نواب البرلمان يحذرون: تأجيل قانون الإيجار القديم يُشعل النزاعات ويهدد العدالة الاجتماعية

لا تزال أزمة الإيجار القديم تلقي بظلالها على الساحة التشريعية والمجتمعية في مصر، وسط تحذيرات متزايدة من نواب البرلمان من خطورة تأجيل إصدار القانون الجديد المنظم للعلاقة بين المالك والمستأجر.
النواب: التأجيل يضر الجميع ويؤجج النزاعات
النائب محمود منصور أكد في تصريحات لموقع صدى البلد أن الاستمرار في تأجيل مناقشة القانون لا يصب في مصلحة أي طرف، بل يتسبب في تفاقم النزاعات بين الملاك والمستأجرين، ويدفع بساحات القضاء إلى مزيد من التكدس بالقضايا المعقدة، ما يرهق منظومة العدالة ويؤخر الفصل في حقوق المواطنين.
وأضاف منصور أن احترام أحكام المحكمة الدستورية أمر واجب لا جدال فيه، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الواقع مليء بالتعقيدات، وأن تضارب المصالح بين الطرفين يجعل الوصول إلى قانون متوازن مهمة صعبة لكنها ضرورية.
دعوة لصياغة قانون عادل ومتوازن
وقال النائب: “تأجيل مناقشة الملف قد يُريح البعض مؤقتًا، لكنه يُضعف دور البرلمان في أداء مسؤولياته. نحن بحاجة إلى قانون يعيد التوازن لعلاقة ظلت لعقود طويلة محكومة بمنطق غير عادل”.
وأشار إلى أن مشروع القانون المرتقب يجب أن يعالج الخلل القائم، وأن يكون منصفًا وعادلاً، دون أن يُلقي العبء الكامل على طرف دون الآخر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
رفض مقترح طرد المستأجرين بعد 5 سنوات
وتطرق منصور إلى بعض المقترحات التي تم تداولها مؤخرًا، ومن بينها منح فترة انتقالية للمستأجرين لا تتجاوز 5 سنوات، ليتم بعدها إخلاء الوحدة، مؤكدًا رفضه لهذا الطرح بشكل قاطع، لأنه يمثل قسوة اجتماعية غير مبررة، وظلمًا لفئات واسعة من المواطنين، لا تملك بدائل سكنية مناسبة.
420 ألف وحدة مغلقة في مصر
كما أشار النائب إلى وجود ما يقرب من 420 ألف وحدة سكنية مغلقة، 95% من أصحابها لا يستخدمونها ولا يحتاجونها، بينما تنفق الدولة مليارات الجنيهات على مشروعات إسكان جديدة.
واعتبر أن هذه المفارقة يجب أن تدفع نحو الإسراع في إصدار قانون يعيد توظيف هذه الوحدات لصالح المجتمع.
وأكد على أهمية توافر قاعدة بيانات دقيقة تشمل عمر العقارات، وتاريخ العقود، وطبيعة العلاقة الإيجارية، من أجل وضع تشريع يستند إلى معطيات واضحة ويحقق العدالة للطرفين.
الفيومي: التأخير يُعقّد الوضع ويُرهق القضاء
من جانبه، حذر الدكتور محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، من أن استمرار التأخر في إصدار تعديلات قانون الإيجار القديم سيؤدي إلى لجوء عدد متزايد من الملاك إلى القضاء، ما قد يسفر عن أحكام بزيادة الإيجارات أو إنهاء العقود، مما يخلق حالة من الارتباك القانوني والاجتماعي.
وأكد الفيومي أن البرلمان يسعى إلى صيغة توافقية عادلة تراعي مصلحة الطرفين، وتجنب وقوع صدام مجتمعي، مشيرًا إلى أن اللجنة مستمرة في دراسة المقترحات المقدمة من مختلف الجهات، من خلال جلسات استماع موسعة مع خبراء وممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني.
التعديلات تراعي البعد الاجتماعي والحكومة ملزمة بالسكن البديل
وشدد الفيومي على أن الحكومة ملزمة دستوريًا بتوفير سكن بديل للمواطنين المتضررين من تعديل القانون، مؤكدًا أن أي تشريع جديد يجب أن يراعي البُعد الاجتماعي، وألا يؤدي إلى صدمة أو تشريد الأسر التي تعتمد على هذه الوحدات في معيشتها.
ختامًا
تبقى أزمة الإيجار القديم واحدة من أكثر الملفات الشائكة على طاولة البرلمان، وبين مطالبات الملاك بتعديل قانون يرونه مجحفًا، ومخاوف المستأجرين من فقدان مساكنهم، يقف المشرّع أمام مسؤولية وطنية لإيجاد حل متوازن، عادل، وإنساني.