محافظاتسلايدر

الكشف الطبي للتلاميذ في العاشر من رمضان بين الأهمية الطبية والإهانة الإدارية

العاشر من رمضان ـ محمد البقري

لا شك ان الكشف الطبي للتلاميذ عند التحاقهم بالمراحل التعليمية المختلفة يعد خطوة اساسية في تقييم الحالة الصحية للطفل قبل دخوله المدرسة وهو اجراء غايته الاطمئنان على صحة ابنائنا وضمان بيئة تعليمية امنة وسليمة المفترض ان يتم هذا الكشف في مناخ ادمي منظم يحترم وقت وكرامة ولي الامر والطفل على حد سواء ويحقق الهدف الصحي الحقيقي منه ولكن ما يحدث على ارض الواقع في مدينة العاشر من رمضان لا يمت لهذا التصور بصلة بل اصبح هذا الكشف شكليا مفرغا من مضمونه وتحول الى ورقة ادارية تضاف الى الملف لا اكثر.

مع بداية كل موسم دراسي تبدأ المعاناة المعتادة حيث يتوافد مئات من اولياء الامور والتلاميذ الى مستشفي التامين الصحي الوحيد بالمدينة في مشهد مؤلم يتكرر كل عام دون اي بوادر لحل او تغيير زحام شديد طوابير طويلة اطفال صغار مرهقون اولياء امور تركوا اعمالهم وسافروا من اماكن بعيدة على امل انجاز هذا الاجراء في دقائق ليفاجأوا بواقع مختلف تماما الممرات ممتلئة اماكن الانتظار شبه معدومة الاجراءات بطيئة ولا احد يوجه او ينظم او يشرح كل شيء عشوائي ومجهد وكان الهدف هو التعطيل لا التيسير.

 

ورغم بساطة الفكرة الا ان التنفيذ على الارض يجعل من الكشف الطبي مأساة حقيقية لا فحص دقيق ولا تقييم حقيقي لصحة الطالب بل في كثير من الاحيان لا يتجاوز الامر سوى توقيع وختم على استمارة دون النظر الى الحالة الطبية للطفل هنا يفقد الاجراء جوهره ويتحول من خطوة صحية الى عبء اداري لا يقدم اي فائدة بل يضيف اعباء جديدة على الاسر في وقت عصيب ولي الامر لا يعاني فقط من الزحام والاهانة بل يتحمل مصاريف انتقالات وتعطيل عن العمل وضغط نفسي غير مبرر.

المؤسف في الامر ان هناك اكثر من جهة يفترض ان تتحمل مسؤولية ما يحدث ولكن لا احد يتحرك التامين الصحي يلقي بالعبء على قلة الموارد والتربية والتعليم تتمسك بالاجراء دون مراعاة للاثار الجانبية ومجلس الامناء غائب تماما عن المشهد وكان اولياء الامور لا صوت لهم ولا من يمثلهم اما رجال العمل العام والنواب فيلتزمون الصمت رغم ان هذه القضايا هي لب هموم الناس الحقيقية لا مجرد شعارات انتخابية.

في مدينة بحجم العاشر من رمضان من غير المقبول ان يستمر هذا المشهد عاما بعد عام دون تدخل او تطوير الحل ليس مستحيلا بل بسيط للغاية ويتطلب فقط ارادة للتغيير وتعاونا حقيقيا بين الجهات المعنية لماذا لا يتم توزيع الفرق الطبية على المدارس ولماذا لا يتم التنسيق بين ادارة التعليم والتامين الصحي لتقسيم المراحل العمرية على ايام محددة ولماذا لا يتحول الكشف الطبي الى اجراء يتم داخل المدارس تحت اشراف الزائرات الصحيات او يتم الكترونيا لمن لا تستدعي حالته الحضور.

ما يحدث الان لا يصب في مصلحة احد الاطفال يتعرضون للزحام والضغط والاسر تتكبد معاناة لا داعي لها والنظام نفسه يفقد احترامه وقيمته ان استمرار هذه الفوضى يبعث برسالة سلبية للناس مفادها ان كرامتهم لا تهم وان راحتهم ليست اولوية بينما في الحقيقة صحة الطفل وكرامة ولي امره يجب ان تكون في صدارة كل القرارات والاجراءات.

لقد آن الاوان للتحرك الجاد ليس من اجل الاوراق بل من اجل الاطفال ليس من اجل استيفاء ملف بل من اجل انسانيتنا فهل من مسؤول يسمع وهل من جهة تتحرك قبل ان نفاجأ بازمات اكبر لا يمكن تداركها.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights