دنيا ودينسلايدر

من القاهرة.. خارطة طريق دولية لمواجهة الإسلاموفوبيا بقيادة رابطة العالم الإسلامي

من القاهرة.. خارطة طريق دولية لمواجهة الإسلاموفوبيا بقيادة رابطة العالم الإسلامي

في وقت تتصاعد فيه موجات الكراهية والتمييز ضد المسلمين في الغرب، استضافت العاصمة المصرية القاهرة مؤتمرًا دوليًا حاسمًا تحت عنوان **”مكافحة الإسلاموفوبيا”**، بتنظيم مشترك بين جامعة الدول العربية ومنظمة الإيسيسكو. لم يكن المؤتمر مجرد منصة لإدانة الظاهرة، بل كان ورشة عمل استراتيجية لوضع حلول عملية ومستدامة، برزت خلالها رؤية الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية، التي قدمها رئيسها، مهاجري زيان، والتي وضعت **رابطة العالم الإسلامي** في قلب المعركة الفكرية والحضارية ضد هذا التحدي العالمي.

في هذا المقال التحليلي، نستعرض أبرز ما جاء في المؤتمر، ونحلل كيف تحولت جهود مكافحة الإسلاموفوبيا من مجرد ردود أفعال متفرقة إلى مبادرات استراتيجية منظمة، ونستكشف خارطة الطريق المقترحة لبناء مستقبل قائم على التعايش والاحترام المتبادل.

رابطة العالم الإسلامي: نموذج حضاري في مواجهة الكراهية 🌍

كانت شهادة مهاجري زيان، رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية، بمثابة الكلمة المحورية في المؤتمر. فقد توقف مطولاً عند الدور الريادي الذي تلعبه رابطة العالم الإسلامي، بقيادة أمينها العام، معالي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى. اعتبر زيان أن الرابطة لم تعد مجرد منظمة دينية، بل تحولت إلى “نموذج حضاري متقدم في مواجهة الإسلاموفوبيا على المستوى الدولي”.

وأوضح أن نجاح الرابطة يكمن في قدرتها على الجمع بين ثلاثة أركان أساسية:

  1. الاعتدال الشرعي: تقديم فهم وسطي وعميق للإسلام، بعيدًا عن التشدد والتطرف الذي تستغله قوى الكراهية لتشويه صورة الدين.
  2. الانفتاح الثقافي: بناء حوار حقيقي مع مختلف الثقافات والحضارات، قائم على فهم الآخر واحترام خصوصياته.
  3. التواصل المؤسسي الحكيم: التعامل مع المؤسسات الدولية وصناع القرار في الغرب بلغة يفهمونها، بعيدًا عن الشعارات الانفعالية.

لقد استطاع الدكتور العيسى، بخطابه العقلاني وانفتاحه المسؤول، أن ينقل صورة الإسلام الحقيقية إلى العالم من قلب أهم المنابر الدولية، مثل البرلمان الأوروبي، ومقر الأمم المتحدة، وحتى في زيارته التاريخية إلى معسكر “أوشفيتز”، ليؤكد على أن قيم الإسلام تتناغم مع قيم الإنسانية جمعاء.

“الإسلاموفوبيا ليست صراعًا بين الإسلام وأوروبا، بل هي معركة بين قيم التعايش وقوى الإقصاء.” – مهاجري زيان، رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

من رد الفعل إلى المبادرة الاستراتيجية ♟️

أحد أهم التحولات التي أبرزها زيان هو نجاح رابطة العالم الإسلامي في تحويل مكافحة الإسلاموفوبيا من مجرد “ردود فعل” على حوادث متفرقة، إلى “مبادرات استراتيجية” استباقية. هذا التحول النوعي يعتمد على عدة محاور:

  • بناء التحالفات: تم بناء تحالفات غير مسبوقة مع قيادات دينية مسيحية ويهودية، وشخصيات فكرية مؤثرة في الغرب، مما خلق جبهة موحدة ضد خطاب الكراهية.
  • تقديم إسلام مندمج: تقديم الإسلام بصيغة عصرية تحاكي واقع المجتمعات الغربية، وتجيب على تساؤلاتها، وتؤكد على أن المسلمين جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي الأوروبي.
  • تأهيل الأئمة والدعاة: إطلاق برامج متخصصة لتأهيل الأئمة والدعاة العاملين في أوروبا، وتزويدهم بالأدوات الفكرية واللغوية اللازمة لمخاطبة مجتمعاتهم بفعالية.
  • مواجهة إعلامية مهنية: التصدي للكراهية الإعلامية بخطاب عقلاني، مهني، وقانوني، بدلاً من الانجرار إلى معارك انفعالية لا طائل منها.

هذه الجهود، كما أشار المتحدث، حظيت باحترام واسع النطاق وبدأت تؤثر فعليًا في سياسات بعض الدول ومؤسساتها تجاه الجاليات المسلمة.

توصيات عملية لمستقبل أفضل: خارطة طريق مقترحة 🗺️

لم تكن المداخلة مجرد عرض للإنجازات، بل اختتمت بمجموعة من التوصيات العملية التي تمثل خارطة طريق واضحة للمرحلة المقبلة. فتحت هذه التوصيات الباب أمام نقاش موسع بين الوفود المشاركة، ورسمت ملامح التعاون المستقبلي. أبرز هذه التوصيات:

  1. ميثاق استراتيجي مشترك: تعزيز التعاون بين المؤسسات الإسلامية في أوروبا ورابطة العالم الإسلامي لوضع ميثاق عمل موحد وشامل لمكافحة الإسلاموفوبيا.
  2. مرصد أوروبي دائم: إنشاء مرصد متخصص لرصد وتوثيق خطاب الكراهية والانتهاكات ضد المسلمين، وتقديم تقارير دورية لصناع القرار.
  3. تمكين الشباب المسلم: دعم وتمكين الشباب المسلم الأوروبي لاقتحام مجالات السياسة، الإعلام، والثقافة بروح إيجابية وفاعلة، ليكونوا هم أفضل سفراء لمجتمعاتهم.
  4. تطوير الخطاب الدعوي: العمل على تطوير الخطاب الديني ليكون قائمًا على قيم الاندماج الإيجابي والتعايش المشترك، بدلاً من الانغلاق والانفعال.

في الختام، أكد المشاركون أن مواجهة الإسلاموفوبيا ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي معركة فكرية وحضارية تتطلب تكاتف جميع القوى المؤمنة بالعدالة والكرامة الإنسانية. إن تحويل التحديات إلى فرص هو السبيل الوحيد لصناعة مستقبل يتجاوز الكراهية نحو شراكة إنسانية مستدامة، وهو ما سعى مؤتمر القاهرة إلى تحقيقه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights