حقوق العمال والنقابات والمظاهرات العمالية فى الحضارة المصرية
كتب دكتور/ ياسر أيوب ثابت
إلى أبناء الوطن، إلى بناة الوطن أنتم من صنعتهم هذا الوطن بجماله وقدره، فأنتم ذخر هذا الوطن .. نهنئكم فى عيدكم، لولاكم لما كان وطننا بهذا الجمال والتطور، حفظكم الله .. وكل عام وأنتم صناع النجاح .
تحتفل مصر بعيد العمال فى 1 مايو من كل عام ، فيستعيد عمال مصر ذكرى وصورا من تاريخ نضالهم منذ فجر التاريخ ، حيث تروى كتب المصريات، أن العمال كانوا المصدر الأول لقوة مصر القديمة، وأن إقامة السدود، وشق القنوات، وتشييد المعابد، وبناء الأهرامات، كانت تحتاج للآلاف من الأيدى العاملة .
وكان لعمال مصر القديمة، مقابرهم أسوة بالملوك والنبلاء، كما فى الأقصر ومنف وأبيدوس، وكان أصحاب المهن فى حياة الرخاء من العيش، ولكن الصائغة والنحاتين كانوا الأكثر أذهارا ، ” وكان قادة نقاباتهما من أسمى الموظفين الحكوميين فى الدولة “.
وبحسب نصوص وردت بكتاب معجم الحضارة المصرية القديمة، والذى ألفه مجموعة من علماء المصريات الأجانب، فإنه يمكن القول إن مصر القديمة عرفت النقابات والاتحادات العمالية قبيل 3183 عاما.
كما عرفوا عمال مصر القديمة، تنظيم الاحتجاجات والتظاهرات العمالية، قبل أن يعرفها العالم أجمع، وذلك كما جرى بقرية دير المدينة، فى غرب مدينة الأقصر، سنة 1165 قبل الميلاد، حين أضرب العمال الذين يعملون في إقامة المقابر والمعابد عن العمل، وخرجوا في مظاهرات، أمام قصر كاتب الفرعون ووزيره، احتجاجا على بطء الإدارة فى صرف أجورهم، وقالوا للملك رمسيس الثالث ” عرشك بدأ يهتز”.
وقال المتظاهرون، حين وصلوا لأسوار القصر : ” لقد ساقنا إلى هنا الجوع والظمأ … ليس لدينا ثياب ولا دهن ولاسمك ولا خضراوات ”
وكشفت كتب المصريات، أن أول تحقيق جرى مع مسئول بالدولة بتهمة استغلال العمال جرى فى مصر القديمة، حيث جرت أول محاكمة لأحد النبلاء بعد اتهامه باستغلال من يعلون تحت إدارته فى أعمال خاصة.
أن أول نقابة للعمال فى التاريخ، جرى إنشاؤها بمدينة العمال فى الأقصر، فى عهد الملك رمسيس الثالث، وأن تلك المدينة تعد بمثابة “منجم ” من المعلومات عن العمل والعمال فى مصر القديمة.
بحسب ما ورد من النصوص إن العمل والعمال، جرى التعبير عنهما بكلمتي ” كا ” و” كات ” حيث كان يوصف العامل بالأخ، فالعامل فى مصر القديمة أخُ لكل أفراد المجتمع.
المدارس فى مصر القديمة، كانت تحث الطلاب على العمل، والاجتهاد، وأن صور ونقوش المقابر والمعابد تصور الحاكم والفرعون، في صورة العامل الأول، حيث كان يقوم الملك بالحفر لشق القنوات المائية ، وحصد بشائر القمح، وتهيئة أرض المعبد قبل الشروع فى بنائه، ووضع أول طوبة فى أساس المعبد .