة عام 2020، ثم تولى رئاسته في يناير 2023، وهو المنصب الذي جعله مسؤولًا بشكل مباشر عن تعيين الأساقفة في مختلف أنحاء العالم. وقد لفت في هذه المرحلة الأنظار إلى قدرته على التوازن بين الجدية والحوار، وبين الحزم والانفتاح.
في 30 سبتمبر 2023، منحه البابا فرنسيس رتبة كاردينال، وأسند إليه كنيسة سانتا مونيكا في روما، ليصبح منذ تلك اللحظة أحد أبرز الشخصيات الكنسية المؤهلة لخلافة البابا فرنسيس، خصوصًا مع اقتراب انعقاد المجمع البابوي لعام 2025.
شخصية قيادية تجمع بين العقلانية والتواضع
يُعرف البابا الجديد، لاون الرابع عشر، بشخصيته الهادئة والمتواضعة، وبأسلوبه القيادي المتزن الذي يوازن بين الانفتاح اللاهوتي والحفاظ على تقاليد الكنيسة. وقد وصفه مقربون بأنه رجل حوار، يحرص على تعزيز التواصل الداخلي داخل الكنيسة، وعلى مدّ الجسور مع العالم الخارجي، لا سيما في الملفات الاجتماعية والإنسانية.
كما يتميز البابا لاون الرابع عشر بموقفه المعتدل في القضايا المثيرة للجدل داخل الكنيسة، ويُعرف بدعمه القوي للشفافية في إدارة قضايا الاعتداءات الجنسية التي عصفت بالمؤسسة الكنسية في العقود الأخيرة. وهو أيضًا من الأصوات الأمريكية التي دعت إلى فهم أعمق للواقع الثقافي والسياسي الحديث من منطلق إيماني وروحي أصيل.
رؤية للكنيسة في المستقبل
يؤمن البابا الجديد بأن الكنيسة الكاثوليكية يجب أن تستعيد دورها كـ”ضمير حي للعالم”، تدافع عن العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، وتتصدى للتحديات البيئية والأخلاقية التي تواجه البشرية.
ومن المتوقع أن يشكل انتخابه نقطة تحوّل مهمة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، من خلال استمرار النهج الإصلاحي ولكن بروح أكثر هدوءًا وثباتًا، مستندًا إلى تجربته الطويلة، وتعليمه العميق، وفهمه العابر للقارات للواقع الكنسي والإنساني.