هل ينتصر فيروس كورونا
بقلم : الدكتور مجدي شرارة خبير التنمية البشرية
هل ينتصر فيروس كورونا على ثلاثى الشر (الخصخصة, منظمة التجارة العالمية, العولمة).
بعد انتهاء الجولات التجارية الثمانية لمنظمة الجات والتي بدأت الجولة الأولى في جنيف أبريل 1947 وانتهت الجولة الثامنة في ﺃﻭﺭﻏﻭﺍﻱ سبتمبر 1986 ﻭﺍﻋﺗﻣﺩﺕ ﻧﺗﺎﺋﺟﻬﺎ ﺭﺳﻣﻳﺎ ﻣﻥ ﺟﺎﻧﺏ ﺍﻟﺩﻭﻝ ، ﺍﻟﻣﺷﺗﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺟﻭﻟﺔ ﺃﻭﺭﻏﻭﺍﻱ ﻓﻲ ﻣﺩﻳﻧﺔ ﻣﺭﺍﻛﺵ ﺑﺎﻟﻣﻐﺭﺏ ﻓﻲ 15 ابريل 1994، وأدت الجولة إلى إنشاء منظمة التجارة العالمية.
وبعد انتهاء المؤتمرات الوزارية العشرة لمنظمة التجارة العالمية والتي بدء المؤتمر الوزراي الأول في ديسمبر 1996 في سنغافورة .واختتم المؤتمر الوزراي العاشر في نيروبي، كينيا فى ديسمبر 2015 . وقد أصبح إجمالي عضوية البلدان 162 دولة عضو بعد انضمام أفغانستان وليبيريا إلى منظمة التجارة العالمية،
هنا يحضرنى مؤتمر سياتل وهو المؤتمر الثالث لوزراء منظمة التجارة العالمية الذى عقد فى ديسمبر 1999 وحضره ممثلون لـ(135) دولة هم اعضاء المنظمة في ذلك الوقت وقد حقق المؤتمر فشل ذريع, وقد رأى البعض بأنها ضربة قاضية للعولمة, والبعض الآخر رأى ان هناك نجاحاً حققته المنظمة وذلك بانضمام الصين كعضو فيها وهذا ما سعت اليه الولايات المتحدة في سباق السيطرة والهيمنة الامريكية والحد والتصدي لتوسيع السيطرة الاوروبية من خلال جعل السوق الصينية الضخمة سوقاً مفتوحة امام كافة البلدان.
ان معطيات العقود الطويلة الماضية تؤكد على حقيقة الحوار بين دول العالم الصناعي ودول العالم النامي الفقير والذي تنتمي اليه دولنا العربية, حيث كان الحوار يسير وفق وتيرة تحقق مصالح استراتيجية للدول الصناعية الاستعمارية فيما ظلت الدول العربية والعالم الثالث اسيرة لضغوط واستغفال العالم الصناعي لها رغم ما تملكه هذه الدول من ثروات طبيعية كانت نهباً من قبل الدول الصناعية, فيما لم تكن هذه الاخيرة مراعية ابداً لمصالح وحقوق شعوب عالم الجنوب (العالم الثالث) ولم يكن الحوار حواراً متزناً او منطقياً, واللغة المستخدمة في هذا الحوار تحمل مفرداتها الكثير من الاستهجان والاستغلالية لشعوب العالم الثالث, حيث استباحت خيرات هذه الشعوب واعطت لنفسها حق نهب حقوقهم المادية والمعنوية الانسانية.
في هذا الوقت نجد أن الدول الصناعية الكبرى تدرك ما تريده من هذه المنظمة التي تعتبرها خطوة او حلقة وسطى بين الخصخصة والعولمة, وهي الحلقات الثلاث التي سوف تحكم من خلالها الدول الصناعية قبضتها على العالم ولا سيما العالم الثالث وتصبح جميع الحدود والسماوات مفتوحة.
وبعد أن تأكدت الدول الصناعية الكبرى أنها هيمنت على اقتصاديات الدول النامية وباتت أمريكا تفرض شروطها واتاوتها على الدول النامية بدواعى الحماية.
وبعد مرور 73 عاما من بداية الجولات التجارية لمنظمة الجات والتى كان حلمها والهدف منها هو الأسواق المفتوحة والسماوات المفتوحة والحدود المفتوحة ،
سبحان الله فجأة وبدون سابق انذار يظهر فيروس كورونا ليبدد الحلم وينسف الهدف الذى كان بين قوسين أو أدنى.
ويبتلى العالم أجمع بفيروس كورونا الذى يأتي في توقيت مذهل للجميع سواء الغرب أو الشرق وباتت الدول الكبرى تعانى بصورة متسارعة من آثار انتشار الفيروس مما أدى الى غلق الحدود وعزل المدن وأصبح كل شيىء ممنوع الدخول أو الخروج.
أو كما قال فضيلة الامام الأكبر شيخ الجامع الأزهر جرثومة تعيد تنظيم الكرة الأرضية، الأولويات ،الأشخاص، الاقتصاد، دول ستنتهى، دول ستقوم ،أقوياء يهزموا، ضعفاء سينتصروا، علوم وتكنولوجيا تعجز، والإرادة الإلهية تعطى الدرس ،سبحان الله لا يعلم جنود ربك الا هو.
هل جاء هذا الفيروس في ذلك التوقيت ليذكرنا كما قال بيل جيتس أننا جميعاً متساوون، بغض النظر عن ثقافتنا أو ديننا أو مهنتنا أو وضعنا المالي أو مقدار شهرتنا. هذا المرض يعاملنا جميعاً على قدم المساواة، ربما يجب علينا أن نفعل نفس الشيء أيضاً.
إنه يذكرنا بأن الحدود الزائفة التي وضعناها أو بمعنى أدق وضعها الاستعمار في وقت ما لهدف ما وحينما أراد أن يزيلها جاء الفيروس ليؤكد أنه ليس لها قيمة تُذكر لأن هذا الڤيروس لا يحتاج إلى جواز سفر.
هل جاء هذا الفيروس في ذلك التوقيت ليذكرنا بأننا وبالرغم من التقدم المذهل في كافة مجالات الحياة والثورة التكنولوجية خاصة في المجال الطبي الا أننا أخذنا الجانب السيئ من التكنولوجيا ودمرنا الطبيعة عن عمد بالتجارب النووية والانبعاثات الحرارية وأصبح لدى الأغنياء قناعة بأنهم بأموالهم يستطيعون أن يحصلوا على أي شيئ حتى لو أدى ذلك الى تدمير للطبيعة والبشر (الرأسمالية المتوحشة).
هل جاء هذا الفيروس في ذلك التوقيت ليذكرنا بأن الأخلاق والقيم التي ذكرها المولى عز وجل في جميع كتبه السماوية انعدمت وأصبح مجتمعنا مادياً وانهارت المنظومة الأسرية التي هي في الأصل قوام هذا المجتمع وأن الله خلقنا لنعمر هذه الأرض من خلال التعاون بيننا سواء كأفراد أو جماعات.
هل جاء هذا الفيروس في ذلك التوقيت ليذكرنا بأن مهما وصلنا من تقدم تكنولوجى وعلمى في شتى المجالات ليس له قيمة اذا لم يشمله تقدم للعلاقات الإنسانية وأن نراعى الآخرين الذين يموتون من الجوع أو البرد أو من العوادم أو من السرطانات نتيجة التجارب البيولوجية المتنوعة.
هل جاء هذا الفيروس في ذلك التوقيت ليذكرنا بأن نعود الى الله ونراجع أنفسنا قبل فوات الأوان ونتعلم من أخطائنا ولا نكررها ونعود الى الله ونعطى لكل ذي حق حقه ونتوب توبة صادقة لعل الله ان يتقبل منا.
هل جاء هذا الفيروس في ذلك التوقيت ليذكرنا بأن العودة الى الطبيعة هي الأفضل وذلك لايعنى أننا لا نستخدم التكنولوجيا ولكن لابد وأن يكون معلوما للجميع الآثار الجانبية لهذه التكنولوجيا حتى نتجنبها.
هل جاء هذا الفيروس في ذلك التوقيت ليذكرنا بأنه لا توجد دولة كبيرة ودولة صغيرة، ولكن هناك انسان خلقه الله له حقوق وعليه واجبات وأننا جميعا سواء.
كما قال المولى عز وجل في كتابه الكريم (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير).
هل جاء هذا الفيروس في ذلك التوقيت ليذكرن