الصحةسلايدر

القاتل الصامت له سبب خفي: دراسة تحذر من تجاهل الأطباء لهرمون يرفع ضغط الدم

ارتفاع ضغط الدم الكشف عن السبب الهرموني الخفي وراء القاتل الصامت الذي يتجاهله الأطباء

لطالما عُرف ارتفاع ضغط الدم بـ”القاتل الصامت”، فهو يتسلل إلى الجسم دون أعراض واضحة في كثير من الأحيان، ممهدًا الطريق لمضاعفات صحية كارثية. لكن ماذا لو كان هناك سبب شائع ومحدد لهذا القاتل يتم تجاهله بشكل روتيني في العيادات الطبية؟ هذا ما كشفته دراسة حديثة ومقلقة، حيث حذرت من أن الأطباء غالبًا ما يتغاضون عن سبب هرموني شائع يمكن علاجه، وهو ما يعرض ملايين المرضى لخطر متزايد للإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية.

الدراسة، التي نُشرت في مجلة “الغدد الصماء السريرية والتمثيل الغذائي”، تسلط الضوء على حالة تُعرف باسم “فرط الألدوستيرونية الأولية”، والتي قد تكون مسؤولة عن نسبة كبيرة من حالات ارتفاع ضغط الدم التي يُعتقد خطأً أنها بلا سبب معروف.

التشخيص الدقيق هو الخطوة الأولى لتجنب مضاعفات ارتفاع ضغط الدم.

ما هو “فرط الألدوستيرونية الأولية” وما علاقته بضغط الدم؟

لفهم المشكلة، يجب أن نتعرف أولاً على هرمون “الألدوستيرون”. هذا الهرمون يتم إنتاجه بواسطة الغدتين الكظريتين (الواقعتين فوق الكليتين)، ويلعب دورًا حيويًا في تنظيم توازن الأملاح والسوائل في الجسم. بشكل طبيعي، يساعد الألدوستيرون الجسم على الاحتفاظ بالصوديوم وإخراج البوتاسيوم، مما يحافظ على استقرار ضغط الدم.

تحدث حالة “فرط الألدوستيرونية الأولية” عندما تنتج إحدى الغدتين الكظريتين أو كلتاهما كميات مفرطة من هذا الهرمون. هذا الإنتاج الزائد يؤدي إلى خلل كبير؛ حيث يجبر الجسم على حبس كميات كبيرة من الصوديوم والماء، وفي المقابل يفقد كميات كبيرة من البوتاسيوم. النتيجة الحتمية لهذه المعادلة هي ارتفاع حاد ومستمر في ضغط الدم، والذي يكون غالبًا مقاومًا للأدوية التقليدية.

لماذا يتم تجاهل هذا التشخيص المهم؟

أشارت الدراسة إلى أن ما يقارب 30% من مرضى ارتفاع ضغط الدم الذين يزورون أخصائيي القلب قد يعانون من هذه الحالة الهرمونية. على الرغم من هذه النسبة المرتفعة، فإن الغالبية العظمى من هؤلاء المرضى لا يخضعون أبدًا لفحص الدم البسيط وغير المكلف الذي يمكنه الكشف عن مستويات الألدوستيرون. قد يعود السبب إلى أن الكثير من الأطباء يعتبرون “ارتفاع ضغط الدم الأساسي” (أي الذي ليس له سبب واضح) هو التشخيص الافتراضي، دون البحث عن مسببات أعمق، خاصة إذا لم تكن هناك أعراض أخرى.

عدم علاج السبب الحقيقي لارتفاع ضغط الدم يضاعف من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية.

مخاطر تتجاوز مجرد أرقام على جهاز القياس

إن خطورة تجاهل تشخيص “فرط الألدوستيرونية الأولية” لا تكمن فقط في ارتفاع ضغط الدم بحد ذاته، بل في أن هذا الخلل الهرموني يلحق ضررًا مباشرًا بالأوعية الدموية والقلب. وأوضحت الدراسة أن المرضى المصابين بهذه الحالة يواجهون مخاطر أعلى بكثير مقارنة بمرضى ارتفاع الضغط العادي:

  • خطر الإصابة بالسكتة الدماغية يرتفع بمعدل 2.6 مرة.
  • خطر الإصابة بفشل القلب يتضاعف بمعدل مرتين.
  • خطر الإصابة بعدم انتظام ضربات القلب يرتفع بمعدل 3.5 مرات.
  • خطر الإصابة بأمراض القلب بشكل عام يزداد بنسبة 77%.

هذه الأرقام المفزعة تؤكد أن تحديد السبب الحقيقي وعلاجه ليس رفاهية، بل ضرورة قصوى لحماية المريض. يمكنك الاطلاع على معلومات شاملة حول مخاطر الأمراض القلبية عبر المصادر الموثوقة مثل منظمة الصحة العالمية.

الحل: فحص بسيط وعلاج موجه

توصي الإرشادات الجديدة التي قدمتها الدراسة بضرورة إجراء فحص مستويات هرمون الألدوستيرون لكل من يتم تشخيصه بارتفاع ضغط الدم، خاصة إذا كان من الصعب السيطرة عليه بالأدوية. في حال تأكيد التشخيص، يصبح العلاج أكثر فعالية لأنه يستهدف المشكلة من جذورها. يشمل العلاج عادةً أدوية محددة تعمل على إيقاف تأثير الألدوستيرون الزائد على الجسم. في بعض الحالات، إذا كان فرط الإنتاج ناتجًا عن ورم حميد في إحدى الغدتين الكظريتين، قد تكون الجراحة لإزالة هذه الغدة هي الحل الشافي.

إلى جانب العلاج الطبي، يُنصح المرضى باتباع نمط حياة صحي، وهو أمر حيوي لجميع مرضى الضغط. يمكنك إيجاد نصائح قيمة حول هذا الموضوع في مقالات الصحة العامة على موقع الدليل نيوز.

في الختام، يجب على كل مريض يعاني من ارتفاع ضغط الدم أن يكون شريكًا فعالًا في رعايته الصحية. لا تتردد في سؤال طبيبك بشكل مباشر: “هل يمكن أن يكون السبب هرمونيًا؟ وهل أجريت فحص الألدوستيرون؟”. سؤال بسيط قد يكون هو المفتاح لحياة أطول وأكثر صحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights