كتب : أحمد عثمان عوض
الحضارة المصرية تجذب وتسحر عشاقها من كل مكان حتي الأطفال لديهم شغف كبير ليعرفوا أسرار تلك الحضارة ولكن مينا ياسر ليس طفلا على الرغم من صِغر سنه، إلا أنه طفلًا واعيًا بأهمية آثار بلاده، عشقها حتى النخاع، وظل يبحث وراء الكثير منها، ينهم بشغف القصص والمعلومات، حتى يُشبع رغبته في حبها، حتى أصبح طموحه في سن الرجولة.
مينا ياسر طفل يبلغ من العمر 15 عامًا، نشأ في محافظة الفيوم، وكان من نماذج الأطفال التي لا تتككر كثيرًا، يعشق شيئًا لا يحبه الكثير من الأطفال، وهو الآثار؛ مما يجعله مختلفًا عن الكثيرين، فضلًا عن كونه طفلًا دؤوبًا في البحث عما هو جديد في هذا الشأن.
تبلور داخل وجدانه حلمٌ بأن يلتحق بكلية الآثار؛ وامتلأ وقته بزيارة كل المعالم السياحية في عدد من المحافظات، وحتى وقت فراغه أصبح يبحث وينبش عن فيديوهات وكتب الآثار.
زاهي حواس “كلمة السر”
كان زاهي حواس وزير الآثار الأسبق هو بطل قصة الطفل مينا ياسر، الذي أحب الآثار بسببه، وظل يتابعه دائمًا، ويسير على خطاه، ويقرأ كتبه، التي كان يقتصد من مصروفه اليومي ليشتريها، مثل كتب: الملك خوفو، و40 سنة حفاير، وعالم توت عنخ آمون.
وبدأ مينا الطفل العاشق للآثار في زيارة المعالم المختلفة في سن صغير، مثل هرم اللاهون، ومتحف كوم أوشيم، وأهرامات الجيزة، ومتحف الحضارة، ومتحف التحرير، وهرم ميدوم بني سويف، ومجموعة سنفرو، ومجموعة أبوصير، وغير ذلك.
أحب الآثار رغم الدراسة
على الرغم من أنه مازال طالبًا في مرحلة الثانوية العامة الدراسية، إلا أن ذلك لم يمنعه عن استمرار بحثه في الآثار ، وزيارة الأماكن الأثرية، وقراءة مختلف الكتب، ومتابعة البرامج المهتمة بهذا الشأن، خاصة في فترة الإجازة الدراسية.
وكان لأسرة الطفل مينا دور كبير في ذلك؛ فبدأت في إشباع رغبته في زيارة المعالم الأثرية والمتحاف المختلفة، وتشاركه أسرته في ذلك؛ عن طريق شراء الكتب لها، وتنظيم الرحلات المختلفة للأماكن الأثرية بالمحافظات، ما جعلها تخلق داخله حس أثري كبير.
هرم هوارة
تواصل مينا عدة مرات مع عدد من المهتمين بالشأن الأثري في مصر، وتواصل مع محرر “الفجـر”، من أجل الإبلاغ عن إحدى المشكلات حول آثار الفيوم، وهو “هرم هوارة”.
وكان حديث مينا عن هرم هوارة، وكأنه يتحدث عن منزله، أو عن شئ يخصه، وملكه في الأساس، تنطلق الكلمات من شفتيه ممزوجة بالاهتمام والحرص والشغف.
وأضاف مينا: “هرم هوارة بناه الملك أمنحمات الثالث، في هوارة بالفيوم، والهرم يعاني من حالة سيئة جدًا بسبب مياه ترعة وهبي، التي تمر بجانب الهرم، وهو مهدد الآن بالانهيار، هل الهرم على أجندة وزارة السياحة والآثار؟ وهل مشكلة مياه ترعة وهبي على أجندة وزارة الري؟ وما سبب توقف مشروع إنقاذ الهرم بعد اكتشاف أجزاء معبد اللابيرنث أو قصر التيه؟ ولماذا لم يتم البحث عن باق أجزاء المعبد؟”.
وتابع: “هرم هوارة له تاريخ عظيم يعود للملك أمنمحات الثالث من الدولة الوسطى وزاره العديد من المؤرخين منهم هيردوت وعالم الآثار وليم فلندرز بتري، ومشكلة الهرم ترجع لسنوات طويلة مضت، وحتى الآن لا نعلم ما الموجود في حجرة دفن هرم هوارة بسبب مشكلة المياه التي تملأ ممرات الهرم، والهرم أحد أهام آثار الدولة الوسطى، وننتظر الآن تدخل وزارة الري لحل المشكلة”.
ولم يكتف مينا بالنقد بل طرح الحلول أيضًا؛ فاقترح توفير مبلغ 50 مليون جنيه لإنقاذ الهرم، وإنشاء معرض آثار مؤقت لآثار للملك توت عنخ آمون والملك أمنمحات الثالث، ودعوة الأجانب لحضور هذا المعرض”.
رسالة مينا لوزارة السياحة والآثار
ولحبه الشديد للآثار، وحرصه واهتمامه الدائم، وجه الطفل مينا رسالة لوزارة السياحة والآثار، قائلًا: “أين الفيوم من أجندتك في الفترة السابقة؟ توجد مشكلات مياه جوفية كثيرة تهدد آثار أخرى، إلا أنها ليست ظاهرة حتى الآن، وأين المسؤولين في محافظة الفيوم عن هذه المشكلة؟ الهرم الآن يستغيث ويحتاج إلى نجدة لإنقاذ، وآثار مصر ملك العالم، ولماذا لم يتحرك الأثريين لإنقاذ الهرم؟ الآثار هي تراث مصر الغالي، يجب الحفاظ عليها، وهي تساهم في بناء اقتصاد مصر عن طريق العملة الأجنبية، نرجوا إنقاذ الآثار المهددة وأي أثر نهمله عن علم ودراية بمثابة خيانة للوطن، الآثار هي أجمل شيء يراه الأجانب في مصر، وهي سفيرة لمصر، فيجب الحفاظ عليها ويجب التسويق لها علي مستوي الجمهورية”.
وأضاف في رسالته: “يجب على وزارة السياحة والآثار الاهتمام بعمل دعاية سياحية لهرم هوارة، فهو جزء من حضارة قدماء المصريين في الفيوم، كما يجب إنشاء قاعة في المتحف الكبير تحكي تاريخ محافظة الفيوم عن طريق القطع الأثرية الموجودة في مخازنها الأثرية”.