البيروقراطية تهدم الأسوار وتقتلع الأشجار!
بقلم : محمد كامل العيادي
يحتار غيري كما إحترت عندما وجدت إنعدام روح القانون والإنسانية لدى بعض الموظفين، في تطبيق القانون، بعدما قص لي أحد المتضررين من هذا الجمود، حكاية الرجل بدأت بعد أن منَّ الله عليه بقطعة أرض في مدينة العاشر من رمضان، في القطع المميزة ذات المساحات الكبيرة، قام بتشييد منزله، فوجد مساحة كبيرة أمام منزله فقام بتشجيرها وزراعتها بالنجيل وبعض أشجار النخيل، وأصبحت مسطحا أخضر ذَا منظرٍخلاب ٍمريحٍ لكل من ينظر إليه وجنة لكل من يقطن بجوارها، متنفسا جميلا وراحة نفسية لهم، ومن سوء حظ هذا الرجل جاءت عين موظف الجهاز عليها أثناء مروره وتفقد المخالفات، فوجد هذا المنظر الذي في نظره جريمة لا تُغتفر فجن جنونه ولسان حاله يقول كيف يتجرأ مواطن على الاستحواذ على أرض الجهاز، فأسرع بكتابة تقرير وعلى اثره أقيمت دعوة قضائية بإتهام الرجل بالإستيلاء والإستحواذ على أملاك الدولة، وهذا كله دون علم الرجل، وبعد جلسات تم فيها استدعاء الرجل ولكنه لا يُلبي، وبعدما استدعي من المحكمة ثلاث مرات، ولعدم حضوره حكمت عليه غيابياً بالسجن سنةً، طبعا هو ما حضر لأنه لا يعلم بهذا ولا أصلا كان يصله استدعاء المحكمة، وفوجىء بالحكم، عندما بُلغ من جهات التنفيذ بذلك، فتحرك لإنهاء وحل المشكلة مع جهاز المدينة والمصالحة معه، وبعد مداولات ونقاش عرضوا عليه حلاً من اثنين، كلاهما صعبٌ، الأول هو إيجار المكان على أن يكون سعرالمتر من 60 إلى 70 جنيها في السنة وبعد حساب الأمتار وضربها في سعر المتر وجد المساحة محل النزاع ايجارها في العام الواحد 8 ألاف جنيه أو يزيد، والثاني أن يقوم بإقتلاع كل ما قام بزراعته لتعود القطعة كما كانت من قبل صحراء قاحلة، ليجد نفسه باكيا كلما مَرَّ على هذه المساحة الخضراء ونظر إلى الشجر الذي قام بزراعته، تدمع عيناه متحسراً عليه، وكأنه يسمع الشجر يقول له أرجوك لا تسمح لهم أتركنا نسبح الله جل وعلا، أترك كل من ينظر الينا يُسر برؤيتنا.
فعلا إذا تجمد الفكر يصاب العقل بالعطب، وإذا غابت الروح فلا معنى للجسد، والموظف هو الجسد والفهم هو الروح وإذا غاب عنه الفهم، قام بتنفيذ القانون بلا هوادة ولا مراعاة الحياة الإنسانية، وبذلك كما رأينا تُهدم الأسوار، وتموت الأشجار.
إن تجاهل الغرض الأساسي الذي سُن من أجله القانون جهل وعدم الفهم، وتمسك الموظف بنص القانون يذهب روحه أدراج الرياح، ولا ندري لصالح من هذا الجمود وإضمحلال الفكر، ولا ندري لصالح من هذا الخراب وتصحر الأماكن التي من المفترض أن من يقوم بزرعة وتجميل هذه الأماكن هو الجهاز، لماذا لا تقوموا بمساعدة كل من يقوم بعمل من صالح الدولة؟، من المفترض أن تقوموا بشكر هذا الرجل وأمثاله بدلاً من الحكم عليه بالسجن، وازالة ما قام به.
ماذا لو قام كل جهاز بعمل دورة تدريبية لكل الموظفين، في كيفية التعامل مع الجمهور وتطبيق روح القانون، لماذا لا تُقدم المصلحة العامة على القانون؟ وهنا يكون أحيانا روح القانون في تطبيقه، في الحقيقة توجد بعض التجاوزات من بعض المواطنين، منها يُغتفر ومنها ما لا يُغتفر، من يُغتفر الذي من صالح الدولة أما الآخر الذي لا يُغتفر هو التعدي على أملاك الدولة واستخدامها دون الرجوع والبحث لمالك المكان.
نرجوا إعلاء روح القانون والنظر إلى جملة ” مع مراعاة الحياة الإنسانية”، ولا تجعلوا الناس تلعن البيروقراطية .