ملف ساخن: مخاطر الاضطراب النفسي على الزواج ودعوات الفحص الإلزامي

ما زالت قضية زواج المصابين بالاضطرابات النفسية تفتح باباً واسعاً للنقاش في المجتمع المصري، بين من يرى ذلك حقاً أصيلاً لا يجوز حرمانه، وبين من يحذر من التداعيات الكارثية على الأسر والأبناء. “الدليل نيوز” فتحت ملفاً ساخناً حول هذا الموضوع الاضطراب النفسي على الزواج، وقدمت شهادات صادمة لواقع بعض الزيجات التي انتهت بالفشل المأساوي، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لإدراج الفحص النفسي قبل الزواج كشرط أساسي لضمان استقرار الحياة الزوجية وحماية المجتمع.
الوجه المظلم للزيجات الفاشلة: شهادات صادمة من الأهالي
تكشف شهادات الأهالي عن واقع مؤلم لزيجات لم يكتب لها النجاح بسبب غياب التقييم النفسي قبل الزواج. في إحدى القرى بمحافظة الجيزة، يروي “الحاج حسن” قصة زواج شاب وفتاة يعانيان من اضطرابات نفسية، تم تزويجهما على أمل أن يصلح الزواج ما أفسده المرض، لكن النتيجة كانت كارثية. انفصل الزوجان بعد عام واحد فقط، تاركين طفلة صغيرة تتنقل بين الأقارب وتواجه مستقبلاً غامضاً.
قصة أخرى من ذات القرية تتحدث عن زواج شاب يعاني من اضطرابات عقلية ونفسية من فتاة تعاني من مشكلات مماثلة. هذا الزواج أيضاً لم يدم طويلاً، حيث تفاقمت المشكلات ووصلت إلى حد الشجار العلني، وانتهت بترك الزوجة لرضيعتها بلا مبالاة. هذه الحالات ليست فردية، بل تعكس أزمة مجتمعية أوسع حول أهلية المصابين باضطرابات نفسية لخوض تجربة الزواج والإنجاب، في ظل غياب تشريعات واضحة وآليات متابعة فعالة.
رؤى الخبراء: الفحص النفسي ضرورة لحماية المجتمع
من جهته، يؤكد الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، أن الفحص النفسي قبل الزواج يحد من نسب الطلاق ويحسن جودة الحياة الأسرية. كما يشير إلى أن بعض الأمراض الوراثية أو الخلقية تستدعي وقفة جادة أمام مسؤولية المجتمع. يرى الدكتور سمير الدميري، مدير عام الإدارة العامة لصحة المرأة والطفل بوزارة الصحة، أن الفحص الطبي قبل الزواج هو نقطة انطلاق لبناء أسرة سليمة صحياً ونفسياً واقتصادياً، وأن الجانب النفسي أصبح جزءاً أساسياً من مبادرة الفحص الشامل، بهدف تكوين جيل خالٍ من الأمراض.
يتفق خبراء الصحة النفسية على أن تجاهل الفحص النفسي قد يحول الزواج إلى عبء ثقيل يترك أثره السلبي على الأسرة والمجتمع. تشير الإحصاءات إلى أن نحو ربع المصريين يعانون من اضطرابات نفسية خلال حياتهم، بينما يوجد أقل من طبيب نفسي لكل 100 ألف مواطن، مما يزيد من تعقيد المشكلة.
وجهة نظر الدين والقانون: جدل حول حق الزواج
من الناحية الشرعية، يرى الأستاذ الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن منع زواج المصابين بالاضطرابات النفسية بشكل مطلق قد لا يكون مبرراً في بعض الحالات. فإذا كان المرض يقضي على الإدراك تماماً، فلا معنى للزواج، أما إذا كان المريض مدركاً لتصرفاته، فلا مانع من زواجه، شريطة متابعة طبية متخصصة وإشراف من شخص أمين أو النيابة الحسبية لضمان حماية حقوقه. ويؤكد الدكتور كريمة على ضرورة مراعاة مشاعر الأسر وتجنب اللوم، خاصة في حالات الخلل النفسي البسيط أو القابل للعلاج.
أما قانونياً، فتوضح المحامية بالنقض مها أبو بكر، أن فحوصات ما قبل الزواج في مصر تقتصر حالياً على التحاليل الطبية والهرمونية، ولا تشمل أي فحص نفسي أو عقلي. وتقترح إدخال الفحص النفسي الإلزامي قبل الزواج من خلال تعديل تشريعي، على أن يتم إجراؤه في أماكن حكومية معتمدة. وتؤكد أن هذا الفحص لا يمنع الزواج بالضرورة، بل يهدف إلى إعلام الطرف الآخر بأي مشكلات قد تؤثر على استقرار الحياة الزوجية المستقرة، على غرار مبدأ إعلام الطرف الآخر في حالة الأمراض المعدية.
مطالبات بتشريعات ملزمة وبرامج تأهيل شاملة
في ظل ارتفاع نسب الطلاق في الزيجات المبكرة، ترى مها أبو بكر أن الحل يكمن في إلزام المقبلين على الزواج بفحص بدني ونفسي وعقلي شامل. بالإضافة إلى ذلك، تدعو إلى برامج تأهيل على الزواج وإدارة الأسرة، بحيث تصدر لهم شهادة رسمية من مؤسسات الدولة لتكون شرطاً أساسياً لعقد الزواج، سواء للمسلمين أو المسيحيين. تستشهد أبو بكر بمشروع “مودة” الحكومي الذي يهدف إلى دعم الأسرة المصرية، مؤكدة أن هذه الشروط يجب أن تكون إلزامية لحماية الأطفال من آثار الطلاق السلبية على صحتهم النفسية.
تتفق المصادر الشرعية والقانونية على أن المسألة لا تحتمل التعميم، وأن كل حالة يجب أن تخضع لتقييم فردي دقيق. ومع غياب قواعد بيانات دقيقة أو متابعة رسمية لحالات الزواج، تبقى الحاجة ملحة لتشريعات تنظم الأمر وتوفر بنية صحية ونفسية كافية لدعم مثل هذه الزيجات، لضمان أن ينشأ أطفالنا أصحاء نفسياً وعقلياً وبدنياً، باعتبارهم مستقبل هذا الوطن، وعدم ترك تكوين الأسرة للمصادفة.
كن جزءًا من مجتمع الدليل نيوز وتابع أهم المستجدات:
لتبقى على اطلاع دائم بآخر الأخبار الفنية وقضايا المشاهير، انضم إلينا عبر منصاتنا:
لا تفوت آخر الأخبار والمستجدات من “الدليل نيوز” تابع أسعار العملات العالمية: