في العام 2017 حققت شركة «أمازون» – عملاق التجارة الإلكترونية الأمريكي – مبيعات قدرها 178 مليار دولار، وهي قيمة تمثل أربعة أضعاف إيرادات الموازنة المصرية العام الماضي، وعلى الرغم من أن جزءا من مبيعات أمازون كان داخل القطر المصري، إلا أن الحكومة المصرية لم تتمكن من تحصيل سنتا واحدا على تلك المبيعات، ببساطة لأن الشركة ليس لها أية مقرات في مصر.
وفقا لدراسة قيّمة أعدها مصطفى عبدالقادر الرئيس السابق لمصلحة الضرائب بشأن مكافحة التجنب الضريبي في ضوء أنشطة الاقتصاد الرقمي، فإن القواعد الضريبية الحالية في مصر لا تأخذ في الحسبان الأرباح الضخمة التي تحققها شركات التجارة الإلكترونية من خلال سوق بحجم مصر.
كانت أنباء تناولت أن منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية «OECD»، تعتزم تقديم معونة فنية لمصر، من خلال وزارة المالية، ومصلحة الضرائب، فى مجال فرض الضريبة على التجارة الإلكترونية، بناء على طلب من محمد معيط، وزير المالية فى إطار التعاون المشترك مع مصر.
ووفقا لما قالته مي أبو غالي، خبيرة الضرائب الدولية، وممثل مصر فى منظمة التعاون الاقتصادى، فإن قيمة معاملات التجارة الإلكترونية العالمية، المحلية والدولية عبر الحدود، 25 تريليون دولار، حسبما بؤكد تقرير منظمة التجارة العالمية الصادر فى أكتوبر الماضي.
المصدر ذاته يقول إنه فى 2016 بلغت قيمة معاملات التجارة الإلكترونية 27.7 تريليون دولار، منها 23.9 تريليون دولار معاملات التجارة الإلكترونية بين الشركات”.
وحسبما ذكرت «أبو غالي» فإن فرض الضريبة على التجارة الإلكترونية أمر من شأنه أن يحقق بالفعل إيرادات متزايدة للحكومات، حيث حقق هذا النوع من الضرائب أكثر من 3 مليارات يورو فى الاتحاد الأوروبى وحده.
وفي ظل البحث الدائم والمستمر للدولة عن إيرادات تسد بها العجز المزعج بالموازنة العامة، وفي ظل مساهمة الإيرادات الضريبية بنحو 75% من إيرادات الموازنة فإن الحديث عن فرض ضرائب على التعاملات الإلكترونية أصبح أمرا يستحق أن يؤخذ على محمل الجد، غير أن ثمة معوقات كبيرة تحول دون تحقيق هذا الأمر، ومجهودات أكبر لابد أن تُبذل لإزالتها.
ووفقا لرأى المركز المصري للدراسات الاقتصادية فإن من بين أهم المعوقات التشريعات المصرية، والتي تعد غير قادرة على احتواء أنشطة الاقتصاد الرقمي ضريبيا.
ويرى المركز أن المعاملة الضريبية لأنشطة الاقتصاد الرقمي في قانون الضريبة على القيمة المضافة لم تستوفِ المعايير الدولية التي تطلبها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
الثغرة الأهم تتمثل في شرط يوجد بقانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، والذي يشترط أن يكون للشركة مقرا دائما في مصر حتى يمكن فرض الضريبة على أرباحها، وهو الشرط الذي لا ينطبق على الشركات العاملة في الاقتصاد الرقمي أو التجارة الإلكترونية لقدرتها على خدمة عملائها عن بعد.
كما يستثني القانون أنشطة التخزين والتسليم والعرض وتجميع المعلومات من تعريف المنشأة الدائمة ويعتبرها أنشطة تحضيرية ومساعدة، وهي وإن كانت كذلك في ضوء الأنشطة التقليدية إلا أنها لم تعد كذلك في ظل الاقتصاد الرقمي، فعلى سبيل المثال يعد التخزين والتسليم ركنا محوريا في التجارة الإلكترونية.
وحسبما يرى المركز فإنه إذا لم يتم تعديل القانون المصري لن يتسنى فرض الضريبة على هذه الأنشطة، وستظل عدم عدالة المنافسة بين المشروعات الاقتصادية العاملة في نفس السوق عاملا سلبيا، فضلا عن التأثير سلبا على حصيلة الدولة الضريبية، في وقت تسعي فيه الحكومة إلى تحقيق فائض أولى بالموازنة العامة للدولة.
ويطالب المركز بالإسراع بتعديل قانوني الضريبة على الدخل، والقيمة المضافة للأخذ في الاعتبار طبيعة أنشطة الاقتصاد الرقمي واختلافها عن الأنشطة التقليدية، ومراعاة التنوع الشديد في نماذج الأعمال الرقمية فمنها ما يعتمد على الإعلانات كمصدر رئيسي للدخل مثل فيسبوك، ومنها ما يعتمد على تطوير البرامج والتطبيقات مثل مايكروسوفت، ومنها ما يعتمد على الاشتراكات مثل الصحف والجرائد ومشغلي الموسيقى والأفلام، ومنها تطبيقات الاقتصاد التشاركي من أوبر وكريم.