
برعاية شيخ الأزهر.. انطلاق “المشروع القرآني الصيفي” لتحفيظ القرآن للنشء في جميع أنحاء مصر
في مبادرة تهدف إلى استثمار عقول وقلوب النشء خلال الإجازة الصيفية، أشاد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، بانطلاق “المشروع القرآني الصيفي” للعام الثالث على التوالي. أكد الضويني أن هذا المشروع المبارك يأتي بتوجيهات ورعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ليجسد الدور التاريخي للأزهر في خدمة كتاب الله ونشر تعاليمه السمحة بين الأجيال الجديدة.
لا يمثل هذا المشروع مجرد برنامج تحفيظ تقليدي، بل هو رؤية استراتيجية لبناء شخصية الطفل المسلم، وربطه بكتاب ربه، وترسيخ القيم الدينية والأخلاقية في نفسه في مرحلة عمرية حاسمة. في هذا التقرير، نستعرض أبعاد المشروع، أهدافه، وكيف يعمل الأزهر من خلاله على حماية الهوية الإسلامية للنشء في جميع أنحاء الجمهورية.
رسالة وكيل الأزهر: بناء أجيال مرتبطة بالقرآن 📖
عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، وجه الدكتور محمد الضويني رسالة واضحة حول فلسفة المشروع وأهدافه. أوضح وكيل الأزهر أن المشروع القرآني الصيفي يهدف في المقام الأول إلى “إتاحة الفرصة لأبنائنا وبناتنا للنهل من معين القرآن الكريم خلال فترة الإجازة الصيفية”.
وأشار إلى أن هذا الاستثمار في وقت فراغ الطلاب لا يقتصر على مجرد الحفظ، بل يمتد لتحقيق أهداف أعمق وأشمل، منها:
- بناء علاقة وثيقة مع القرآن: تحويل العلاقة مع القرآن من مجرد مقرر دراسي إلى علاقة حب وفهم وتدبر تصاحب الطفل طوال حياته.
- ترسيخ القيم الأخلاقية: استخدام تعاليم القرآن الكريم لترسيخ المبادئ الأخلاقية السامية مثل الصدق، الأمانة، احترام الآخر، والبر بالوالدين في نفوس النشء.
- حماية الهوية: في زمن تتلاطم فيه الأفكار والثقافات، يأتي هذا المشروع ليكون حصنًا منيعًا يحمي هوية الأطفال الدينية والثقافية.
“أدعو الله أن يديم أبناءنا وبناتنا من أهل القرآن وخاصته.” – الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف
محوران أساسيان لنجاح المشروع: “احفظ مقررك” و”عشرة آلاف خاتم” 🎯
لضمان الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الطلاب وتحقيق أقصى استفادة، يتم تنفيذ المشروع القرآني الصيفي عبر محورين متكاملين يعملان بالتوازي في جميع أنحاء الجمهورية:
- المحور الأول: “احفظ مقررك”
- المكان: يتم تنفيذه داخل المعاهد الأزهرية المنتشرة في كل المدن والقرى.
- الآلية: يخصص ثلاثة أيام أسبوعيًا لمراجعة وتحفيظ المقرر القرآني الخاص بكل مرحلة دراسية، مما يساعد الطلاب على الاستعداد للعام الدراسي الجديد بأساس قرآني متين.
- المحور الثاني: “عشرة آلاف خاتم”
- المكان: يتم تنفيذه في مكاتب التحفيظ الأهلية المعتمدة والخاضعة لإشراف الأزهر الشريف.
- الهدف: يهدف هذا المحور الطموح إلى تشجيع الطلاب على ختم القرآن الكريم كاملاً، بهدف الوصول إلى عشرة آلاف خاتم للقرآن بنهاية المشروع.
هذا التقسيم يضمن أن المشروع لا يخدم طلاب الأزهر فقط، بل يفتح أبوابه لجميع أبناء مصر الراغبين في حفظ كتاب الله، مما يعكس عالمية رسالة الأزهر الشريف.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المبادرات لا تقتصر على الجانب الروحي فقط، بل لها أبعاد تربوية واجتماعية هامة. فالطالب الذي ينشأ على حفظ القرآن الكريم وتدبر معانيه، يكتسب مهارات لغوية متقدمة، وقدرة على التركيز، فضلاً عن تمتعه بشخصية متزنة وهادئة، مما يجعله عنصرًا فاعلاً وإيجابيًا في مجتمعه وأسرته.
لم يفت وكيل الأزهر أن يوجه الشكر والتقدير لجميع القائمين على هذا العمل المبارك. فقد خص بالشكر قطاع المعاهد الأزهرية والإدارة العامة لشؤون القرآن الكريم، مشيدًا بجهودهم المخلصة في الإشراف على المشروع وتنفيذه.
وأكد أن نجاح مثل هذه المبادرات يعتمد بشكل أساسي على المتابعة الدقيقة والتقييم المستمر، وهو ما تقوم به إدارات شؤون القرآن الكريم في مختلف المناطق الأزهرية، من خلال متابعة التلاميذ، تقييم مستوياتهم، وقياس مدى استفادتهم لضمان تحقيق المشروع لأهدافه المرجوة.
خاتمة: الأزهر.. حصن القرآن وحامي الهوية
في النهاية، يأتي المشروع القرآني الصيفي ليؤكد من جديد على أن الأزهر الشريف سيظل دائمًا الحصن الحصين للقرآن الكريم واللغة العربية، والمنارة التي تهتدي بها الأجيال للحفاظ على هويتها الدينية والثقافية. إن الاستثمار في النشء هو أفضل استثمار للمستقبل، وهذا المشروع هو خير دليل على أن الأزهر يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ويعمل بكل جد وإخلاص لأداء رسالته السامية التي استمرت لأكثر من ألف عام.