المستشفيات ….أينما تكونوا يلحقكم الاهمال الطبي
تقرير :منه وليد
صحة المجتمع هو أحد الحقول الرئيسية في دراسة العلوم الطبية والسريرية، والذي يُعنى بحماية وتحسين الوضع الصحي للجماعات السكانية والمجتمعات بشكل إجمالي وليس بصحة المريض كفرد مستقل. تعدّ صحة المجتمع حقلاً دراسياً مستقلاً أو قد يتم تدريسه ضمن مجالات الصحة العامة أو الصحة البيئية.
إلي اين ذاهب “الاهمال الطبي”
رغم أن الإهمال الطبى فى مصر ليس بالأمر الحديث أو الغريب على مجتمعنا إلا أنه فيما مضى كان غالبا ما ينحصر فى بعض المستشفيات الحكومية والمؤسسات الصحية التابعة للدوله وكثيرا ما رأينا وسمعنا عن مآسى لأشخاص قتلوا عمدا نتيجه لإهمال طبى جسيم فى بعض مستشفيات التأمين أو غيرها.
ولكن العقاب دوما لا يكون رادعا بالقدر الذى يحد من تكرار تلك الأفعال ولأننا ايضا تعودنا وتأقلمت مسامعنا على تبريرات السادة الوزراء والمسئولين حول ضعف الامكانيات وصعوبة الأجواء والظروف التى يعمل بها الأطباء وقلة الموارد.
ولأننا أيضا شعب متدين بطبعه يؤمن جدا بأن الأعمار بيد الله ويستسلم جدا لمقولة الأطباء الشهيرة “عملنا اللى علينا والباقى على ربنا”، فدائما وابدا يبقى الوضع كما هو عليه.
وقد يتم لفت نظر الطبيب أو توجيه اللوم له او الشطب على أقصى تقدير او حتى لو وصلت للمحاكمه فغالبا لا يستطيع أهل المرضى إثبات شئ من الإهمال المستتر خلف أوراق “مضروبه” أو اقوال زور أو شهادات مكتومة أو إقرار سئ السمعة بتوقيع إجبارى عن إخلاء مسئولية الأطباء قبل إجراء أى جراحة.
صحيح أن الأعمار بيدالله حقا وقولا، ولكن الله لم يأمرنا أبدا بالتخاذل مع من أهملوا فكانوا سببا فى ضياع فلذات أكبادنا من بين أيدينا او كانوا سببا فى غياب آباء وأمهات عن أحضان ابنائهم وبناتهم.
الله لم يأمرنا أبدا أن نتركهم يعبثون بأعمار البشر ونقول قضاء وقدر.. الله لم يأمرنا إلا بكل ما فيه خير وصلاح للفرد وللمجتمع، لذا كان لزاما علينا عدم السكوت والقنوع بأن كل ما يحدث من إهمال يندرج تحت بند “قضاء وقدر”!
ما اتحدث عنه اليوم يا سادة هو الإهمال الجسيم فى المستشفيات الخاصة الفاخرة ذات “الخمس نجوم” ومن أطباء أسمائهم رنانة يعرفهم القاصى والدانى، ولهم شهره تفوق أحيانا شهرة الفنانين احيانا !!. نعم يحدث الآن فى مصر!
فعدوى الإهمال واللامبالاة انتقلت من مستشقيات الحكومة إلى تلك المنتجعات العلاجية التى من المفترض أن يحظى فيها المريض بكل أشكال الرعاية والاهتمام.. ولما لا وقد أيقن ملاك تلك المستشفيات الاستثماريه الهادفة للربح “فقط”.
إن كل الأبواب مفتوحه وكل الطرق ممهدة للربح بأى وسيلة ومن دون رقيب رادع ولأن دائما وأبدا علمتنا الحياة أن
“من آمن العقاب أساء الأدب”، فقد أساءوا إلى كل شئ إلى أنفسهم وإلى مجتمعهم وإلى مهنتهم بأن اتخذوا من أقدار وأعمار المواطنين سلعة تباع وتشترى ويقبضون أتعابهم مقابل قتل ابنائنا بأيديهم أو بأيدى إهمالهم الجسيم!!
اليوم أتحدث عن حاله بدأت تأخذ منحى “حالة عامة” من كثرة ما نسمع الآن عن مآسى تحدث فى أكبر المستشفيات الخاصة ومن أكبر الأطباء.
اليوم اتحدث أيضا عن حاله خاصة جدا لشاب فى مقنبل العمر، كان يخطو أولى خطوات الشباب فإذا به اليوم غائبا عن دنيانا ونحسبه فى مقام أفضل عند رب كريم … احمد بن الخمسة عشر عاما الذى توجه لمستشفى كبير فى المهندسين لإجراء جراحة عادية فى ركبته عند طبيب مشهود له بالكفاءة او”هكذا كنا نظن” إلى هنا كل شئ كان يسير على مايرام.
ولكن ماحدث بعد ذلك لا يمكن اعتباره “قضاء وقدر أونصيب وقسمه والكلام ده”، فللأسف حدث شيئا ما خطأ أثناء الجراحة “غالبا بسبب جرعة التخدير” أدى إلى توقف القلب ولكن يبدو أنه حدثت عمليه لإنعاش القلب مرة أخرى وبدون الدخول فى تفاصيل قد تكون معقده وغائبة عنا فقد احتاج المريض إلى رعاية مركزه من نوع خاص للأسف لم تكن موجودة فى مستشفى استثمارى خاص كهذا ما أدى إلى تدهور الحاله ومن ثم مات أحمد.
مات أحمد ولكنه أيقظ بموته ضمائر أيقنت أن الطب فى مصر بحاجة إلى وقفة، وان القوانين الخاصه بالإهمال الطبى فى حاجه إلى تعديل، وأن الرقيب قبل أن يكون رقيب الضمير والنفس يجب أن يكون سيف العقاب، فالنفس دوما إمارة بالسوء لا يقومها إلا خوف المصير.
أحمد لم يكن الأول ولن يكون الأخير إذا بقيت الأوضاع كما هى ولم يتغير شئ.. كل ما نطلبه الآن هو تحقيق عادل يثبت من المخطأ ومن ثم محاسبته بجزاء رادع يشفى غليل ويطفئ نار كل من تعذبوا بفراق أحبة لهم نتيجه للإهمال الطبى.
ماهي الاخطاء الطبيه التي يرتكبها الطبيب في حق نفسه ثم المريض ؟
الأخطاء الطبية هي عبارة عن انحراف الجهات الطبية عن الواجبات المفروضة عليهم وعدم تأديتها بالشكل الصحيح، نظراً للإهمال الواضح وعدم التيقّظ أثناء التعامل مع المريض وحالته الصحيّة وعدم المحافظة على حقوقه، فواجب المجال الطبي هو المحافظة على حياة المريض وحقوقه الصحية والالتزام بمعايير الحيطة والحذر أثناء ممارسة المهنة وللخطأ الطبي انواع كثيره منها الفني: وهذا الخطأ متعلّق بأساسيات المهنة لدى الجهة الطبية، بحيث يتم الخطأ عند الرجوع إلى الأصول والقواعد العلمية والفنية للمهنة، نتيجةً للجهل بهذه الأصول أو عدم تطبيقها بالشكل الصحيح، كأن يصف الطبيب للمريض دواءاً يسبب الحساسية أو علاج جديد لم يتم تجربته من قبلوايضاً الخطأ المادي: وهذا الخطأ متعلق بواجبات الحيطة والحذر العامة وعدم الالتزام بها أثناء أداء واجبه اتجاه المريض، كأن يقوم الطبيب بإجراء عملية جراحية بأدوات غير معقمة، أو ترك بعض المواد في بطن المريض.
وترجع هذه الاخطاء الي عدة اسباب ومنها :
أسباب الأخطاء الطبية عدم مراعاة الأصول والقواعد العلمية.
عدم اتخاذ معايير الحيطة والحذر أثناء أداء العمل.
عدم الاهتمام الكافي بالمريض.
وجود نزاع بين المريض والطبيب أو الجهة الطبية.
عدم توقع النتائج قبل البدء بالتشخيص والعلاج.
الإهمال الناجم عن التقصير في أداء الواجبات بالتوقيت المناسب والطريقة الصحيحة.
عدم المقدرة على التشخيص السليم، ممّا يؤدّي إلى فشل التشخيص وبالتالي تفاقم المشكلة.
عدم الاهتمام بحل النتائج السيئة للعلاج الخاطئ عند العلم بالخطأ.
التعب النفسي والجسدي وعدم المقدرة على إدراك الواجبات بالشكل السليم.
ممارسة من هم غير مؤهّلين وغير مرخصين للمهنة الطبية، وعدم ملاحقتهم من قبل الحكومة.
اختيار الدواء الخاطئ، أو صرف الدواء الخاطئ.
عدم مراقبة المريض بالشكل المناسب في المستشفيات.
تأخير النظر إلى حالة المريض الخطرة.
حدوث خلل بالأجهزة المستخدمة للفحص والعلاج.
عدم توفر بعض الإمكانيات والأجهزة الضرورية للفحص والتشخيص الدقيق.
عدم وجود قوانين رادعة للعاملين بالمجال الطبي في حال قاموا بالأخطاء الطبية وعرضوا حياة المريض للخطر أو حتّى الموت.
مزاولة المهنة قبل التأكد من كفاية مدّة التدريب اللازمة للحصول على الخبرة.
عدم عمل ملف لكل مريض يحتوي على كافة التفاصيل اللازمة لمعرفة حالته الصحية ويشمل جميع الفحوصات، في حال انتقل المريض من مكان لمكان آخر للعلاج.
نصائح لتجنّب الأخطاء الطبية تطبيق أحكام قضائية عادلة ورادعة للمخطئين والمتسبّبين بأضرار للمرضى.
عقد ندوات عن أخلاقيات الممارسات الطبية، وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم.
معرفة الخلل الحقيقي ومحاولة إصلاحه، وعدم الرجوع إليه. الإبلاغ عن الخطأ الطبيعي فور حدوثه ومحاوله تصليحه بالشكل السريع. المراقبة الصارمة، وعدم السماح بأي تهاون أو إهمال.
مراقبة عمل الأجهزة بشكل دوري.
التصميم السليم للمباني الصحية، والتي تسهل التحرك. فهم خطة العلاج والتأكد من أنها الاختيار السليم قبل إعطاءها للمريض. السؤال الدائم عن الأدوية التي يأخذها المريض قبل وصف أي دواء جديد له.
التركيز أثناء القيام بالعمليات الجراحية والتأكد من أن كل شيء في مكانه الصحيح.
شرح الحالة والعلاج للمريض بالشكل التفصيلي ومشاركته بالاختيار في حال تعددت خيارات العلاج للحالة.
القيام بكافة التحاليل اللازمة للتشخيص والعلاج، والتأكد منها بشكل مباشر.
وفي ظل هذه الأذية الانسانيه في حق المرضي ….هل للطبيب عقوبه ؟؟
ويوضح قانون العقوبات، أن عقوبة الإهمال الطبى تعتبر “جنحة” وليست جناية، وتتراوح عقوبتها بين الحبس سنة و3 سنوات بحد أقصى، وفقا لظروف وملابسات الواقعة.
وتعد وقائع الإهمال الطبى من الوقائع التى يصعب اكتشافها وإثبات الجريمة على الطبيب أو المستشفى الصادر ضدهم البلاغ، حيث إن تقرير الطب الشرعى هو العامل الوحيد المحرك لتلك القضايا، وبنسبة 80% يفشل فى تحديد سبب الوفاة وينسبها أنها نتيجة مضاعفات للعملية التى تم إجرائها.
قانون المسئولية الطبية.. هل يحمى الطبيب أم المريض؟..
الطبيب ملزم تجاه مريضه ببذل العناية لا بتحقيق نتيجة
* حصول الخطأ دون وقوع ضرر لا يرتب مسؤولية على الطبيب
عاتق الطبيب هو التزام ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة ويكون ذلك ببذل الجهود الصادقة واليقظة التي تتفق والظروف القائمة والاصول العلمية الثابتة بهدف شفاء المريض وتحسين حالته الصحية .
الطبيب في الاصل الحصول على رضا المريض في حالة العلاج او العمليات الجراحية وتخلف هذا الرضا يجعل الطبيب مخطئا ويتحمل تبعة المخاطر الناشئة عن العلاج ورضا المريض لا يعني اعفاء الطبيب من المسؤولية بل يسأل طبقا للقواعد العامة عن الخطا الصادر منه اثناء العلاج او الجراحة.
*من المعروف ان مشكلة الاخطاء الطبية لم تعد مشكلة مهنية محصورة ضمن كوادرها في الساحة الطبية بل هي مشكلة اجتماعية تحوز اهمية خاصة لدى جميع فئات المجتمع وشرائحه وقد اهتمت وسائل الاعلام بمشكلة الاخطاء الطبية.
نود ان نتعرف على طبيعة الالتزام الطبي وهل الطبيب ملزم ببذل عناية ام تحقيق نتيجة؟
– بداية نسأل انفسنا لماذا يثار الحديث في موضوع الاخطاء الطبية فهل نشأ جديد ام ان الاخطاء الطبية زادت ام ان هناك مشاكل يجب ذكرها وتسليط الضوء عليها؟ الجواب نعم .. وعي المواطن زاد كما ازدادت معرفته وتطورت ثقافته والطب في تطور مستمر واصبح لدينا تقنيات طبية حديثة وعديدة كما ان قيمة الانسان زادت فالانسان اغلى ما نملك كما ان الاضرار الناجمة عن الخطأ الطبي اصبحت لها ترجمة وقيمة مالية .
والالتزام الذي يقع على عاتق الطبيب هو التزام ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة، ويكون ذلك في بذل الجهود الصادقة واليقظة التي تتفق والظروف القائمة والأصول العلمية الثابتة بهدف شفاء المريض وتحسين حالته الصحية، وبما ان التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية بالتالي فإن المسؤولية التي تنشأ هي مسؤولية تقصيرية في حال نشأ خلل، فمثلا الصور الإشعاعية ليس الهدف منها التصوير وانما تشخيص المرض وبالتالي عندما نتعامل مع اي مرض فعلى الطبيب ان يبذل جهده والعناية الكافية فالطبيب لا يضمن النتيجة.
* ما هي الالتزامات التي يجب على الطبيب اتباعها بدءا من دخول المريض الى عيادة الطبيب وحتى خروجه منها؟
– يجب اولا ان يحصل الطبيب على موافقة المريض على الفحص الطبي والموافقة تبدا من حضور المريض الى الطبيب لمعالجته وايضا، لا بد من حضور ممرضة الفحص الطبي وان يقوم الطبيب باخذ كافة الاجراءات التي من شانها تشخيص المرض كما على الطبيب ان يشرح للمريض كافة الاحتمالات المتوقعة عن هذا المرض وحتى الادوية بان يبين ان هذا الدواء اغلى او ارخص وهذا افضل او اقوى ويرشده الى المختبر المناسب الذي يساعده باخذ الفحوصات المطلوبة والمناسبة للوصول الى المرض .
* ما هو الخطأ الطبي؟
– الخطا الطبي له اشكال عديدة ومتنوعة ومن هذه الاشكال الخطأ الجسيم كنسيان قطعة شاش او قماش او ملقط او مقص في جسم مريض او ان يكون خطأ فاحشا يدل على قلة احتراز وعدم يقظة وقلة انتباه من الطبيب.
واحيانا يكون الطبيب على غاية من اليقظة والعلم لكن ينشأ ان يصاب المريض بالتهاب بكتيري او فيروسي او قد ينتج عنه اثناء العمل خثر دموية فهذه تسمى مضاعفة ولكن هناك اخطاء تترتب عليها مسؤولية جزائية صعبة »مثلا طبيب يجهض بدون وجه حق، طبيب يعطي مخدرات بدون سبب علاجي« واحيانا هناك مسؤولية مسلكية مثلا طبيب تلفظ بالفاظ غير مناسبة تجاه زميله ….. والخطأ الطبي كلمة عامة تشمل كل هذه الامور فالطبيب ليس وحده المسؤول وان كان هو اول من يسأل فهناك الممرضة والمكان الذي يتم فيه العلاج والتقنيات والاجهزة، وكذلك الصيدلي شريك وادارة المكان والوصف الوظيفي كلهم شركاء في المسؤولية.
وما اردت قوله ان هذا الموضوع هو عملية معقدة ومتشعبة واصبحنا في حاجة ماسة الى الترتيب وهذا يعني اننا بحمد الله وصلنا الى درجة اصبحت فيها الاخطاء الطبية مرصودة ..
.
* متى تبدأ المسؤولية الطبية عند الخطأ في التشخيص؟
– تبدأ المسؤولية الطبية عند الخطأ في التشخيص حين يؤدي ذلك الى تأخير العلاج وتأخير النتيجة التي يسعى الطبيب الى تحقيقها وهي شفاء المريض، فتأخير العلاج يؤدي الى استفحال المرض مما يلحق اضرارا كثيرة نتيجة عدم التشخيص السليم، مثال ذلك : ان يقوم الطبيب بعلاج داء الرئتين بدلا من علاج اعتلال عضلة القلب.
* هل يلزم الطبيب باستشارة طبيب آخر اكثر منه خبرة او تخصصا؟
– القاعدة العامة ان الطبيب لا يلزم باستشارة طبيب آخر اكثر منه خبرة او تخصصا الا ان هناك حالات استشارية تستدعي ذلك ، خاصة اذا طلب المريض او اهله مثل هذا التدخل، فإذا وجد الطبيب نفسه امام حالة لا يسعفه فيها علمه يجب عليه ان يستعين باحد زملائه المختصين الا اذا حالت الظروف دون ذلك. وللطبيب الحق المطلق بل من الواجب المطلوب القيام به الاستعانة بالاخرين من الكوادر الصحية لاختيار وتحديد نوع العلاج الضروري للمريض، وفي حالة قيام أي شكوى او قضية حول الاخطاء العلاجية فإن الاستفسار حول الاستعانة بالاخرين هو من الاسئلة المتوقعة والواردة جدا التي يتم توجيهها للطبيب.
* هل يجوز للطبيب الانسحاب والاعتذار عن المعالجة او استكمال المعالجة لاي سبب من الاسباب؟
– يجوز ذلك للطبيب اذا كان في وضع لا يجعله قادرا على القيام بواجبات (المعالجة) سواء بسبب العجز العلمي او لعدم التخصص او لاسباب نفسية او اجتماعية بشرط ان لا يضر ذلك بمصلحة المريض.
وتبين الدراسات ان جو المنافسة بين الاطباء يجعل من عملية الانسحاب او عملية الاستعانة بالاخرين تشكلان نقطة ضعف وسلوكا معيبا لدى الطبيب ولكن عندما يتورط الطبيب في مشكلة تؤدي الى قتل او اعاقة عندها سيشعر الطبيب كم ان الاستعانة بالاخرين او الانسحاب عملية حضارية انسانية وجدانية القيام بها هو شرف واخلاق وكبرياء وليس فيها ما يعيب او يشين.
* هل يشترط ان يتبع الطبيب طريقة علاج دون اخرى؟
-اختيار الطبيب لطريقة علاج دون اخرى لايؤدي الى مسؤوليته عن طريقة العلاج التي اتبعها ما دامت هذه الطريقة صحيحة علميا ومتبعة فعلا في علاج المرض، ومسؤولية الطبيب عن خطأ العلاج لا تقوم على نوع العلاج الذي يختاره الا اذا اظهر جهلا باصول العلم والفن الطبي، وعليه فمن حق الطبيب ان يختار الوسيلة العلاجية التي يراها اكثر ملاءمة لحالة المريض، فمثلا اذا رأى الطبيب ضرورة استئصال المرارة لمريض فهناك عدة طرق لاستئصال المرارة وبالتالي يجب على الطبيب ان يذكر البدائل لمريضه وتكاليف هذه البدائل ويترك للمريض حرية الاختيار.
* هل الطبييب ملزم بان يشرح ويبين للمريض طبيعة مرضه وطرق المعالجة ونسبة النجاح والمضاعفات المحتملة؟
– الطبيب ملزم وقبل ان يقوم باي تدخل علاجي ان يشرح ويبين للمريض باسلوب سهل ومفهوم طبيعية المرض وطرق المعالجة ونسبة النجاح والمضاعفات المحتملة والمخاطر التي قد تنتج في حالة عدم المعالجة وباسلوب سهل يتناسب مع قدراته النفسية والعقلية والعلمية وهذا ما نسميه نحن الاطباء بالموافقة المتبصرة وان لا يشرح للمريض طبيعة المرض بطريقة تؤدي الى تردد المريض وارباكه في اتخاذ القرار مما يؤدي الى فشل المعالجة والحاق الضرر به، وفي بعض الحالات المرضية تتطلب مصلحة المريض ان يمتنع الطبيب عن ذكر حقيقة المرض كليا او جزئيا وذلك خوفا من حصول ردود فعل سلبية تؤدي الى تردي الحالة الصحية مما يؤدي الى زيادة خطر المضاعفات، وجاء في المادة 19 من الدستور الطبي انه يشترط احاطة الاهل علما في حال اخفاء الامر على المريض.
* كيف يمكن اثبات خطأ الطبيب وعلى من يقع عبء اثبات الخطأ؟
– اولا: لا بد من وقوع الضرر سواء كان قاتلا او غير قاتل لكي يعتبر الطبيب مسؤولا جنائيا عن فعله فإن لم يقع الضرر فلا محل للعقاب مهما كان خطأ الطبيب ومهما يكن الخطر الذي يمكن ان يترتب عليه فلا عقاب على الشروع فمجرد حصول الخطأ دون ضرر لا يرتب مسؤوليته والضرر المقصود ليس الضرر الناجم عن عدم شفاء المريض او عدم نجاح الطبيب في العلاج فعند شفاء المريض شفاء تاما او جزئيا لا يكون ركن الضرر متوفرا لان الطبيب لا يلزم بشفاء المريض وانما يبذل قصارى جهده في سبيل الشفاء فالتزامه هو التزام ببذل عناية قد يؤدي او لا يؤدي الى تحقيق غاية افتراضية.
كذلك يجب قيام علاقة السببية بين الخطأ وذلك الضرر فإذا انتفت علاقة السببية انتفت المسؤولية، وتحديد رابطة السببية في المجال الطبي يعد من الأمور الشاقة والعسرة نظرا لتعقد الجسم الإنساني وتغير حالاته وخصائصه وعدم وضوح أسباب المضاعفات فقد تعود أسباب الضرر الى عوامل بعيدة او خفية تعود الى طبيعة تركيب جسم المريض، اما عن خطأ المريض فتنتفي رابطة السببية اذا كان وحده السبب في احداث الضرر اما اذا ساهم مع خطأ الطبيب في وقوع الضرر فإن ذلك لا يرفع المسؤولية عن الطبيب وانما يخففها.
وان عبء اثبات الخطأ الطبي يقع على عاتق المريض الذي يملك الحق المطلق باتباع كل وسائل الاثبات من شهود وخبرة ومستندات ليثبت ان الخطأ ناجم عن اخلال الطبيب بواجباته المهنية. وعلى الطبيب ان يثبت عدم ارتكابه الخطأ كما يلتزم الطبيب بتدوين كافة المعلومات عن المريض وحالته الصحية وكل اجراء تم اتخاذه .
وبعد ذلك يأتي دور القاضي الذي يترك له سلطة تقديرية في تقدير الضرر واثبات الخطأ فيبرز دور الخبراء من الاطباء الذين يستعان بهم لتنوير القاضي الذي لا يملك المعرفة والدراية الكاملة بالقضايا الطبية الفنية.
* وفي سؤال تلقاه البرنامج عبر الفاكس من احد المواطنين يستفسر هل الحصول على موافقة المريض على عملية له يعفي الطبيب من المسؤولية في حال حدوث خطأ ويعطيه الحق في التصرف بجسم المريض كما يشاء دون ضوابط؟
– الموافقة على اجراء العملية لا تعفي الطبيب من المسؤولية ولا تبيح له التصرف في جسم الانسان دون ضوابط لذلك فان الموافقة يجب ان تكون متبصرة فمعظم الناس في الاردن يذهبون الى المستشفيات لاجراء عمليات ويطلب منهم ان يوقعوا على ورق لما يراه الطبيب مناسبا وهذا يعتبر موافقة اذعانية لا يوجد لها موقف قانوني حقيقي بمعنى ان الطبيب يجب ان يجلس مع المريض ويشرح له ماذا يريد ان يفعل ويبين له ما هي البدائل وما هي المحاذيربحيث لا تؤثر سلبا على صحة المريض .. والرضا الصادر من مريض الى طبيب بخصوص علاج او عملية معينة يجب ان يكون قاصرا على هذا العلاج او العملية نفسها فمثلا انا اخذت الموافقة على اجراء عملية معينة فانا ملزم بإجرائها ولا يجوز اجراء أي عملية اخرى كما ان عملية الختان ليست من العمليات الطارئة ..
* هل من حق المريض الحصول على نسخة من ملفه الطبي او على تقرير طبي واف وفي أي وقت يحق للمريض طلب ذلك؟
– كل شيء له مرجعية في الوضع القانوني والملف الطبي هو من حق المستشفى ولكن من حق المريض الحصول على صورة من الملف الطبي او محتواه الملفي من خلال تقرير يسطره احد الاطباء الذي قام بالمعالجة.
* الا ترى ان هناك فراغا تشريعيا للتعامل مع الاخطاء الطبية خاصة وانه لا يوجد قانون للاخطاء الطبية يضمن حق المريض والطبيب معا وضمن اطار المساءلة العادلة؟
– هناك قوانين في الاردن كقانون العقوبات فالمادة 62 تتحدث عن الاعمال الطبية المباحة وهناك قانون الصحة العامة يتحدث من هو الطبيب وكيف سجل وقانون المجلس الطبي الاردني الذي يتحدث عن تقييم الاطباء وامتحاناتهم وقانون الصيادلة وقانون العقاقير الخطرة وهناك الدستور الطبي الاردني والموجود ضمن قانون نقابة الاطباء، وهذا كله عبارة عن مجموعة متفرقة من القوانين التي تناقش القضايا الطبية، ولكننا بحاجة الى قانون موحد يضبط هذه الحالات بدقة وموضوعية خاصة واننا قد وصلنا الى اداء طبي راق ومتميز، والان نحن في طور تطبيق هذا الموضوع حيث تقدمت وزارة الصحة بمشروع عن المساءلة الطبية سيتم عرضه قريبا.
* ما هي الجهات التي يستطيع المتضرر اللجوء اليها من جراء حدوث خطأ طبي؟
– للمتضرر الخيار اما اللجوء الى النقابة وتقديم شكوى لدى النقابة ضد الطبيب الذي ارتكب الخطا واما ان يلجا الى المحكمة حيث نكون بصدد جناية او جنحة من الطبيب على المريض حسب مدى الضرر وما إذا كان الفعل افضى الى الموت او الى العاهة البدنية ونرى ان المشرع الاردني لم يحدد جهة معينة للمتضرر يتم اللجوء لها، وانني ارى اننا نحتاج لقانون واضح للمساءلة الطبية يحدد لنا بالضبط ما هي الجهة المختصة التي يستطيع المتضرر اللجوء اليها وعلينا ان لا نخشى من قانون المسؤولية الطبية بل نحن بحاجة اليه لانه يحمي العملية العلاجية من جميع جوابها ويحمي الطبيب والمريض معا.
* ما رأيك بما يعرف بالتأمين عن الاخطاء الطبية ؟
– هذه صورة من صور التكافل بين الاطباء ومعروف لدينا من خلال صناديق مؤسسية في نقابة الاطباء مثل صندوق التكافل لنهاية الخدمة وصندوق التكافل ضد اخطاء المهنة وهو موضوع ضروري وحيوي ولا بد من حصوله وعلى الاطباء ان يفكروا بموضوعية بإقراره بالطريقة التي يريدونها وتحقق الهدف من انشائها وقانون المسؤولية الطبية يجب ان يخرج الى حيز الوجود.
* النصيحه الاخيرة التي اوجهها للناس عامة والاطباء خاصة في موضوع الاخطاء الطبية؟
– اولا اقول للناس ان الحديث عن المساءلة الطبية ليس مثار خوف بل هو مثار للطمأنينة، فجميع قضايا المسؤولية الطبية تساعد في ضبط العملية الطبية ولا تقلل من شأن الاطباء ونحن لا نخشى على سمعة الطب من هذه القضايا لان هذه القضايا تعزز مهنة الطب وتساعد من باب تحسين الاداء الى الافضل وعلى الاطباء المطالبة بصدور هذا القانون والتشريعات الضابطة لما في هذا القانون من حماية للمريض وضمانة للطبيب؟