دور الأم في مصر القديمة
كتب: أحمد عثمان عوض
عندما هممت أن اخط مقالي هذا عن دور الأم في مصر القديمة وأمسكت بعناصره لعمل الترابط فيما بينها كان لزاما على عزيزي القارئ أن أسجل رأى الشخصي وهو أن الحضارة المصرية القديمة ربما تكون ديانة سماوية قد حرفت لأنة لا توجد حضارة على كوكب الأرض معاصرة للحضارة المصرية أعطت المرأة حقا يكاد يساوى ما أنعمة الله عليها في الإسلام .
لقد تمتعت المرأة في مصر الفرعونية بحقوق لم تنلها في العصر الحديث الذي يتشدق فيه الكثيرون بحقوق المرأة ومساواتها للرجل. تمتعت بأهلية قضائية كاملة وكان لها استقلالها المالي عن الرجل واشتغلت المرأة المصرية بالكثير من المهن والحرف والمناصب المرموقة في المجتمع مثل منصب القاضي والوزير وعملت بالطب والجراحة وامتهنت مهنة المرضعة والمولدة وكانت سيدات الصفوة يشغلن وظيفة أدارة مصانع النسيج الكبرى مثل ” نيفر ” وكان بإمكانها أن تدير أملاكها الخاصة بل وتدير الممتلكات العامة وأن تمسك بزمام الأمور في البلاد ولقد كانت وصية على العرش مثل “اعح حتب ” أم أحمس الأول الذي أقام لها لوحة كبيرة بالكرنك تبين قدرة هذه الأم وتفانيها وإخلاصها لوطنها وكانت أول امرأة تنال وساما عسكريا .
مفهوم الأم في الديانة المصرية :-
لا توجد حضارة سبقت الحضارة المصرية في تقبل ظاهرة الموت لذلك اعتقدوا بالبعث وبالعالم الأخر وهذا بداية ظهور الدين ثم بدء ينظر إلى الجنس البشرى والولادة والتكاثر كضمان لبقاء الجنس البشرى وأستمرارة من هنا ظهر دور المرأة وأصبحت الأم هي مركز العائلة لأنها المنجبة والمرضعة والمربية وربة البيت .كما أعتقد المصري القديم أن حياة الآلهة تماثل حياة البشر وأن هناك رباطا اجتماعيا لهم وهو رباط الزواج وهو ما عرف بالثالوث اى وجود عائلة ( زوج الهي ,زوجة إلهية , ابن الهي )
مثل ( أوزير – ايزيس – حورس , ( بتاح – سخمت – نفرتم ) , ( خنوم – ساتت – عنقت ),
( أمون – موت – خونسو) , (حور – حتحور – ايحى ) .
وتتفق فكرة أن الآلهة مولودة مع الأساطير بجميع الشعوب التي تحكى عن ولادة الآلهة وأن للآلهة أما وأبا. فنجد أن أم الآلهة هي التي تلد الآلهة كلها فربة السماء نوت التي ولدت الشمس حسب ما جاء بنصوص الأهرام ، والقمر حسب ماجاء بنصوص التوابيت وتوصف دائما بأنها التي ولدت الآلهة ك ( سوبك ، رع ) وكما كانت ايزيس أما لحورس .
ولما كانت مراحل الحياة هي الميلاد، وسن البلوغ، وسن الرشد، والزواج، والأبوة، وأخيرا تنتهي الدورة بالموت فما هو دور الأم في هذه المراحل ؟
هي التي تلد وتقوم برعاية الطفل حتى سن البلوغ وتقدم له النصح في سن الرشد وعند تأهبه للزواج تختار له زوجة وعند هذه المرحلة تأتى أخرى من بنات جنسها لبدء دورة أخرى .
لذا عندما أراد الكهنة وهم طبقة الصفوة آنذاك تمثيل تكوين العالم للشعب المصري صوروه
مما يحدث أمامهم وأصبغوه بالدين
المعبودات الأنثوية: –
ظهرت سمة تقديس الأم لأنها المسئولة عن العطاء وبقاء الجنس البشرى عن طريق الولادة فهي التي تعرف سر استمرارية الحياة ومن هنا تم الاعتقاد بأن الأم لديها سر الخلق وتعلقه بسر ديني يحكم أصل الحياة.
المعبودة حتحور :- آلهة السماء والأم الكونية مسكن حور، آلهة الغرب حيث تسمح للأموات بالعبور للأقاليم السفلية
المعبودة ماعت :- نسبوا إليها أنها تمثل العدالة والحق وهى بنت الآلة رع آلة الكون وزوج الآلة تحوت
المعبودة سشات:- نسبوا إليها أنها راعية الكتابة والكتاب وتقوم بكتابة أسماء الملوك على شجرة هليوبوليس المقدسة
المعبودة ايسة :- نسبوا إليها معرفة العلم بالكتابة والحساب وذكروا أنها قالت ” أرشدني أبى إلى سبل المعرفة
المعبودة تاورت :- نسبوا إليها أنها تحمى الحوامل والوالدات
المعبودة سخمت:- نسبوا إليها أنها تشفى الأمراض وتهاجم القوى الشريرة
المعبودة موت :- زوجة أمون آلة طيبة ومثلت كأم حاملة لأبنها خونسو
المعبودة نفتيس :- أخت ايزيس ساعدتها على أحياء زوجها
المعبودة نوت :- آلهة السماء زوجة جب آلة الأرض وكانت تصور داخل المقابر لتحمى المتوفى بجناحيها
المعبودة ايزيس :- الأم المقدسة أم حورس والزوجة الوفية لأوزيريس رمز للأمومة والعطاء تقدم لها القرابين في الربيع وهو موسم بدءا لخلق والتكاثر وقدماء المصريين هم أول من احتفلوا بعيد الأم
المعبودة واجت : – كانت إلهة حامية صورت على شكل الحية أو على هيئة أدمية برأس لبؤة
المعبودة سلكت :- كانت تصور على شكل العقرب كإلهة حامية تحافظ على أحشاء المتوفى .
وقد دللت المناظر في النقوش عن علاقة هذه المعبودات وما لها من صفات بالفرعون وخاصة مناظر الرضاعة وما لها من دلالة على أنة أكتسب صفاتها وأنة أصبح في حمايتها
ومن وصايا الحكيم أنى إلى ابنة : –
” يجب ألا تنسى فضل أمك عليك ما حييت فقد حملتك قرب قلبها وكانت تأخذك إلى المدرسة وتنتظرك ومعها الطعام والشراب فإذا كبرت واتخذت لك زوجة فلا تنسى أمك ”
ويوصى بالأم وحسن معاملتها ويذكر بما لها من أفضال فيقول : –
” رد إلى أمك ضعف الخبز الذي أعطته لك وأحملها كما حملتك لقد كنت بالنسبة لها عبئا مرهقا وثقيلا وهى لم تسأم أو تضجر عندما أزف موعد مولدك وحملتك رقبتها ومكث ثديها على فمك سنوات ”
ويوصى بعدم عقوقها فيقول :-
” فتذكر أمك التي ولدتك وأنشأتك تنشئة صالحة فلا تدعها تلمك وترفع أكفها إلى الآلهة فيستمع لشكواها ”
ولنا أن نتسأل هل هذه النصوص نصوص أدبية لا توجد أدلة على تطبيقها ؟
في الحقيقة أمدتنا النصوص بالعديد من الأعمال التي توضح أن المجتمع المصري جمع بين النظرية والتطبيق منها:-
بني أمنحتب الأول لوحة لجدته ” تتى شرى ” محفوظة بالمتحف المصري سجل به ” أنى أفكر في جدتي تتى شرى ” .
أقام أحمس الأول لوحة كبيرة بالكرنك تبين قدر أمة وتفانيها وإخلاصها لوطنها.
” السنة الخامسة عشر شهر هاتور يعطى بسمتيك رمخ 10+1أرورات من أرض آمون في قفط وهو سقاء في جبانة طيبة بصفة وقف لقبر والدته ” تتنحور “.
ظل واضحا على مدار التاريخ المصري قوامة الرجل على زوجته وبناته وبنية وامتداد مسئوليته عنهم حتى بعد سن الزواج فالمجتمع المصري مجتمع أبوي النسب منذ بدايته دون أخلال بمكانة المرأة كما أتاح لها ممارسة كافة الأنشطة بما يناسبها من أعمال مدنية ودينية بشرط أن يناسب ذلك قيمة وتقاليده ومعتقداته وذلك بجانب دورها الرئيسي في رعاية بيتها وزوجها وتربية صغارها .
ومن الدلائل على هذا :-
التوازن التام بين أوضاع الزوجين من خلال المسميات الاصطلاحية فلقد كان الزوج بالنسبة لزوجته ” هي ” أى بعل و” نب ” أي سيد أو ولى أمر وفى الوقت ذاته ” سن ” أي أخ
وكانت الزوجة بالنسبة إلى زوجها ” ست ” أي سيدة و” حمه “أي حرمه لاتحل لغيرة وهى كذلك ” ست حمه “وسميت ” حبسه ” أي مستورة و” حمسه ” أي رفيقته وهي أيضا ” مره ” اى حبيبه وكذلك ” نبت بر ” أي ربة المنزل وأيضا ” سنه ” أي أخته .
هناك العديد من التماثيل التي مثلت الزوجات والأزواج وكان دائما تحيط الزوجة زوجها بيدها وتضع يدها على كتفة أو تلامس يده دليل على عظيم احترامها له وتقديره .
القانون المصري: –
1 – الميراث في مصر القديمة : –
قواعد الميراث في مصر القديمة دللت علي أن الأم تورث لأبنائها بل أن احد أمراء الدولة الوسطى ورث أيضا عن زوجة أبية كما أن الزوج يورث زوجاته سواء الشرعيات أو غيرهن .
2 – العقوبات: –
كانت جريمة عقوبة اغتصاب الإناث في مصر القديمة خصاء الجاني وترجع شدة العقوبة لاقتراف الجاني لأبش الجرائم وهي : – ( انتهاك الحرمة – الزنا – خلط الأنساب ).
وكانت عقوبة قاتل أحد والدية أو كليهما قطع أجزاء من جسده بالتدريج ثم حرقة حيا فوق الأشواك .
كما أن الحامل ومحكوم عليها بعقوبة الإعدام يؤجل تنفيذ إعدامها حتى تضع حملها .
وعقوبة الزنا كانت تقضى بقتل الزوجة الزانية وذلك بحرقها حية ثم صار القانون يقضى بجذع أنفها فقط حتى يتشوه وجه تلك المرأة .
ذكر الله جل جلاله في محكم تنزيله امرأتان من المؤمنات في مصر القديمة وهما امرأة فرعون وماشطة فرعون .
كما أن زوجة نبي الله إبراهيم السيدة هاجر هي أميرة فرعونية وهي أم سيدنا إسماعيل، وزوجة سيدنا محمد صلى الله علية وسلم السيدة ماريه مصرية كذلك وقد اصطفاه رب العزة من أوسط العرب نسبا.
لذا فأن كان للتاريخ فجر ففجر التاريخ مصر فهي أم الدنيا أنبلج الصباح فيها وغطي نورها كافة أركان المعمورة