
من هو بن غفير؟ “فتى التلال” الذي يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو ويرفض وقف الحرب
يظل موقف بن غفير من حل الدولتين هو العقبة الأكبر أمام أي جهود سلام في المنطقة. فوزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف لا يرفض التسوية فحسب…
النشأة في قلب التطرف: من هو بن غفير قبل السياسة؟
لم يظهر إيتمار بن غفير فجأة، بل هو نتاج عقود من الفكر الصهيوني الديني المتطرف. وُلد في القدس عام 1976 لعائلة من أصول عراقية وكردية. منذ سن مبكرة، انخرط في حركات اليمين المتطرف، وكان من أبرز أتباع الحاخام مائير كهانا، مؤسس حركة “كاخ” التي تم حظرها لاحقًا في إسرائيل والولايات المتحدة باعتبارها منظمة إرهابية، وهو ما يوضح الجذور الأيديولوجية التي شكلت شخصيته.
اشتهر بن غفير في شبابه بكونه “فتى التلال”، وهو مصطلح يطلق على المستوطنين الشباب المتطرفين الذين يقيمون بؤرًا استيطانية غير قانونية. كان دائم الظهور في وسائل الإعلام وهو يشارك في مواجهات مع الفلسطينيين. ومن أشهر حوادثه في تلك الفترة، ظهوره على التلفزيون عام 1995 وهو يحمل شعار سيارة رئيس الوزراء آنذاك، إسحاق رابين، قائلاً بتهديد: “وصلنا إلى سيارته، وسنصل إليه هو أيضًا”، وذلك قبل أسابيع قليلة من اغتيال رابين، مما جعله وجهاً معروفاً للتطرف حتى قبل دخوله عالم السياسة الرسمي.
بسبب سجله الحافل بالتحريض، رفض الجيش الإسرائيلي تجنيد بن غفير عند بلوغه سن الخدمة العسكرية، وهو أمر نادر الحدوث ويعكس مدى خطورة أفكاره في نظر المؤسسة الأمنية نفسها التي يرأسها اليوم.
إن فهم موقف بن غفير من حل الدولتين يساعدنا على تحليل مستقبل الصراع
الصعود السياسي: كيف وصل إيتمار بن غفير إلى السلطة؟
بعد رفض الجيش له، اتجه بن غفير لدراسة القانون، وأصبح محاميًا متخصصًا في الدفاع عن المستوطنين اليهود المتهمين بجرائم عنف ضد الفلسطينيين. هذه الخطوة منحته منصة قانونية وإعلامية للدفاع عن أيديولوجيته، وحولته من مجرد ناشط شارع إلى شخصية لها حضور سياسي.
استغل بن غفير حالة الاستقطاب السياسي في إسرائيل، ونجح في بناء قاعدة شعبية له بين أوساط المستوطنين واليمين الديني المتشدد. بعد عدة محاولات فاشلة، تمكن من دخول الكنيست بقوة بعد تشكيل تحالفات مع شخصيات يمينية متطرفة أخرى. كان صعوده الأكبر بعد انتخابات 2022، عندما أصبح حزبه “عوتسما يهوديت” (القوة اليهودية) مكونًا لا غنى عنه لتشكيل حكومة بنيامين نتنياهو، وفرض شروطه للحصول على حقيبة وزارة الأمن القومي، وهي من أهم الوزارات السيادية في إسرائيل.
موقف بن غفير من الحرب على غزة: ورقة الضغط على نتنياهو
منذ اليوم الأول للحرب على غزة، اتخذ **إيتمار بن غفير** الموقف الأكثر تشددًا. فهو لا يطالب فقط باستمرار الحرب، بل يدعو إلى إعادة احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه. أصبح هو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش يمثلان “جناح الرفض” داخل الحكومة الإسرائيلية لأي صفقة أو هدنة.
تهديداتهما بإسقاط الحكومة إذا وافق نتنياهو على وقف إطلاق النار ليست مجرد كلمات. يعلم نتنياهو جيدًا أن حكومته تعتمد بشكل كامل على دعم هذين الحزبين، وأن انسحابهما يعني انهيار الائتلاف فورًا، وهو ما يمنح بن غفير “حق الفيتو” عمليًا على أي قرار يتعلق بإنهاء الحرب. يمكنك متابعة المزيد عن آخر تطورات المشهد السياسي في إسرائيل.
خاتمة: هل تهديدات بن غفير حقيقية؟
السؤال الذي يطرحه المحللون الآن: إلى أي مدى يمكن لبن غفير أن يذهب في تطرفه؟ هل هو مستعد بالفعل لإسقاط الحكومة التي منحته كل هذه السلطة؟ الإجابة تكمن في تركيبة شخصية الرجل نفسه. فهو لم يأتِ إلى السياسة من أجل المناصب، بل من أجل تحقيق مشروع أيديولوجي. لذلك، من المرجح أنه لن يتردد في التضحية بالحكومة إذا شعر أن بقاءها يتعارض مع مبادئه. هذا ما يجعله اللاعب الأكثر خطورة في المشهد السياسي الإسرائيلي اليوم. يمكنك قراءة المزيد عن تاريخ حركة “كاخ” التي ينتمي إليها فكرياً على موسوعة ويكيبيديا.
هذا هو المشهد المعقد الذي يواجه المفاوضات حاليًا