الذكاء الاصطناعي.. بين وعد المستقبل وقلق البطالة

إعداد : منصور عبد المنعم
لم يعد الذكاء الاصطناعي حلمًا يراود الخيال العلمي، بل أصبح واقعًا يطرق أبواب كل بيت في مصر. من الهواتف التي تتحدث بلغتنا وتكتب لنا ما نفكر فيه، إلى برامج تُنَفِّذ التصميمات وتُنتج الأخبار وتُجيب عن الأسئلة، حتى أصبح بعض الشباب يصفه بأنه “الصديق الذكي” الذي لا ينام.
لكن في الجهة المقابلة، تتعالى الأصوات المحذّرة: ماذا لو أخذ الذكاء الاصطناعي مكان الإنسان؟ وماذا سيحدث لملايين الوظائف التي تقوم بها الآن “الآلات الذكية”؟
الخوف من البطالة الرقمية
في الشركات ومراكز خدمة العملاء، بدأ التغيير فعلاً.
برامج قادرة على كتابة النصوص ، والرد على استفسارات العملاء، بل وحتى ابتكار الشعارات الإعلانية في ثوانٍ معدودة.
يقول أحمد كمال، شاب يعمل في التسويق الإلكتروني: “في البداية كنت أستخدم الذكاء الاصطناعي كمساعد، لكنه اليوم أصبح ينافسني في العمل نفسه!”
ويحذر خبراء سوق العمل من أن الذكاء الاصطناعي سيقضي خلال السنوات القادمة على عدد من المهن التقليدية، لكنه في المقابل سيفتح مجالات جديدة تحتاج مهارات مختلفة، مثل تحليل البيانات وإدارة الأنظمة الذكية.
التعليم بين التطوير والغش
في الجامعات والمدارس المصرية، تغيّر المشهد أيضًا.
أصبح كثير من الطلاب يعتمدون على تطبيقات الذكاء الاصطناعي لكتابة الأبحاث وحل الواجبات، حتى أن بعض الأساتذة بدأوا يشتكون من “اختفاء الجهد الحقيقي للطلاب”.
لكن آخرين يرون أن الذكاء الاصطناعي ليس خطرًا، بل فرصة لتعليم أكثر تفاعلية وحداثة إذا أُحسن استخدامه.
يقول الدكتور خالد منصور، أستاذ الذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة:
“الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن التفكير البشري، لكنه أداة تساعد الطالب على التعلم السريع وتحليل المعلومات، إذا تعلم كيف يوجّهها بطريقة صحيحة.”
بين الجهل والخوف
رغم الانتشار الكبير لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ما زال الغموض يلفّ المفهوم عند كثير من المصريين.
البعض يراه خطرًا على الأمن والوظائف، وآخرون يتعاملون معه بخرافات وخوف من “سيطرة الروبوتات”.
يقول المهندس محمد عادل، مطوّر برمجيات:
“الخطر الحقيقي ليس في الذكاء الاصطناعي، بل في الجهل بكيفية استخدامه. الجاهل بالتقنية هو الذي سيتضرر، أما من يتعلم فسيكون المستفيد الأول.”
مستقبل مصر في عصر الذكاء
تعمل الدولة المصرية على خطة وطنية للتحول الرقمي، تتضمن تطوير التعليم الإلكتروني، وتشجيع الابتكار التكنولوجي، وإنشاء مراكز بحثية متخصصة في الذكاء الاصطناعي.
وفي ظل هذه الخطوات، يرى كثير من الخبراء أن مصر تمتلك فرصة حقيقية لتصبح مركزًا إقليميًا للتقنيات الذكية، خاصة مع طموح شبابها وقدرتهم على التعلّم السريع.
بين الخوف والأمل
يبقى الذكاء الاصطناعي كالسيف ذي الحدّين: يفتح آفاقًا جديدة، لكنه يحمل معه تحديات هائلة.
سيكون المستقبل لمن يُتقن التعامل معه لا لمن يخشاه.
فمن لا يتعلّم اليوم كيف يستخدم الذكاء الاصطناعي، قد يجد نفسه غدًا خارج معادلة العمل والحياة في عصر لا يرحم المتأخرين.




