حكاية بطل مصري خدع إسرائيل بـ”الشفرة النوبية”
يحتفل شعب مصر والقوات المسلحة المصرية بالذكرى الـ49 لنصر أكتوبر، إحدى ملاحم البطولة التي سطرها الجيش المصري بقيادة الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
ونجح السادات في خداع العدو على جبهات مختلفة بخطة محكمة، وبالرغم من مرور كل هذه السنوات تبقى هناك العديد من الحكايات لأبطال ظل خالدين في ذاكرة المصريين في هذه المناسبة، وبينهم أحمد إدريس صاحب فكرة الشفرة النوبية في حرب أكتوبر.
“كانت هناك أزمة حقيقة يعاني منها الجيش المصري، خصوصا في ظل قدرة العدو الإسرائيلي، على فك الشفرات المصرية، ومن هنا كانت الحاجة إلى استخدام اللغة النوبية في إرسال واستقبال التعليمات بين القوات المصرية والقادة فيما بينهم، والتي لا تجيدها إسرائيل، وهي لهجة غير مكتوبة، فإذا تم الإرسال والاستقبال بالنوبية، فلن يكون هناك أي مجال لفك الشفرة، وذلك حسبما يروي أحمد إدريس، صاحب فكرة الشفرة النوبية، واستخدامها في حرب أكتوبر عام 1973”.
ويضيف إدريس خلال تصريحات تليفزيونية سابقة له، “تصادف حضوري، وأنا رقيب في الجيش، مع نقاش حول مشكلة المساعي الإسرائيلية لفك الشفرات المصرية، فتدخلت بالقول إن الحل بسيط، وهو استخدام اللغة النوبية”.
والنوبية هي لغة قبائل النوبة التي تنتشر بصفة رئيسية في مصر والسودان بالإضافة إلى عدة دول إفريقية، وهي لهجة للحديث لكنها لا تكتب ولا تقرأ، وتمتد جذورها إلى آلاف السنين كما تعد من أقدم اللغات على الأرض.
وفوجئ إدريس بعد الاقتراح بأيام بحضور قائد اللواء، ومعه نقيب وحارس، حيث استدعوه ومعهم كلابشات تم وضعها في يديه، وألقوا القبض عليه، واتجهوا به من أبو صوير بالإسماعيلية إلى مبنى رسمي لا يعرفه، اتضح لاحقا أنه مبنى رئاسة الجمهورية، حيث تركوه لمدة ساعة ونصف الساعة، كانت بالنسبة له بمثابة ثلاث سنوات.
وبعدها ظهر الرئيس أنور السادات، حيث ربت على كتفه طالبا منه الهدوء والجلوس، موضحا له أن السبب في وضع الكلابشات في يديه هو التمويه.
وأفاد إدريس بأن السادات بوصفه في الأصل ضابط إشارة، فهم فكرة الشفرة النوبية ببساطة ويسر، وأنه بعد انتهاء إدريس من شرح الفكرة، رد السادات باقتضاب خلاص “حأمشّي كلامك وأنفّذ فكرتك”، طالبا منه أن يخفي الفكرة حتى عن أقرب الناس إليه، ومهددا بأنه حال تسرب الفكرة فسيعتبره المسؤول الأول، وسيضربه بالنار.
وتوفي أحمد إدريس يوم 21 سبتمبر لعام 2021 بمحافظة الإسكندرية، عن عمر ناهز 84 عاما، وذلك بعد تدهور حالته الصحية، خلال الأيام الأخيرة قبل وفاته.