منوعات

السيسي: مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول لإثيوبيا.. وسنتخذ كل التدابير لحماية أمننا المائي

كتب: منصور عبد المنعم

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر لن تسمح بالمساس بحقوقها التاريخية في مياه نهر النيل، مشددًا على أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام السياسات الأحادية التي تنتهجها إثيوبيا في إدارة وتشغيل سد النهضة دون تنسيق أو اتفاق قانوني ملزم، مشيرًا إلى أن مصر ستتخذ جميع التدابير الممكنة لحماية أمنها المائي ومصالحها الاستراتيجية.

جاء ذلك في كلمة مسجلة ألقاها الرئيس السيسي خلال الجلسة الافتتاحية لـ أسبوع القاهرة الثامن للمياه، الذي انطلق اليوم تحت شعار: “الحلول المبتكرة من أجل القدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية واستدامة الموارد المائية”. وشارك في المؤتمر وزراء المياه من مختلف الدول، وصناع القرار، وخبراء دوليون، وممثلو المنظمات الإقليمية والدولية، والقطاع الخاص والمجتمع المدني.


تحديات عالمية وإقليمية تهدد الأمن المائي

قال الرئيس السيسي في كلمته إن العالم يواجه تحديات متزايدة في قطاع المياه، تشمل شح الموارد المائية، وتزايد الطلب على المياه النظيفة، وسوء الإدارة، وتداعيات التغير المناخي، وهو ما يفرض ضرورة التعاون الدولي العابر للحدود لضمان استدامة الموارد.

وأوضح الرئيس أن القارة الأفريقية ليست بمعزل عن هذه التحديات، فهي ثاني أكثر القارات جفافًا، ويعاني أكثر من 300 مليون مواطن أفريقي من صعوبة الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، بينما يشهد العالم العربي بدوره أحد أدنى معدلات هطول الأمطار، ويعتمد في موارده المائية على مصادر خارج حدوده الجغرافية.


مصر تواجه أزمة ندرة المياه بجهود وطنية ضخمة

وأشار الرئيس السيسي إلى أن مصر تصنف ضمن أكثر دول العالم ندرة في المياه، إذ تعتمد بنسبة تفوق 98% على مصدر واحد ينبع من خارج حدودها وهو نهر النيل، في حين يبلغ نصيب الفرد من المياه نحو 500 متر مكعب سنويًا فقط، أي نصف خط الفقر المائي العالمي.

وأكد الرئيس أن الدولة المصرية تنظر إلى المياه باعتبارها قضية وجودية تمس حياة أكثر من مائة مليون مواطن، وأنها وضعت على رأس أولوياتها تنفيذ استراتيجية شاملة لإدارة الموارد المائية تعتمد على أسس علمية وابتكارات تكنولوجية حديثة.

وأضاف أن مصر نفذت خلال السنوات الأخيرة سلسلة من المشاريع القومية الكبرى لإعادة استخدام المياه وتحسين كفاءة منظومة الري، من أبرزها محطات معالجة مياه الصرف الزراعي في بحر البقر والمحسمة والدلتا الجديدة، والتي تعد من أكبر المشروعات من نوعها على مستوى العالم.

كما أشار إلى مشروعات تأهيل الترع ورفع كفاءة شبكات نقل المياه، والتوسع في تطبيق نظم الري الحديث، وتنفيذ برامج حماية السواحل الشمالية، إلى جانب تعزيز قدرات التنبؤ ومواجهة آثار التغير المناخي على دلتا النيل.


مصر في مقدمة الجهود الدولية لحماية الموارد المائية

وقال الرئيس السيسي إن مصر حرصت على وضع قضية المياه ضمن أجندة المجتمع الدولي، حيث تم إدراجها للمرة الأولى ضمن موضوعات مؤتمرات المناخ العالمية خلال قمة المناخ COP27 التي استضافتها مصر في شرم الشيخ عام 2022.

وخلال تلك القمة أطلقت مصر “مبادرة التكيف والصمود في قطاع المياه” بالتعاون مع منظمة اليونسكو والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، لدعم الدول النامية في مواجهة التحديات المائية والمناخية من خلال مشروعات واقعية تعزز العدالة والإنصاف في إدارة الموارد.

وأكد الرئيس أن مصر تمد يد العون لأشقائها الأفارقة، وخاصة دول حوض النيل، عبر تنفيذ مشروعات تنموية شملت حفر آبار مياه جوفية تعمل بالطاقة الشمسية، وإنشاء منشآت لحصاد مياه الأمطار، وتطوير نظم الإنذار المبكر، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الأفريقية سنويًا في مركز التدريب الإفريقي للمياه والتكيف المناخي بالقاهرة.


النهج الإثيوبي وحقوق مصر التاريخية

وفيما يتعلق بسد النهضة، أوضح الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر التزمت على مدار أربعة عشر عامًا بنهج دبلوماسي متزن يقوم على الحوار والاحترام المتبادل، وسعت جاهدة إلى التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد، بما يحقق التوازن بين مصالح جميع الأطراف.

وأشار إلى أن الجانب الإثيوبي قابل تلك الجهود المصرية بتعنت واضح وسعي لفرض الأمر الواقع، بعيدًا عن روح التعاون، وهو ما يعكس – بحسب الرئيس – غياب الإرادة السياسية الحقيقية لدى إثيوبيا، وسعيها لتحقيق مكاسب أحادية على حساب شعوب دول المصب.

وأضاف الرئيس السيسي أن الأحداث الأخيرة أثبتت صحة الموقف المصري، بعد أن تسببت الإدارة غير المنضبطة للسد في أضرار فعلية لدولتي المصب نتيجة التدفقات غير المنتظمة للمياه دون إخطار مسبق، وهو ما يستوجب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي والقارة الأفريقية لضمان إدارة منضبطة للنهر وفق اتفاق عادل وملزم.


رسالة واضحة من مصر للعالم

واختتم الرئيس كلمته برسالة حازمة قال فيها:

“إن اختيار مصر طريق الدبلوماسية لم يكن يوماً ضعفاً أو تراجعاً، بل تعبيراً عن قوة الموقف ونضج الرؤية، وإيماناً بأن الحوار هو السبيل الأمثل لتحقيق مصالح الجميع. لكن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول الذي تتبعه إثيوبيا، وستتخذ كافة التدابير لحماية مصالحها وأمنها المائي.”

وشدد الرئيس السيسي على أن الأنهار الدولية لم تُخلق لتكون خطوط فصل بين الشعوب، بل شرايين حياة توحد المصائر، وأن الأمن المائي والتنمية المستدامة حقان أصيلان لا يصانان إلا من خلال التعاون والشراكة العادلة التي تراعي مبادئ القانون الدولي، وتضمن المنفعة المتبادلة دون إضرار بأي طرف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights