منوعاتسلايدر

إسرائيل وجرائم بإسم السلام

بقلم زياد تامر

إسرائيل وجرائم 2025

في أوائل القرن العشرين، شرع أمير الشعراء أحمد شوقي في كتابة قصيدة في مدح الرسول وبدأ القصيدة مستهلاً بأبيات الغزل والبكاء على نهج القدماء؛ حيث بدأ قصيدته (ذكرى المولد) بهذه الأبيات التي تهيء فيما بعد مطلع أبيات المدح والتعظيم لرسولنا الكريم.

سلوا قلبي غداة سلا وتابا
لعلّ على الجمال له عتابا

وتعد قصيدة (ذكرى المولد) من أروع قصائد شوقي لمدح الرسول حيث ترى القصيدة تجمع بين الغزل والمدح والوعظ والسياسة!
وفي عام 1946 حدثت أحداث سياسية مهمة في مصر وجدت فيها أم كلثوم خطوة مهمة لإظهار موقفها أمام الإحتلال، ومع معاونة أحمد رامي تم اختيار أحدى وعشرين بيتاً من القصيدة واجتازتْ بذلك خطوة مهمة في تاريخ الغناء المصري وتمت تسمية القصيدة تحت عنوان (سلوا قلبي) ولحّن القصيدة رياض السنباطي لما عُرف عنه ببراعته في تلحين القصائد الصعبة.
وفي حفل العام نفسه تُلقي أم كلثوم أشهر أبيات القصيدة وقنبلتها القومية:

وعلمنا بناء المجد حتى
أخذنا إمرة الأرض اغتصابا
وما نيل المطالب بالتمنى
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

وفي يونيو1967 والأحداث السياسية وأقاويل الحرب يتناقلها الشعب، تفاجئ أم كلثوم الجمهور بعودة (سلوا قلبي) بزيها الستينيّ.
وهنا نجد أن القصيدة جمعت بين دغدغة الآمال بالنصر المحتم ضد العدو وبين الهزيمة التي وقعت بنا بعدها بأيام قليلة.
وتظل (سلوا قلبي) معاصرة لكل مصاب يحوط بالأمة العربية والمصرية. وكانت آخر مرة أذيعت فيها القصيدة قبل هزيمة بشعة ألمّت بروح الشعب آنذاك وغيرت من روحه ولم تزل آثارها للآن.
سلوا قلبي بين الأمس واليوم.

وكل ما ذُكِر سابقاً ما هو إلا ديباجة لحديثنا الآن
(سلوا قلبى) كانت نداءاً للمسلمين والعرب للإتحاد ومواجهة تحديات الدهر والأمم الأخرى.
كان المسلمون خطراً صريحاً للأمم الأخرى، والخطر عائد لقوتهم المفرطة التى حظوا بها أثناء الفتوحات الإسلامية والتهديدات التى واجهتها خاصة بعد طامتهم الكبرى يوم فتح الأندلس، ومن البديهيّ للآن نظرتهم المستعلية لنا نحن العالم الثالث بسبب بعض الأخطاء التي وقع فيها الحكام العرب، فالحكام كانوا كمن شبعوا بعد جوع حيث كان العرب قبل الإسلام في قحطٍ وترحالٍ للتجارة ثم تفتحت لهم آيات الحياة فجأة بعد الفتوحات وهنا جن جنون بعضهم لإلتهام ملذات الدنيا، فصوروا لهم أننا همجٌ بربريون، ولهذا وصفونا نحن العرب بخلفاء هارون الرشيد!

حالنا اليوم

ولو كنا من أنصار المؤامرات لظننا أن الحال التي وصلنا إليها هى نتيجة لتخطيط دام قروناً!
ولكن بخلاف ذلك دعنا نقول أن الظروف خدمت أُمم الغرب بشكل ملحوظ طيلة القرن الفائت.
من ضعف الدولة العثمانية وقبلها حرمان شعوبها من سُبُل التقدم، وتعصب الدويلات للإستقلال، والحروب العالمية، وحدث ما نعلمه من تخطيط للحدود وإتفاقات مع الزعماء العرب الثوريين لإعطاء كلٍّ منهم نصيباً من الدويلات؛ كالبحرين، والحجاز، والكويت. وقنبلة هيروشيما وسيادة أمريكا كل ذلك خدم نوعاً ما أمم الغرب.

ثم ما نعلمه من احتلال لبعض الدول كما حدث لمصر وفلسطين تحت الإنتداب البريطاني.
وما حدث من إتفاقيات لتهجير اليهود إلي الأراضي الفلسطينية والمؤتمرات التي أقيمت والعرب غافلون عن تلك المؤتمرات، ثم النكبة والإعتراف بإسرائيل.
ثم التطور الرهيب للتكنولوجيا، والإنهيار الإقتصادي الذى جعل الشباب آلات للعمل والأكل والنوم فلا مجال هنا للإبداع أو التفكير في شؤون البلاد. وينتج عن ذلك كبتٌ قد ينفجر في جرائم وحشية.

معاهدة الهدنة
للآن تدغدغ اليهود آمالٌ في معاودة نصرهم، وتشلّهم الهزيمة التي نالتهم ومعاهدة كامب ديفيد.
يرى البعض أن السادات أخطأ حين قبل بشروط المعاهدة ولكنني أرى أن المعاهدة جعلتنا في هدنة طويلة نتدبر شؤوننا وخطتنا للقادم، فكلا الطرفين على يقين أن أحدهما سيخل بالمعاهدة يوماً ما.

وللآن الهدنة مستمرة في زيّ السلام ولا تجرؤ إسرائيل على الإخلال بها حيث يكون ذلك انتهاكاً صريحاً لسيادة سيدتها والعالم -كلنا نعلم من أقصد- وفوق ذلك تهديد صريح لموقف إسرائيل، أما مسميات السلام الدولي فهي مجرد مسميات.
ومصر تنشد السلامة للآن حتى الرمق الأخير. ولكن ماذا عن باقي العرب؟
العرب متفرقون فقسم منهم وهو الخليج نال في النصف قرن الأخيرة إنتعاشاً إقتصادياً؛ كل دولة لها مصالحها ولن تتحرك خطوة بعيداً عنها فتتأثر مصالحها وسيادة حكامها فتحدث لعبة الإنقلابات.
والقسم الآخر وهم الدول العربية المدمرة فكانت ضحية نظم حكمها وحروبها الأهلية.
و بعض الدول العربية الإفريقية وهي تنشد السلامة.

حضارة بلا حضارة
والعالم الغربي لو كان في غفلة عن الواقع الحقيقي لإسرائيل وجرائمها للدعايات الكاذبة لتحضّر الإسرائيليين وتوحش العرب كما صوّرها إعلامهم. فالآن العالم هو قرية صغيرة وفي حالتنا تلك ظهرت فضائح لجرائم مجسدة صوتاً وصورةً؛ من قتٍل بارد وحشيّ لأطفال وعجائز ونساء.

إسرائيل الآن في وضع إعلامي وسياسي سيء ولم تعد تفلح إدعاءات البكاء والتصريحات يدّعون أنهم ينشدون السلامة في كل بلد يقصفونه.

ورغم ذلك كلنا نغفل عمداً عن الإحتمالات في أن تحقق إسرائيل رغبتها في سحق العرب ومد حدودها.
إذا حدث ونالت إسرائيل أرضنا لن تنال أرضاً وشعباً، بل نالت لذة للقتل والجرائم الوحشية التي ستفوق ما حدث في فلسطين ولبنان. وستنال حضارة تمحيها من الوجود؛ من تراث وآثار من الفكر والأدب تفوق عمرها.
تصور مثلاً أن تُهدم الأهرامات تحت جرارات يهودية، أو يُلوث نهر النيل، تصور بلداً بلا حضارة!
نحن وحدنا من يقدر على رد الخطر عن العالم كما فعلنا مرة أمام خطر التتار، ولكن أحقاً نحن أهلٌ لذلك طالما شبابنا فرغت عقولهم ونفوسهم؟ أيعلم أحد منا اليوم أو يسمع عن قصيدة (سلوا قلبي)؟!

الدليل نيوز عشان البلد والناس

لتبقى على اطلاع دائم بآخر المستجدات والتطورات في جميع المجالات، ندعوك للانضمام إلى مجتمعنا.

تواصل معنا عبر منصاتنا:

استكشف أقسامنا الرئيسية:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights