ثقافة وفن

أوتار السمسمية وقصص الفداء

بقلم / عبدالله مهدى

فرقة ” أولاد الأرض ” ، غردت على أوتار السمسمية ، معبرة عم يود الوجدان الجمعى للمصريين قوله .، فعندما انتقل عبدالناصر إلى ربه ، وتولى السادات قيادة مصر ، حلت على المجتمع المصرى والعربى حالة من الرمادية المقلقة لكل الوطنيين وبخاصة الحركة الطلابية فى بداية السبعينيات ، حيث شعروا بحالة من التراجع عن مواجهة العدوان الصهيونى ، فتجلت نغمات السمسمية فى بلاد المهجرين معبأة الوجدان الجمعى للحرب ، وموجهة انتقادات لاذعة لسياسات السادات فجاءت أغنية ( جلا جلا عام ١٩٧١ م نقدا فاضحا لسياسات الدولة وقائدها :-

 

( جلا جلا / شايل شنطة فى باطه / تقول حاضن مراته / كله حركات وحياته / كذب وتزوير ودنجلة / يقعد يخطب بالساعة / كذاب زي الإذاعة / فى كل كلمة إشاعة / زى الغراب فى الحنجلة ….) .

 

 

التعبير عن وجدان الجماعة الشعبية ، والتعبير عن ٱلامها وٱمالها ، وتسجيل تنديدها بأشكال الفساد ورواده ، فعلته فرقة ( أولاد الأرض ) حينما استدعت فى أغنيتها ( يا هباب ) أحد أعضاء البرلمان ( ١٩٦٩ — ١٩٧٠ م ) ونددت بفساده وغبائه مغردة :–
( يا هباب / سبحان العاطى الوهاب / يعطينا ويعطيك يا هباب / من غير ما تكافح وتناضل / ولا تعرف عن إيه بتناضل / مع إنك غبى وبهيم / مكتوبلك فى الغيب يا لئيم / أمانه ورئاسة للمجلس / كرسي وعلى كرسي تمجلس / وتلهف ميه وثمانين / وتخلى عيشتنا هباب … ) .

 

 

وواصلت فرقة ( أولاد الأرض ) نقدها اللاذع ، لحالة التراجع والانحطاط الذى أصاب أغلب الأفلام والأغانى ، وهو ما فسر من جانبهم بأنه يهدف لتشتيت أبناء الأمة وإلهائهم عن النضال والحرب من أجل إرجاع الأرض والعرض فعلى أوتار السمسمية غنى المستبقيين فى أوائل عام ١٩٧٣ م :–
( خلى بالك من زيزو / وإحكى حكاية مرمر / واللى يجيب سيرة الخلاص / من بوزه يتجرجر / مدد يا ست إمتثال / يا أم التاريخ الهالي جال / إيه يعني / ما فى داهيه الرجال / وفى داهيه سينا والقنال / إيه دخلكم ؟! ما الحال عال !! / والأمركان عاسقين بوزو / عمار يا مصر بحسهم ، والكباريهات ووسطهم / وصحافة خايبه تحسهم / وتحكى عنهم ظرفهم / وليه يا فقر تغمهم / دي الكورة لسه مع زيزو … )

 

 

لاحظ كم ما ذكر فى الأغنية من أفلام تلك الفترة ، التى تجنح جميعها للملهاة وشغل الرأى العام بعيدا عن قضية التحرير ، بالإضافة لدور كرة القدم فى تنفيذ هذا المخطط ، ولذلك تجلى ” زيزو ” فى الأغنية بكورته ….
وحينما اتجهت القوات الإسرائيلية ناحية السويس فيما سمى بالثغرة إبان معركة التحرير ٢٩٧٣ م ، وعلم المستبقيين باقتراب جيش العدو من المدينة ، قاموا بالتعبئة والاستعداد لمواجهته ، وتسلحوا بأسلحة مخازن مشارح مستشفى السويس ” أسلحة جنود الجيش الذين دفنوا فى السويس ” ، وواجهوا العدو عند قسم الأربعين من يوم ٢٤ إلى ٢٦ أكتوبر ١٩٧٣ م ، وقد أدت بسالة الفدائيين ، إلى تراجع مدرعات العدو خارج حدود مدينة السويس ، وحصارها فيما عرف بحرب ( المئة يوم ) من ٢٤ أكتوبر ١٩٧٣ م إلى ١ من فبراير عام ١٩٧٤ م ،وفى أواخر يناير ١٩٧٤ م وقف الفدائيين قرب قوات المراقبين الدوليين ، وهم يعاينون الحدود قرب ترعة المغربى ليرسموها حسب خرائطهم ، وبقى الفدائيين ليكافحوا حفاظا على مدينتهم بدمائهم .

 

 

وقد تسرب لهؤلاء الفدائيين قلق مبرر ، بألا يسمع أحد صوتهم أو سيرتهم وسط زعيق المعركة الكبرى ( معركة الجيش والنصر العظيم ) ولذلك كانت أغنيتهم ( خلديهم يا بلدنا ) والتى سطرت تخليدا لشهداء معركة السويس فعلى أوتار السمسمية غردوا :–
( خلديهم يا بلدنا / لما نصرك يبقى عيد / على محرم ابن قلبك / مصطفى وأخوه سعيد / خلديهم يا بلدنا / وإيدى منهم نور صباحك / خلدوكى هما قبله لجل ما تعودي لبراحك / إبراهيم سليمان وأشرف / أحمد أبو هاشم فى أشرف / ملحمة والمولى حافظ / ندهتك فايز وحافظ / والسويس ٱذان ومدنى / خلديهم يا بلدنا … ) .

 

 

لاحظوا كم الأسماء الواردة فى الأغنية وكلها أسماء حقيقية لفدائيين قدموا أرواحهم من أجل أن تبقى مصر عزيزة شامخة …. كل التحية لأرواح شهدائنا الخالدة .

 

 

ِِAKmal ELnashar

صحفي وكاتب مصري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights